رصدت مؤسسة فقهية إلكترونية تناول نحو 15 عالماً لموضوع الرموش الاصطناعية، بوصفها أحد أكثر الأسئلة طرحاً في مشروع «يستفتونك واتساب»، إذ يتصدر هؤلاء العلماء الراحلان محمد بن عثيمين وعبدالله بن جبرين، ومفتي السعودية الحالي الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ. وأوضح الأمين العام لموقع الفقه الإسلامي خالد بن إبراهيم الدعيجي في أطروحة له حول ذلك، أن أكثر الفقهاء يحرمون الرموش الاصطناعية، وتكمن عندهم علة التحريم في أنها من الوصل، وأنها من التزوير والتدليس. ولفت إلى أن أكثر الفقهاء يعللون بأنه «من الوصل المحرم، وهو مناط الحكم، وأما التدليس والتزوير فليس مناطاً للحكم في ما يظهر، لأنه ربما تنتفي العلة في ما لو لبست المرأة هذه الرموش للزوج فقط، فليس في ذلك تدليس ولا تزوير، أما الضرر فلا يظهر هنا، وعلى تقدير وجوده فمرجعه لأهل التخصص من أطباء وغيرهم». ولفت الدعيجي إلى أن من أجاز تركيب الرموش الاصطناعية لا يرى أنها من الوصل، «بل داخلة في الأصل العام في الزينة وهو الجواز»، مشيراً إلى أن سبب الخلاف لمن يرى أنه الوصل، هل الوصل المحرم خاص بشعر الرأس أم لا؟ وقال: «فمن نظر إلى حديث ابن عمر رضي الله عنهما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الواصلة والمستوصلة، والواشمة والمستوشمة». واستطرد: «أل تدل على الاستغراق، فتدل على عموم الشعر، سواء أكان في شعر الرأس أم شعر الأجفان، ومنهم من يرى أن أل للعهد فتدل على الشعر المعهود وهو شعر الرأس». ونبه إلى أن من أسباب الخلاف أيضاً، ما ثبت في صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى «أن تصل المرأة بشعرها شيئاً»، ف«شعر» هنا مفرد مضاف، فيدل على العموم، ويشمل أي شعر في المرأة، فيدخل في هذا العموم شعرُ الأجفان، ومنهم من خص هذا العموم بشعر الرأس، لأنه المعهود عند الصحابة رضي الله عنهم، وحكم الوصل أنيط به، فهو ما توجه إليه الخطاب ابتداء، ولم يكن الصحابة يعرفون وصلاً في غير شعر الرأس. وأشار إلى أن كلمة «الشعر» بإطلاق يراد بها «شعر الرأس»، فمن نذر أو حلف أن يحلق شعره، فحلق شعر ذراعيه أو صدره أو رموشه كان حانثاً، إذ توجهت اليمين إلى شعر الرأس، إلا إن كان يريد بحلفه أو نذره العموم، وهذا خلاف الأصل. ومن قال: حلقت شعري، ثم قال: أردت بذلك رموشي اعتبر كاذباً، لعدم إطلاق الشعر على الرموش عرفاً، وهذا مما يؤيد الرأي الثاني القائل بجواز تركيب الرموش الاصطناعية. واستعرض الدعيجي آراء العلماء وابتدأ بالعالم الراحل محمد بن صالح العثيمين حين استفتي، فقال: «الرموش الاصطناعية لا تجوز لأنها تشبه الوصل بشعر الرأس، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم الواصلة والمستوصلة، وهذه الرموش التي كما أتصورها الآن، وهي أن توضع خيوط سوداء في الشعر على الرموش حتى تبدو وكأنها كثيرة تتجمل بها العين، فإذا كان هكذا فهي من الوصل الذي لعن النبي صلى الله عليه وسلم فاعلته في رأسها». في حين أوضح الشيخ عبدالله بن جبرين أن الرموش هي الأهداب، أي الشعر النابت على الأجفان، وقد خلقه الله تعالى لحماية العينين من الأتربة والأقذار، ولذلك يوجد في العين منذ الولادة، كما يوجد في غالب الدواب، وهو شعر ثابت لا يطول ولا يقصر، وإذا نتف فإنه ينبت، لكن بعض الناس تتألم أجفانه فيحتاج إلى نتف الشعر منها ليخف الألم، وإذا كان كذلك فأرى أنه لا يجوز تركيب هذه الرموش على العينين، لدخوله في وصل الشعر، إذ ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الواصلة والمستوصلة، فإذا نهى عن وصل شعر الرأس بغيره فكذلك رمش العين، لا يجوز وصله، ولا تركيب الرموش لقصر الأهداب الأصلية، بل على المرأة أن ترضى بما قدر الله، ولا تفعل ما فيه تدليس أو جمال مستعار، فالمتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور، والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم. أما