يُعد الموسيقي المصري الراحل محمد عبد الوهاب أحد أعلام الموسيقى العربية الذين أثروا الحياة الموسيقية في مصر والعالم العربي حتى لقّب بموسيقي الأجيال. وهو أول من استعمل الآلات الغربية في الموسيقى العربية منذ ثلاثينات القرن العشرين، كإدخاله آلة الكستانيت إلى تخت الموسيقى الشرقي في أغنية «الفجر شقشق»، واستخدامه البيانو بدلاً من الإيقاع في لحن قصيدة بشارة الخوري «الصبا والجمال»، أما استعماله الغيتار في أغنية «أنت عمري» فقد كان مفاجأة للجمهور وللنقاد ولأم كلثوم التي رفضت بشدة بادئ الأمر استخدام تلك الآلة الغربية خشية استهجان الناس لها. وتكريماً لمسيرته ولمناسبة الاحتفالات بالذكرى ال 114 لميلاده بدأت دار الأوبرا المصرية الاحتفال بالذكرى الرابعة عشرة بعد المئة لميلاده في 13 آذار (مارس) 1897. وتشمل الاحتفالية حفلات موسيقية في مسارح دار الأوبرا المصرية إضافة إلى فتح متحفي عبدالوهاب والآلات الموسيقية في مسرح معهد الموسيقى العربية في القاهرة مجاناً للجمهور على مدار الأسبوع. وقامت إدارة الأوبرا بدعوة أطفال المدارس وطلبة الجامعات لمشاهدة المتحفين. ويضم المتحف صالة لعرض مقتنيات عبدالوهاب التي قدمتها زوجته نهلة القدسي توضح تاريخه الفني والنياشين والجوائز التي حصل عليها، إضافة إلى بعض «النوتات» الموسيقية، ومجموعة من الصور النادرة له مع بعض الشخصيات الفنية والعالمية المعروفة، فضلاً عن متعلقاته الشخصية كالبيانو والنظارة والعود. كما أهدت وزارة الإعلام المصرية المتحف «الميكروفون» الذي استخدمه في تسجيل أول أغنياته. ويقسم المتحف إلى قاعات، واحدة منها تحمل اسم «قاعة الذكريات» وتنقسم إلى جناحين، يلقي الجناح الأول الضوء على طفولة عبدالوهاب ونشأته وخطواته الأولى إلى عالم الموسيقى العربية والسينما المصرية وعلاقته بالكتاب والفنانين والجوائز التي حصل عليها. ويضم الجناح الثاني عدداً من غرفه الخاصة مثل غرفة نومه ومكتبه الخاص ومجموعة من قطع الأثاث المفضلة لديه. أما قاعة السينما فتتضمن كل الأفلام التي مثّل فيها ويمكن عرضها على شاشات خاصة، فضلاً عن قاعة الاستماع والمشاهدة التي تحتوي على أرشيف كامل لأعماله من موسيقى وأغانٍ وأفلام كاملة وألبومات صور من خلال نظام شاشة اللمس. ويعرض متحف الآلات الموسيقية مجموعة من الآلات القديمة التي عثر عليها أثناء ترميم معهد الموسيقى العربية، وجدّدت بعناية، وتخصص قاعات المتحف للوتريات وآلات النفخ والإيقاع مع شرح موجز عن الآلة والجهاز الذي يمكن من خلاله الاستماع إلى صوت الآلة. كما يوجد أيضاً آلة الكوتو اليابانية وآلة السيتار الهندية وآلة السانتور وآلة المندولين المعدنية التي عزف عليها محمد عبد الوهاب في أغنية عاشق الروح بفيلم «غزل البنات». بدأ عبدالوهاب حياته الفنية مطرباً في فرقة فوزي الجزايرلي عام 1917، وارتبط اسمه بأمير الشعراء أحمد شوقي ولحّن أغاني عدة، غنى معظمها بصوته، فضلاً عن تلحين كليوباترا والجندول من شعر علي محمود طه، كما لحن للعديد من المغنين في مصر والبلاد العربية منهم أم كلثوم وعبدالحليم حافظ وفيروز وأسمهان ووردة الجزائرية وفايزة أحمد وغيرهم. حصل عبدالوهاب على جائزة الدولة التقديرية عام 1971، ومنح وسام الاستقلال الليبي عام 1955، ووسام الاستقلال السوري عام 1970، ومنحته جمعية الفنانين والملحنين في فرنسا لقب فنان عالمي عام 1983. وفي 4 أيار (مايو) 1991 رحل عبدالوهاب.