أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون دعمه «عمل المحكمة الخاصة بلبنان في جهودها لكشف الحقيقة وإحقاق العدالة وإنهاء الهروب من القصاص». وقال بان في كلمة وجهها امس إلى مؤتمر «العدالة الجنائية الدولية - من المحاكم الخاصة إلى المحكمة الجنائية الدولية إلى المحكمة الخاصة بلبنان، تطور المقاضاة الجنائية الدولية» المنعقد في بيت مري، وتلاها الدكتور ايمن سلامة: «من خلال اعتماد قرار مجلس الأمن الدولي 1757، أسس مجلس الأمن المحكمة الخاصة بلبنان. ومثل العديد من المحاكم الدولية في لاهاي، كانت المحكمة الخاصة بلبنان تتابع سعيها لتحقيق العدالة في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري و22 آخرين. وهذه المحكمة مثل مثيلاتها في أماكن أخرى، لم تسلم من الجدال». وكان المؤتمر افتتح بكلمة للرئيس السابق لمجلس القضاء الأعلى اللبناني القاضي أنطوان خير، الذي تحدث عن المحاكم الدولية، وقال: «غني عن القول أنه إذا وصل الاتهام في الجرائم المعروضة على هذه المحاكم إلى حكام وسياسيين وأحزاب ومنظمات، تبدأ - بغية التنصل من العقوبات التي قد تتعرض لها - باتهام هذه المحاكم بالتسيُّس والتحيُّز، لقطع الطريق على المهمة المناطة بها». ثم تحدث نقيب المحامين في طرابلس بسام الداية عن المحاكم الجنائية الدولية، مؤكداً أنه «ربما لم تكن المنظومة اللبنانية القضائية العريقة بحاجة إلى محكمة دولية خاصة تحل محلها في جريمة اغتيال رجل الدولة الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه. ربما لم تكن تلك المنظومة، لو كانت الظروف سمحت لها بالتطور الطبيعي ومواكبة وسائل العصر، لكن الحرب الأهلية وعدم الاستقرار حالا دون حدوث ذلك التطور». وقال رئيس مجلس الدولة المصري سابقاً، والقاضي السابق في المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة محمد أمين المهدي، إن «المحاكم عموماً، أيا كانت طبيعتها، تتفق في قاسم مشترك، هو أن الجريمة لها هذا الطابع الدولي، أما القاسم المشترك الآخر، فهو طبيعة قضاة هذه المحكمة. وهذه المحكمة جميعها انسلخت وانفصلت عن الجهة التي أنشأتها، فقد تكون هذه الجهة جهازاً سياسياً، مجلس الأمن مثلاً». وتحدث المستشار القانوني الرئيسي للمدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية لرواندا محمد عياط، وقال: « في المحاكم الجنائية، نساهم في بلورة الضمير الحي للإنسانية. وهذا الدور يستحق منا كل الرعاية والحدْب، مهما بدا عطاء المحاكم الجنائية الدولية في المدى القصير متواضعاً وقابلاً للنقاش والجدل». شلبيان بعد ذلك، تحدثت مديرة منظمة «العدل بلا حدود» المحامية بريجيت شلبيان، عن السلام المستدام، وقالت: «المحكمة الجنائية الدولية (ICC) هي أحد أهم مظاهر العدالة الدولية خلال تطور القانون الدولي الإنساني، إذ لها صفة الديمومة والاستقلالية التي طبعت هذه المحكمة وميّزتها عن سابقاتها وأبعدتها عن التأثيرات والمصالح المتشعبة والضغوطات السياسية». وأشارت الى أنه في لبنان «عاثت الجريمة فساداً، وكان الضحية الأبرز المواطن العادي الضعيف الأعزل، وكل ذلك بسبب شيوع ثقافة اللاعقاب واللامساءلة، فهؤلاء يدركون أن أي أفعال يرتكبونها لن يحاسب الفاعلون عنها، وأن لا عقاب ينتظرهم وأن حياة الناس لا أهمية لها ولا تثير قلق المجتمع الدولي، على رغم خطورتها وفظاعتها. يضاف إلى ذلك ما شهدناه حديثاً من جرائم منظمة، كالاغتيالات والمقابر الجماعية والاختفاء القسري»، معتبرة أن «مسيرة إنهاء الإفلات من العقاب بدأت في لبنان بإنشاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وهي أول محكمة من نوعها، ليس فقط في لبنان بل في المنطقة العربية». وأشارت الى أنه «يتوجب على كل مؤسسات المجتمع المدني مراقبة عمل هذه المحكمة من قرب، والاطلاع على قراراتها ومدى مطابقتها للقوانين وللمنظومة الدولية، كما ومطابقة الواقع على القانون، وعلى ضوء ذلك تقويم عمل هذه المحكمة». كافران ثم تحدثت رئيسة قسم التواصل الخارجي في المحكمة الخاصة بلبنان أولغا كافران، فقالت: «ان قصة المحكمة الدولية بدأت في وقت أبكر بكثير من 14 شباط 2005 وعلى بعد آلاف الكيلومترات في مدينة صغيرة في ألمانيا تدعى نورمبرغ»، وأكدت أن «المحكمة الدولية هي فرصة للبنان. هل ستجلب العدالة لجميع اللبنانيين؟ كلا، لن تفعل. هل ستعالج أسوأ الجرائم التي شهدها هذا البلد خلال أكثر من نصف قرن؟ كلا، لن تفعل. لكنها، ستتحدى الهروب من القصاص، ستثبت أنه يمكن محاسبة أولئك الذين يرتكبون الجرائم، وهذا يمكن تحقيقه من خلال مسار قانوني عادل وشفاف». وأخيراً، تحدث رئيس الهيئة العلمية لنشر الثقافة القانونية في العالم العربي الدكتور عبد الحميد الأحدب، وقال إن «قاعدة المساءلة والمحاسبة تكرست بواسطة العدالة الجنائية الدولية، ولم يعد الإفلات من العقاب هو القاعدة».