صار لموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب أرشيف تفصيلي عن حياته وأعماله، وأصبح في إمكان محبيه الاطلاع عليه عبر موقع «ذاكرة مصر المعاصرة» الالكتروني، التابع لمكتبة الإسكندرية. ويحتوي ملف عبدالوهاب على الموقع، وثائق نادرة منها ملصقات أفلام مثل «ممنوع الحب» و»يحيا الحب» و»غزل البنات»، وطوابع تحمل صورته، فضلاً عن أرشيفه الصحافي والذي يضم مقالاً كتبه بنفسه تحت عنوان «تلميذتي ليلى مراد» نُشر في شباط (فبراير) 1949. ومن المعروف أن عبدالوهاب رحل في الثالث من أيار (مايو) العام 1991، إلا أن تاريخ مولده لا يزال موضع خلاف. فعبدالوهاب نفسه كان يزعم أنه من مواليد 13 آذار (مارس) 1910، إلا أن مصادر أخرى ترجح أنه ولد في العام 1901 ومنها المطربة الراحلة منيرة المهدية التي أكدت أنه كان في الخامسة والعشرين من عمره عندما شاركها بطولة مسرحية «كليوباترا» في العام 1927. ووفقاً ل»ذاكرة مصر المعاصرة» فإن صاحب «يا جارة الوادي» ولد في إحدى قرى محافظة الشرقية (شمال مصر) وليس في حي «باب الشعرية» في القاهرة، كما هو شائع. ويذكر الموقع أيضاً أن عبدالوهاب حفظ القرآن الكريم وهو في سن السابعة، ثم احترف الغناء مستخدماً اسماً مستعاراً هو «محمد بغدادي» حتى يتفادى غضب أسرته التي كانت ترغب في أن يحترف تلاوة القرآن وإقامة شعائر الصلاة في المساجد مثل شقيقه الأكبر الشيخ حسن عبدالوهاب. أما أول أجر تقاضاه بعد احترافه الغناء في «الموالد» فلم يتجاوز خمسة قروش، وكان نظير المشاركة في إحياء «مولد» في مدينة دمنهور القريبة من الإسكندرية. بعد ذلك التحق بفرقة «فؤاد الجزايرلي» المسرحية، ليغني بين فصول العرض المسرحي، مقابل أربعة جنيهات في الشهر. وفي العام 1920 انضم إلى فرقة عبدالرحمن رشدي، ليؤدي العمل نفسه نظير أجر أكبر، وفي تلك الأثناء نال إعجاب أمير الشعراء أحمد شوقي الذي قرر تبني موهبته وأطلق عليه لقب «الكروان» فتحققت بذلك نقلة نوعية في مشواره الفني الطويل. وكان لعبدالوهاب دور كبير في دعم مسيرة السينما الغنائية من خلال أفلامه السبعة، التي قدم أولها «الوردة البيضاء» العام 1932 مع المخرج محمد كريم. أما المسرح الغنائي، فشهد عملاً واحداً لعبدالوهاب، وهو مسرحية «كليوباترا» التي كان بدأها سيد درويش، ولم يسعفه العمر لإكمالها. قدم عبدالوهاب على مدى سبعين عاماً أكثر من 1000 لحن، وتعد أم كلثوم أبرز من غنى من ألحانه، حتى أن الصحافة أطلقت وصف «لقاء السحاب» على تعاونهما الأول الذي تمثل في أغنية «أنت عمري» في العام 1963. تدرج عبدالوهاب في العديد من المناصب وتقلد كثيراً من الأوسمة، فقد اختاره الموسيقيون عام 1956 نقيباً لهم، واختير في العام ذاته رئيساً لاتحاد النقابات الفنية. وانتخب رئيساً لجمعية المؤلفين والملحنين أكثر من مرة. وفي العام 1981 اختير عضواً في مجلس الشورى المصري ومنحه الرئيس أنور السادات رتبة «اللواء» الشرفية، وتم إطلاق اسمه على معهد الموسيقي العربية في القاهرة. كما كرمه الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة، والعاهل الأردني الراحل الملك حسين، وعاهل المغرب الراحل الملك الحسن الثاني، والعاهل السعودي الراحل الملك فيصل بن عبدالعزيز.