أثارت إعلانات لمطعم وجبات سريعة في العاصمة الرياض أمس (الأربعاء)، موجة من الغضب بين مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي، لما رأى البعض فيها «عيباً وخدشاً للذوق العام»، فيما رآها آخرون «عملية تسويقية محترفة، قصدها لفت الانتباه وزيادة فضول المستهلك». إلا أن وزارة التجارة والاستثمار أعلنت اصطفافها إلى الرأي الأول، وقالت في تغريدة عبر حسابها في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، إنها ضبطت إعلاناً «مخالفاً للآداب العامة لأحد المطاعم، واتخذت الإجراءات اللازمة». وقال الناطق باسمها عبدالرحمن الحسين في تغريدة له إنه «تم إلزام إدارة المطعم بإزالة الإعلان من جميع فروعه، وكذلك حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، واستدعائهم لاستكمال الإجراءات النظامية». وتضمن الإعلان عن ثلاث وجبات من الساندويتش، أطلق عليها المطعم اسم «منية الدفا»، إيحاءات «خادشة» للذوق العام، عنونها المطعم في إعلانه ب«فوائد النحيفات في البرد»، وأردفه بعبارة «إذا ما دفتك واحدة يدفونك الثلاث»، ما أثار موجة من الاستياء بين مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي. الإعلان الصادم حاول محاكاة فكرة «إذا لم تكف زوجة واحدة ولم تشبع رغباتك، فثلاث زوجات كفيلة بذلك»، بحسب الرسالة المبطنة للإعلان، الذي قارب فكرة الدفء في الشتاء بالزواج. وانتشر الإعلان «الصادم» بصورة كبيرة ليحقق الأهداف التسويقية له وإن بشكل مخالف، بيد أن نظام وزارة التجارة والاستثمار يقضي بإيقاع العقوبات النظامية في حق هذه المخالفة، «ومن دون تهاون». وكان المطعم ذاته أعلن في وقت سابق عن منح وجبات شاورما مدى الحياة، مكافأة لمن يطلق اسم «شاورما» على ابنته أو ولده، في مسابقة وصفت ب»الاستهزاء في المجتمع وعاداته وتقاليده»، واستنكر مغردون مثل هذا الإعلان وتساءلوا: «هل وصلنا إلى هذا الحد، وهذه المرحلة المتدنية من التسويق الذي ينتهج أسلوب المخالفة الساذجة بهدف الحصول على الأضواء». ولم يكن هذا الإعلان الوحيد الذي يتحدى خصوصية المجتمع وعاداته وتقاليده، ففي إعلان وضعه مطعم آخر حمل تحدياً صريحاً قال فيه: «إذا (كنت) رجلاً كُلها»، في إشارة إلى ساندويتش مليء بالبهارات الحارة، ما أثار حفيظة المجتمع حتى أن بعض لوحات الإعلان تعرضت إلى التكسير من أشخاص يبدو أنهم رأوا فيه استفزازاً، ما دفع المطعم إلى إزالته سريعاً. وتتربع الأدوية المنشطة جنسياً على قائمة الإعلانات الخادشة للحياء، وكانت تبث وبشكل اعتيادي في الفضائيات الأجنبية وأخرى تبث من دول عربية، محلياً؛ برز إعلان يظهر رجلاً سعودياً يدخل إلى منزله لتستقبله زوجته، ويبادرها بالسؤال: «هل كتب ابننا واجبه المدرسي»؟ فترد عليه مع ابتسامة عريضة: «نعم عمل واجبه وبقي أن تعمل واجبك أنت»، قبل أن تسحبه متوجهة إلى غرفة النوم، في إيحاء جنسي صريح للدعاية والإعلان عن هذا المنتج. وفي إعلان مماثل وأكثر صراحة لأحد الأدوية المنشطة جنسياً، أظهر إعلان تلفزيوني رجل يحاول إدخال ريال في ماكينة المشروبات الغازية، ويتعذر عليه ذلك، إلا أن الدواء الجنسي المنشود أسهم في حل هذه المشكلة، ليتحول هذا الإعلان إلى قضية رأي عام شن عليه مرتادو مواقع التواصل حملة «شرسة»، ووصفوه ب«المهين لعملة الوطن وللمواطن أيضاً»، قبل أن يختفي تماماً من الإعلانات. وفي المنوال نفسه تلعب إعلانات مزيلات العرق دوراً في خدش الذوق العام، وأخيراً تم التركيز بشكل مبالغ فيه على إظهار أجسام الرجال العارية والتي تظهر أجزاء كبيرة من الجسم، وصولاً إلى حدود الحوض غير المسموح بها، لإظهار تأثير بخ هذه المعطرات على النظرة الجنسية الجاذبة، ما يثير اشمئزاز مشاهدين. بدوره، قال اختصاصي التسويق حسن الحاجي أحمد ل«الحياة»: «إن مثل هذا النوع من التسويق معمول به في الغرب بصورة كبيرة، لإحداث الصدمة والمفاجأة ولفت الانتباه، بيد أنه لا يصلح لمجتمعاتنا المحافظة، المحكومة في القيم والأخلاق، والدليل على ذلك أن المجتمع تحرك لمحاربة هذه الإعلانات، والمشاركة بالتبليغ والمالطية بإزالتها وإنزال العقوبة النظامية على المخالفين». ورأى أن الشركات والمؤسسات «على دراية في الأنظمة والقوانين المتعلقة في الدعاية والإعلان والترويج، ومجرد المخالفة يؤكد أن التعمد واضح والهدف منه لفت انتباه الزبائن ولو بطريقة سلبية مخالفة، حتى ينتشر أسم الشركة أو المطعم أو المحل، ليكون حديث الناس ولو بشكل سلبي، وهذا ما حققته إعلانات مخالفة وخادشة للحياء». وأشاد الحاجي أحمد بالجهود التي تبذلها وزارة التجارة والاستثمار، وأيضاً الأمانات والبلديات في هذا الصدد «لكونها تتصدى إلى مثل هذه الإعلانات، ويجب أن تطبق أقصى العقوبات النظامية على المخالفين حتى لا يتمادوا أو يسمحوا لغيرهم في التفكير بالعبث في قيم المجتمع ومبادئه». وقال: «في الخارج نشاهد إعلانات لا توفر أحداً: القيم الدينية والاجتماعية وحتى الذوق العام، واعتادت أعيننا على مشاهدة الإعلانات الخادشة للذوق العام وبصورة صريحة، وهذا الأمر لا يجب أن ينطبق على مجتمعاتنا»، مضيفاً: «الفضائيات مليئة بإعلانات مخجلة، وأخشى على أطفالي أن يشاهدوها، ولا بد أن يتسرب مشهد أو مشهدان مع الأسف».