المفتي العام للمملكة عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ فأكد أن تركيب الرموش الاصطناعية لا يجوز، في حين اعتبر عضو هيئة كبار العلماء الشيخ صالح الفوزان أن تركيب الرموش تجملاً للزوج من الغش ومن التدليس ولا يجوز، ويدخل أيضاً في الوعيد المتشبع بما لم يعط كلابسي ثوبي زور كما في الحديث، وعليها أن تعالج العلاج الطبي والشرعي المباح، وأما أن تعمل الوصل في شعر رأسها أو تعمل رموشاً أو تعمل أشياء لا حقيقة لها فهذا أمر لا يجوز لها. ورأى الدكتور عبدالله بن محمد المطلق أن تركيب الرموش الاصطناعية يدخل في حكم الوصل، والوصل محرم سواء أكان في الشعر أم في الرموش أو بالحواجب لأنه تزوير. في حين أوضح عضو هيئة كبار العلماء الدكتور سعد بن تركي الخثلان أن الرموش الاصطناعية التي تستخدمها بعض النساء، وهي عبارة عن شعيرات رقيقة تصنع من بعض المواد البلاستيكية، وتلصق على الجفن بواسطة مادة لاصقة، والظاهر - والله أعلم - أنها في معنى الوصل المحرم، فيكون استخدامها محرماً، ويدخل ذلك في حديث ابن عمر رضي الله عنهما: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة» متفق عليه، وهذا يقتضي أن الوصل من كبائر الذنوب.. والله أعلم. أما الدكتور عبدالله بن محمد الطيار فقال: «لا يجوز تركيب الرموش الاصطناعية، فهذا يعتبر نوعاً من الوصل وتغيير لخلق الله، فلا يجوز للمرأة أن تركب رموشاً اصطناعية، ولا يجوز لها أيضاً أن تأخذ شيئاً من شعر الحواجب أو الرموش أو غيرها فهذا حرام، ولا يجوز للمرأة أن تفعل ذلك، والدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله الواصلة والمستوصلة». بينما فصل الدكتور خالد بن عبدالله المصلح في المسألة ورأى أن عدداً من أهل العلم يرى أنها من الوصل المحرم، الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله الواصلة والمستوصلة»، وإلى هذا القول ذهب شيخنا ابن عثيمين، والقول الثاني أنها ليست من الوصل المحرم وأنها نوع تزين، والوصل خاص بالشعر المعهود ولا يلحق به الرموش والشعور غير المعتادة، والأقرب إلى الصواب ترك الرموش الاصطناعية لأنه يخشى أن تدخل في الوصل المحرم، لأنها نوع وصل، وإن كان دخولها ليس واضحاً ولا صريحاً. واعتبر الدكتور سامي الصقير أن تركيب الرموش الاصطناعية محرم لأنه من الوصل، وفي صحيح مسلم نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تصل المرأة شعرها بشيء، وهذا يشمل شعر الرأس وشعر أهداب العينين، وكذلك الشيخ سليمان الماجد اعتبره من الوصل لأنه وصل للشعر، ولا يختص الوصل بشعر الرأس. أما فتوى الشيخ وليد بن راشد السعيدان، فأوضحت أن المتقرر عند العلماء أن الأصل في زينة المرأة الحل والإباحة، إلا ما خصه الدليل بالتحريم، فكل زينة أخرجها الله للنساء، فالأصل فيها الحل والإباحة إلا تلك الزينة التي حرمها النص. وأضاف: «وبناء على ذلك فإن من الزينة التي حرمها النص زينة الوصل، إذ لعن الرسول صلى الله عليه وسلم الواصلة والمستوصلة، وعرف العلماء الواصلة والمستوصلة بالتي تصل شعرها بشعر آخر، وأدخل العلماء التي تصل شعرها بأي شعر في جسد المرأة، بمعنى أنها لو وصلت شعرها بشعر آخر تكون داخلة بهذا الذم، وكذلك لو وصلت رموشها بشعر آخر سواء أكان طبيعياً أم اصطناعياً كل ذلك يدخل في الذم، ولذلك تركيب الرموش الاصطناعية محرم لا يجوز لأنه يدخل في عموم أدلة تحريم الوصل وعموم أدلة لعن الواصلة والمستوصلة». أما الشيخ محمد بن الحسن الددو فرأى أن الرموش الاصطناعية من وصل الشعر تماماً، وهي محرمة لأنها من الوصل. وكذلك رأى الشيخ عبيد بن عبدالله الجبيري الرموش الاصطناعية من الوصل، وهو من تغيير خلق الله. أما الدكتور عبدالله بن ناصر السلمي فرأى أنها مكروهة جداً، وقال: «ثبت في الصحيح من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يوصل الشعر