قررت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية في مصر أمس تمديد الاقتراع يوماً إضافياً، بعدما سجلت الانتخابات مشاركة منخفضة. وقال عضو اللجنة القاضي عبدالوهاب عبدالرازق إن «الهدف من تمديد عملية التصويت ليوم ثالث هو إتاحة الفرصة لأكبر قدر ممكن من الناخبين للإدلاء بأصواتهم، ومنح فرصة للوافدين للعودة إلى دوائرهم الأصلية للإدلاء بأصواتهم». وكان المصريون استأنفوا أمس التصويت لاختيار الرئيس الجديد بين وزير الدفاع السابق عبدالفتاح السيسي والقيادي الناصري حمدين صباحي. لكن اليوم الثاني للاقتراع أظهر فشل الحكم في تأمين نسب إقبال مرتفعة يراهن عليها، إذ استمر التباين في الحضور بين اللجان، ولوحظ انخفاض الإقبال الشديد خلال ساعات النهار، على رغم قرار الحكومة إعلان أمس عطلة رسمية. ومع زيادة حدة الهجوم الإعلامي على اللجنة العليا للانتخابات لرفضها تصويت الوافدين غير المسجلين، أصدرت اللجنة بياناً شديد اللهجة أكدت فيه أن إدلاء الوافدين بأصواتهم من دون التسجيل المسبق «سيترتب عليه بطلان الانتخابات بما يشكل عبئاً أمنياً واقتصادياً إضافياً على الجميع». وأضافت: «تلاحظ اللجنة أن الكثير من أجهزة الإعلام دأبت على التشكيك في بعض قراراتها، وأهمها القرار الخاص بكيفية إدلاء الوافدين بأصواتهم، بادعاء أن أعداد الوافدين الراغبين في المشاركة في الانتخابات في رأي البعض تتجاوز ستة ملايين ناخب، في حين أن عدد الوافدين الذين صوتوا في الاستفتاء على الدستور في كانون الثاني (يناير) الماضي لم يتجاوز 424 ألف ناخب». ورأت أن «عدد الوافدين حتى لو وصل إلى رقم المصوتين في استفتاء كانون الثاني لا يستحق تعريض العملية الانتخابية برمتها للبطلان، كما أن هذا الأمر لا يحول في أن يقوم هؤلاء فعلاً بالإدلاء بأصواتهم إذا كانوا راغبين في موطنهم الأصلي». ولفتت إلى أنها «يسرت إجراءات التسجيل المسبق للوافدين، بإرسال لجان لتسجيل رغباتهم في أماكن تجمعات معظمهم بالمناطق السياحية والصناعية ذات الكثافة، وثم استحداث لجان فرعية بتلك المناطق قبل انطلاق الجولة الانتخابية». وتوعدت الحكومة المتخلفين عن الاقتراع ب «غرامات»، بعدما منحت تسهيلات بمنح الموظفين إجازة رسمية وتمديد الاقتراع ساعة قبل إعلان اللجنة مساء تمديد الاقتراع يوماً إضافياً. وقال رئيس الوزراء إبراهيم محلب إن فرض غرامة مالية على المتخلفين عن الانتخابات «إجراء قانوني والقانون سيطبق». وأكد عضو الأمانة العامة للجنة الانتخابات القاضي طارق شبل أن «اللجنة ستفعل العقوبات التي نص عليها قانون الانتخابات الرئاسية، والتي تنص على تغريم كل من يتغيب عن الإدلاء بصوته من دون عذر بمبلغ 500 جنيه». وعزا وزير التنمية المحلية عادل لبيب ضعف الإقبال إلى «ارتفاع درجات الحرارة وصيام عدد كبير من المواطنين بمناسبة ذكرى الإسراء والمعارج»، مشيراً إلى «تكدس حدث في آخر النهار ولم تستوعب اللجان عدد الناخبين بسبب انتهاء موعد التصويت» أول من أمس. وأشار إلى أنه «لم تحدث أية تجاوزات حتى الآن في العملية الانتخابية التي تسير في شكل هادئ». ودعت الحملة الانتخابية لصباحي إلى مشاركة واسعة في التصويت، وأكدت ثقتها في «قدرة الشعب على الاختيار الحر، وكذلك قدرة الشباب الذين يمثلون قطاعاً مؤثراً في كتل التصويت الانتخابي على التأثير في المعادلة». وأشارت إلى أنها رصدت نسب مشاركة محدودة في الساعات الأولى أمس أقل من اليوم الأول. وأوضحت أن نسب المشاركة في اليوم الأول للاقتراع تتراوح ما بين 10 و15 في المئة في غالبية المحافظات. ورفضت «تحميل المصريين مسؤولية ضعف المشاركة عما كان متوقعاً». واعتبرت أن هذا «درس واضح قدمه الشعب وشبابه رفضاً لمحاولات استعادة سياسات قديمة أمنياً وإعلامياً، ونثق بأن الشعب المصري قادر على استكمال الدرس بمشاركة واسعة وقوية تفرض إرادته الحقيقية والصادقة وتمنع أية محاولات لتزييف إرادته أو التلاعب في أصواته». وقال المجلس القومي لحقوق الإنسان التابع للدولة في بيان أمس إن «من اللافت انخفاض نسبة الإقبال في غالبية اللجان» في بداية اليوم الانتخابي الثاني. وأضاف: «ما زالت مشكلة الوافدين تشكل عقبة في إقبال المواطنين على التصويت في العملية الانتخابية، خصوصاً في المحافظات