في تحدٍ واضح لقرار الإدارة الأميركية تقليص مساهمتها المالية لها، أطلقت وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» حملة دولية لسد العجز المالي في موازنتها بعنوان «الكرامة لا تُقدر بثمن»، مؤكدة في الوقت ذاته أنها تقف «إلى جوار اللاجئين كشهّود على قضيتهم التاريخية». وبدا أن المفوض العام ل «أونروا» بيير كرهينبول يرد على الخطابين الأميركي والإسرائيلي في شأن قضية فلسطين وشعبها، خصوصاً القدس واللاجئين، إذ قال إن اللاجئين الفلسطينيين «حُرموا، لسبعين عاماً من حقوقهم بسبب غياب الحل السياسي. غاب عنهم هذا الاحترام والحق في حقوقهم. كبشر لا يمكن أي شخص أن يحرمهم من احترامهم، ويجب أن يتمتعوا بحقوقهم مثل أي شخص آخر». وجاءت كلمات كرهينبول، التي حملت كثيراً من الهم السياسي والإنساني تجاه الشعب الفلسطيني، خلال مؤتمر صحافي عقده داخل إحدى المدارس التابعة ل «أونروا» غرب مدينة غزة صباح أمس. وذلك غداة تصريحات لمسؤولين أميركيين، آخرهم نائب الرئيس مايك بنس في إسرائيل أمس من أن «القدس أزيحت عن طاولة المفاوضات تصحيحاً لخطأ استمر 70 عاماً». وتعمل الإدارة الأميركية حالياً على إلغاء «أونروا» وتفويض ومهماتها، من خلال تقليص الدعم المالي والتضييق عليها، وفق مصادر أممية اعتبرت في حديث ل «الحياة» أن «خطراً وجودياً حقيقياً يتهدد» المنظمة الدولية. وقال كرهينبول ان «التفويض (الممنوح) لأونروا محمي من الأممالمتحدة وهو ليس للبيع، وتم تأييده بغالبية 167 دولة»، واصفاً قرار الولاياتالمتحدة «الدراماتيكي» بتقليص التمويل ل «أونروا» بأنه «كان مفاجئاً وصادماً وضاراً». ولفت إلى أن «أونروا تعيش في أزمة غير مسبوقة، إلا أنها ستواصل مهامها بعد تجديد تفويضها من قبل الهيئة العامة للأمم المتحدة بدعم غالبية الدول»، مشدداً على أن عمل المنظمة الأممية «يلقى احتراماً دولياً كبيراً، وسط حال تضامن كبيرة مع اللاجئين في العالم». ووجه رسالة للاجئين الفلسطينيين في كل أماكن وجودهم، قائلاً إن «أونروا ستقف إلى جانب اللاجئين في قطاع غزة والضفة الغربية والقدسالشرقية والأردن ولبنان وسورية، وكشهّود لقضيتكم التاريخية وحقوقكم وكرامتكم أيضاً». وفيما بدا أنه رد على بيان الخارجية الإسرائيلية بأن «أونروا انتهت إلى الأبد»، شدد كرهينبول على أن «مدارس أونروا وعياداتها الصحية ستبقى مفتوحة، وستستمر في تقديم خدماتها على رغم التحدي الكبير الذي تواجهه»، وحتى التوصل إلى «حل عادل لقضية اللاجئين». ودعا كل المؤسسات و «أصحاب النوايا الطيبة» بالتبرع للوكالة لسد العجز المالي البالغ نحو 200 مليون دولار للعام الحالي، مشيراً إلى أن إطلاق اسم «الكرامة لا تقدر بثمن» على حملة التبرعات تأكيداً على أن «الكرامة تعني الشرف». كما دعا الجهات كافة إلى «النظر إلى حاجات اللاجئين والشجاعة التي يتمتع بها أطفال اللاجئين في حلب وحمص وجنين والجلزون وبيت حانون وخان يونس وغيرها». وألقى الطالب كريم أبو كويك رئيس البرلمان المركزي ل «أونروا» كلمةً قال فيها: «اليوم أود أن أقول للعالم أجمع إن تعليمنا في خطر، ونحن طلاب طامحون وأصحاب إرادة، نريد من العالم أن يساعدنا في أن نصبح مواطنين بهذا العالم ونحقق آمالنا وطموحاتنا. حملة الكرامة لا تقدر بثمن هي حملتنا. ندعو الجميع للمشاركة فيها باعتبار أن كل تبرع مهم». «حماس» تثمن من جهتها، ثمنت حركة «حماس» الدور «المهم» ل «أونروا» وما تقدمه من خدمات لملايين اللاجئين الفلسطينيين في الداخل والشتات. ودعا الناطق باسم الحركة فوزي برهوم في تصريح صحافي أعقب مؤتمر كرهينبول، دول المنطقة كافة والعالم أجمع إلى «القيام بواجباتهم تجاه هذه القضية العادلة وتوفير المستلزمات والحاجات المالية، لضمان استمرار أونروا في تقديم خدماتها ودورها تجاه هذه القضية السياسية والإنسانية العادلة؛ حتى يتمكن اللاجئون من العودة إلى ديارهم ومنازلهم التي هُجِّروا منها». وأكد «حق عودة اللاجئين الفلسطينيين كافة إلى أهلهم وديارهم التي هجروا منها وتعويضهم ورفع الظلم الواقع عليهم بعد تشتيتهم من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وسلب أراضيهم وبيوتهم والاعتداء على حقوقهم».