بشيء، وقوله صلى الله عليه وسلم نهى أن يوصل الشعر بشيء، كلمة شيء الراجح أنها لشعر مثله، وليس بأي شيء كما يوجد في بعض القرامل أو بعض الخرق، فهذا الراجح جوازه، لكنه جاء في بعض الروايات أنه نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وصل الشعر بشعر مثله، وعلى هذا فهل الشعر مطلق فيفيد كل شعر يوصل بمثله». وأضاف: «المقصود بالشعر الذي أنيط به الحكم هو شعر الرأس عادة، فيكون من أل العهدية وليست أل لاستغراق الجنس، والذي يظهر لي والله أعلم أنه إنما أريد بالشعر شعر الرأس عادة، لأن الصحابة حينما جاء النص لا يعرفون بالشعر إلا الشعر الذي هو شعر الرأس، وعلى هذا فالرموش الاصطناعية النهي عنها ليس لأجل أنه وصل، ولكني أرى أنه ينهى عنه لأجل ما فيه من الضرر، فإن الرموش الاصطناعية لا يمكن أن تتم طريقة اللصق إلا بمادة لاصقة لزجة، وهذه بشهادة الأطباء ومعرفتهم أنها تضر، وقد قال صلى الله عليه وسلم كما عند ابن ماجة وأحمد من حديث أبي سعيد: لا ضرر ولا ضرار، فأرى أن النهي من هذا الوجه لا من ناحية الوصل، والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم.. صعب أن أقول التحريم لكن أقول الكراهة الشديدة، وهو إلى التحريم أقرب». ... الشبيلي والجبير: التيسير مطلوب والأصل في تزين المرأة الإباحة أكد الدكتور يوسف بن عبدالله الشبيلي أن تركيب الرموش الاصطناعية الموقتة جائز وليس من الوصل، فالوصل المحرم شرعاً، هو ما كان على شعر الرأس. واتفق معه الدكتور هاني بن عبدالله الجبير، وقال: «لا شك في أن الدين الإسلامي يسر، وما جعل الله تعالى علينا في الدين من حرج، ولا شك أيضاً في أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يأمر أصحابه بالتيسير، فكان يقول لمعاذ وأبي موسى لما أرسلهما إلى اليمن: يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا، إلا أن هذا الدين كله يسر بمعنى أن كل ما أمر به الله تعالى نبيه فهو يسر، فلا حاجة للإنسان إلى ألا يلتزم أو لا يمتثل أوامر الله تعالى طلباً للتيسير، فإن الشريعة الإسلامية بوضعها هي سهلة ميسرة، يسرها الله تعالى ولم يجعل فيها من حرج، فلا مبرر للإنسان أن يتفلت من أحكامها بحثاً عن هذا اليسر». وأضاف: «وأما وصل الشعر فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن وصل الشعر محرم ولعن فاعله، وفي صحيح مسلم أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت إن ابنتي أصابتها الحصبة فتمرق أو تمزق شعرها - يعني سقط شعرها -، وهي ابنة عريس - أي أنها في حال العرس وسيدخل بها زوجها - أفأصله؟ فهنا المرأة في وضع صعب فهي سقط شعرها مع أنها في حال العرس، الذي تحتاج فيه إلى أن تكون في أبهى حلة وفي أجمل زينة، فنهاها النبي صلى الله عليه وسلم عن أن تصل شعرها». وبيّن أن «فاعلة ذلك ملعونة، فهنا شدد النبي صلى الله عليه وسلم مع كل هذه الظروف في وصل الشعر، لذلك نقول للأخت الكريمة وصل الشعر محرم، ولا يسوغ للمرأة أن تصل شعرها بما يكون من جنس الشعر، بحيث يفهم أنه جزء منه، أما وصل الأظافر ووصل الرموش فإن الحال يختلف، فوصل الرموش ليست وصلاً للشعر، الشعر إذا أطلق يقصد شعر الرأس، أما إذا وضعت الرموش الاصطناعية فإنها وإن كانت في تركيبتها شعراً، إلا أنها لا تسمى شعراً، فلا يقول الإنسان إذا قص رموشه قصصت شعري، ولذلك إذا وضعت المرأة الرموش الاصطناعية أو الأظفار الاصطناعية، فأرجو إن شاء الله تعالى ألا يكون في ذلك حرج، أما وصل شعر الرأس فإنه المقصود بالتحريم، والمقصود بالنص، وقياس غيره عليه لا يسوغ، لأن القياس يحتاج إلى علة، وليس ثمة علة يمكن أن يبني الإنسان عليها الحكم، فينقله عن وصل شعر الرأس إلى وصل الرموش أو الأظافر، فوصل الشعر محرم بالنص النبوي، ووصل الرموش والأظافر أرجو إن شاء الله تعالى أنه على أصل الإباحة التي جاءت في حق تزين المرأة بما شاءت، والله تعالى أعلم».