الكبرى مثل القاهرة والجيزة». وطالب اللجنة العليا للانتخابات قبل قرار مد التصويت ب «اتخاذ إجراءات من شأنها تمكين الناخبين المغتربين من الإدلاء بأصواتهم». وزادت حدة التجاوزات في اليوم الثاني للاقتراع، وشكت حملة صباحي من «استمرار الدعاية الانتخابية في حرم اللجان، وتوجيه الناخبين داخل بعض اللجان، ووجود حالات نقل جماعي بسيارات شركات تابعة لبعض رجال الأعمال». وأعلن «التحالف المصري لمراقبة الانتخابات» الذي يضم 128 منظمة غير رسمية أنه رصد «جملة من الانتهاكات والتجاوزات تمثلت في تأخر فتح باب اللجان، خصوصاً منع المراقبين من دخول اللجان، والتصويت الجماعي، والدعاية الانتخابية». وأوضح أن مراقبيه «رصدوا محاولة أنصار تحالف دعم الشرعية (الداعم الرئيس المعزول محمد مرسي) منع الناخبين من دخول عدد من اللجان، وقيام مؤيدين للسيسي بتوزيع أعلام وصور للمرشح أمام لجان، كما لوحظ عدم استخدام الحبر الفوسفوري، ودخول رجال الأمن إلى حرم لجان أخرى، ونقص في عدد الموظفين، ما أدى إلى تعطيل سير العملية الانتخابية». وأكد رصد «عمليات حشد جماعي لمؤيدي السيسي، وقيام مرشح برلماني سابق للحزب الوطني بتوزيع مياه معدنية ووجبات على الناخبين للتصويت للسيسي». وأردف أنه «سُمع دوي إطلاق نيران بصورة دائمة من مجهولين في محيط مدرسة فاطمة الزهراء في مدينة العريش (شمال سيناء)، وتم إبطال مفعول قنبلة بدائية الصنع في محيط إحدى لجان محافظة الفيوم». في المقابل، قالت وزارة الخارجية إن «التقارير الأولية الواردة من البعثات الدولية تفيد بعدم رصد تجاوزات من شأنها الطعن في نزاهة العملية الانتخابية». ونقلت في بيان «تأكيد رئيس بعثة الاتحاد الأفريقي أن أجهزة الدولة المختلفة قامت بتوفير كل التسهيلات اللازمة لتسهيل مهمة البعثة، وأن البعثة لم ترصد أية تجاوزات تؤثر في عملية التصويت». ونقل عن رئيسة وفد مراقبي الجامعة العربية هيفاء أبو غزالة أن «تنظيم التصويت بالانتخابات الرئاسية أفضل من التنظيم في الاستفتاء على الدستور، وأن عملية التصويت داخل اللجان تتم بما يتفق مع القواعد التي أقرتها لجنة الانتخابات الرئاسية، ولكنها قد تستغرق بعض الوقت نتيجة لإجراءات التحقق من هوية الناخبين، لكن لا يوجد ما يؤثر في عملية التصويت في اللجان التي يراقبها وفد الجامعة العربية». أمنياً، انفجرت أمس عبوة ناسفة بدائية الصنع قرب قصر الاتحادية الرئاسي في حي مصر الجديدة شرق القاهرة، ما أسفر عن جرح شخص وإتلاف 3 سيارات. وانفجرت العبوة وسط ركام من المخلفات المجاورة لعقار تحت الإنشاء قرب ميدان روكسي حيث مقر قصر الاتحادية الرئاسي. وفي سيناء، انفجرت عبوة ناسفة على طريق رئيس في الشيخ زويد قرب مكمن أمني، لكنها لم تسفر عن أية خسائر. وعثرت قوات الأمن في مدينة الإسكندرية على هياكل 4 قنابل قرب لجان اقتراع في حيي الرمل وسيدي جابر، فككتها لتكتشف خلوها من أية متفجرات. وأوضحت وزارة الداخلية أن الهدف من زرع تلك الهياكل بث الذعر بين الناخبين. وتجمع عشرات من أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي على الطريق الدائري في القاهرة وأضرموا النيران في إطارات سيارات لقطع الطريق، لكن قوات الشرطة تصدت لهم وفرقتهم. وقالت وزارة الداخلية إن عدداً من السجناء من أنصار جماعة «الإخوان المسلمين» في سجن الترحيلات في مدينة شبين الكوم في المنوفية «أحدث حالاً من الشغب داخل السجن احتجاجاً على إجراء انتخابات الرئاسة، تصدت لها قوات تأمين السجن، ما أسفر عن جرح ضابط». من جهة أخرى، أكد وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم مقتل القيادي في تنظيم «أنصار بيت المقدس» شادي المنيعي، مشيراً إلى أنه «سيتم إخضاع جثمانه لتحليل دي إن أي للتأكد من صفاته الوراثية وقطع الشك باليقين». وكانت الجماعة قالت إن المنيعي ليس زعيمها وإنه لم يُقتل، ونشرت له صوراً وهو يقرأ نبأ وفاته على كومبيوتر، وصوراً أخرى وهو يتوسط مجموعة من المسلحين. وقال إبراهيم في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية إن أجهزة الشرطة نجحت في قطع شوط كبير في حربها ضد الإرهاب، مشيراً إلى أن «رجال الشرطة عازمون على المضي قدماً في حربهم الشرسة ضد إرهاب «الإخوان» الأسود حتى اقتلاع جذوره».