دخل الوضع في اليمن مرحلة جديدة تنذر بتصعيد أمني خطير قد يخرج عن السيطرة، بعد تجدد الاشتباكات العنيفة في العاصمة صنعاء امس ولليوم الثاني على التوالي، بين القوات الحكومية ومسلحين قبليين من انصار الشيخ صادق بن عبد الله الاحمر، شيخ مشايخ قبيلة حاشد، إثر فشل وساطة قام بها مشايخ ووجهاء القبائل بين الطرفين اللذين تبادلا الاتهامات بالمسؤولية عن اجهاضها. وكانت معارك عنيفة دارت الاثنين في حي الحصبة حيث يقع منزل الاحمر وفي الاحياء المجاورة وطاولت مقار حكومية وسقط بنتيجتها خمسة قتلى وعشرات الجرحى. وتجدد القتال امس اثناء وجود الوسطاء وعدد من قيادات أحزاب المعارضة في منزل الأحمر، وإستخدم الطرفان مختلف انواع الاسلحة المتوسطة والرشاشات الثقيلة وقذائف الهاون والقذائف الصاروخية، بالإضافة الى الاسلحة الخفيفة والقنابل الهجومية. في غضون ذلك، أكّد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني في الرياض أمس تعليق المبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية. ورداً على سؤال حول زيارة أخرى سيقوم بها إلى اليمن، أجاب: «إذا كانت الزيارة ستخدم المفاوضات وتطلعات الشعب اليمني فلا مانع، لأن المبادرة جاءت بناءً على طلب من الأطراف اليمنية وتهدف إلى حقن الدماء والمحافظة على أمن وسلامة اليمنيين وتحقيق تطلعات الشعب اليمني في التغيير والإصلاح». وأكدت مصادر قبلية متطابقة ل «الحياة» ان منزل زعيم حاشد تعرض لقصف مدفعي عنيف قبل غروب شمس أمس أسفر عن مقتل عدد غير معروف من الاشخاص بينهم عضو لجنة الوساطة محمد محمد عبدالله ابو لحوم وإصابة عدد من الوسطاء بجروح خطرة بينهم رئيس جهاز الامن السياسي (الاستخبارات) اللواء غالب مطهر القمش، والنائب الشيخ عبد السلام زابية والشيخ غالب مبخوت العمري والشيخ سبا سنان أبو لحوم والشيخ عبد الخالق شويط. واضافت المصادر ان القصف على منزل الأحمر جرى بعد سيطرة مسلحي حاشد على مبنى وزارة الداخلية ومعسكر شرطة النجدة المجاور، بعدما كانوا تمكنوا في وقت سابق من السيطرة على عدد من المباني الحكومية. وتابعت ان هجوم المسلحين الموالين للأحمر على المقرات الحكومية جاء رداً على قصف منزل الاخير من تلك المباني وتمركز مسلحين موالين للرئيس علي عبد الله صالح فيها، وبينها وزارات الادارة المحلية والسياحة والتجارة والاقتصاد، بالإضافة الى مبنى وكالة الانباء اليمنية الرسمية ومبنى شركة الخطوط الجوية اليمنية ومعهد الارشاد. وأكدت مصادر سقوط نقطة الأزرقين عند المدخل الشمالي للعاصمة صنعاء في أيدي قبائل حاشد التي تحركت لمناصرة الشيخ صادق الأحمر. وقالت المصادر أن معارك ضارية دارت ايضاً حول منزل قديم للرئيس صالح يبعد قرابة كيلومترين عن منزل الأحمر، وان القوة التي تتولى حراسته نجحت في صد محاولة لإقتحامه. وقال عدد من السكان القريبين من مبنى بوزارة الداخلية أن دعوات عبر مكبرات الصوت طالبتهم بمغادرة منازلهم في أسرع وقت، في إشارة إلى احتمال قصف المنطقة بسلاح ثقيل وربما بصواريخ وطيران بعد أن سقطت في أيدي أتباع الأحمر. وفي سياق متصل أشارت مصادر عسكرية أن الفرقة الأولى المدرعة التابعة للواء المنشق علي محسن الأحمر تقوم بعملية تمشيط في منطقة سواد حنش شمال «ساحة التغيير» في صنعاء بحثاً عن مسلحين من أنصار الرئيس صالح يطلقون النار عشوائياً ويختفون، الأمر الذي يشير إلى أن مواجهات قد تندلع بين القوات الحكومية ورجال الفرقة. وفي حين بدأ الشيخ ناجي بن عبد العزيز الشايف، شيخ مشايخ قبيلة بكيل، مسعى لفض الاشتباك وتثبيت وقف إطلاق النار، خيمت أجواء الخوف على سكان الأحياء التي تدور فيها الاشتباكات، خصوصاً مع انقطاع التيار الكهربائي عنها، ما اضطر عشرات الأسر إلى النزوح. وقال شهود أن قوات تابعة للجيش متمركزة في جبل نقم المطل على العاصمة صنعاء من الناحية الشرقية تستخدم المدفعية لضرب المنطقة التي يسيطر عليها مسلحو آل الأحمر. وأفادوا بأن قوات الشرطة العسكرية المتمركزة في شارع مأرب دخلت هي الأخرى على خط المواجهة، وأن قوات النجدة وقوات عسكرية بلباس مدني توغلت في أحياء شارع مأرب وجولة الحباري، لمواجهة مسلحي الأحمر. وقالت وزارة الداخلية اليمنية أن جنديا قتل في الاشتباكات مع أتباع الأحمر الذين اتهمتهم بمهاجمة مقرها بالإضافة الى مقار رسمية أخرى، فيما أكدت مصادر قبلية سقوط 7 قتلى ونحو 25 جريحاً على الاقل من أتباع الأحمر في تجدد الإشتباكات امس.