في تكثيف لنهج «عزل» المدن والضواحي السورية عبر قطع الطرق والاتصالات، قال ناشطون وشهود إن قوات الأمن قسمت مدينة حمص أمس إلى أجزاء لمنع السكان من التجمع في تظاهرات كبيرة. كما ذكر شهود إن إطلاقاً كثيفاً للنار سمع في منطقة المعضمية، أحدى الضواحي الغربية للعاصمة، بعدما حاصرتها قوى الأمن وعزلتها عن دمشق وقطعت خطوط الاتصالات فيها، وأن سحابة من الدخان الأسود كانت ترتفع فوقها. وأفاد ناشطون بأن السلطات تعتمد منهج «العزل» بين المدن والضواحي أو داخلها كي تعوق التواصل بين المحتجين وتسهل على قوى الأمن اعتقال الناشطين الذين حوصروا في أحيائهم وبيوتهم. وتزامن ذلك مع حملة اعتقالات شملت مئات الناشطين، تمت في مداهمات من بيت إلى بيت، وتركزت على أربعة مناطق هي: وسط حمص وبانياس وضواحي دمشق وقرى درعا. وقال شهود لوكالة «اسوشيتدبرس» إن الاعتقالات استهدفت خصوصاً أئمة المساجد وأفراد عائلات معروفة بتأييدها للاحتجاجات. وذكر شهود ومواقع إلكترونية مؤيدة للمحتجين إن قوات الجيش السوري تحركت فجر أمس نحو منطقة المعضمية وقطعت الطرق المودية إليها ثم انتشرت مع دباباتها في الشوارع الرئيسية، وبينها «شارع الروضة» و»المسجد العمري»، بينما تمركز قناصة فوق المباني العالية. وقال مصدر مطلع لمحطة «بي بي سي» البريطانية إن قوات الجيش شنت حملة اعتقالات شملت العشرات ممن شاركوا في التظاهرات خلال الأسبوعين الماضيين، مشيراً إلى أن حواجزها تحقق في هويات كل من يريد الخروج من المعضمية أو الدخول إليها. وأكد شاهد لوكالة «فرانس برس» إن «الطريق المؤدية من هذه البلدة إلى العاصمة مقطوعة». كما أشار الشهود إلى سماع صوت أعيرة نارية في ضاحية داريا قرب العاصمة، موضحين أن قوى الأمن كثفت عملياتها حول دمشق. في موازاة ذلك قال ناشطون إن المزيد من قوى الأمن دخل إلى وسط حمص، حيث انتشرت القوات مدعومة بالدبابات في الشوارع الرئيسية وواصلت حملتها لاعتقال الناشطين. وقال أحد سكان المدينة ل « بي بي سي» إن قوات الأمن قسمت حمص أمس إلى أجزاء لمنع السكان من التجمع في تظاهرات كبيرة. وفي بانياس، اعتقلت قوات الأمن قادة حركة الاحتجاج. وأفاد رئيس «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبدالرحمن لوكالة «فرانس برس» بأن حملة الاعتقالات التي استمرت ليلاً «تستند إلى قوائم» تضم «اكثر من 300 شخص». وقال إن من بين المعتقلين «الشيخ انس عيروط الذي يعد زعيم الحركة وبسام صهيوني» الذي اعتقل مع والده وأشقائه. كما أوضح أن «مئات النساء تحدين الأمن وقوات الجيش وخرجن إلى الشوارع واقتحمن مراكز الجيش للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين» في بانياس. وفي مدينة دير الزور، شرق سورية، قال شهود لوكالة «رويترز» إن قوات الأمن قتلت متظاهرين اثنين امس. وقال رضوان زيادة الناشط الحقوقي السوري ل «بي بي سي» إن «الوضع يبعث على القلق الشديد». في موازاة ذلك جرى التأكيد خلال لقاء الرئيس بشار الأسد يوم امس مع رجال دين من ريف دمشق، على دعم مسيرة الإصلاح، وأهمية مكافحة الفساد، و»وضع الرجل المناسب في المكان المناسب»، إضافة إلى تعزيز اللحمة الوطنية لمواجهة محاولات الاستهداف الخارجي، وذلك بالتزامن مع طرح الحكومة السورية قانون الإدارة المحلية للنقاش العام، وعقد لجنة مكافحة الفساد أولى اجتماعاتها، بهدف «تحديد جرائم الفساد وتوصيفها، ووضع آلية ملاحقة مرتكبيها ومعاقبتهم» و»اقتراح الآليات اللازمة لتعزيز النزاهة وإعمال مبدأ الشفافية». وأفادت وكالة الأنباء السورية (سانا) بأن عشرة مدنيين قتلوا وأصيب ثلاثة آخرون على طريق حمص - دمشق بأيدي «مجموعات إرهابية مسلحة» أثناء عودتهم من لبنان بسيارة نقل عامة، فيما ذكرت وزارة الداخلية السورية أن «عدد الذين سلموا انفسهم للسلطات المختصة من المتورطين بأعمال شغب وصل إلى 915 شخصاً في مختلف المحافظات تم الإفراج عنهم فوراً بعد تعهدهم بعدم تكرار أي عمل يسيء إلى أمن الوطن والمواطن». وفي باريس، قالت وزارة الخارجية الفرنسية أن اعتقال «شخصيات معتدلة ومسالمة غير مقبول» منددة « باستمرار القمع في سورية، ومعربة عن قلقها «من تدخل الجيش السوري في مدن عدة في البلاد». وفي نيويورك، قال الناطق باسم الاممالمتحدة فرحان حق امس ان سورية لم تسمح لفريق انساني من المنظمة الدولية بدخول درعا، واضاف «لم تتمكن بعثة تقييم الوضع الانساني من دخول المدينة. نحاول استيضاح اسباب ذلك كما نحاول الوصول الى أماكن اخرى في سورية». وسئل اذا كانت دمشق تراجعت عن اتفاق سابق بهذا الخصوص، فقال «نحاول الحصول على ايضاح لاسباب عدم تمكن البعثة من الدخول وسنرى ان كانت ستتمكن من الدخول في الايام المقبلة».