تدخل الرئيس المصري حسني مبارك لحل الجدل الدائر حول مشكلة أهل النوبة المهجّرين وأمر وزراءه بمراعاة رغباتهم في تحديد المناطق التي تعد لإعادة تسكينهم، فيما انتقد «المزايدين المدفوعين من الخارج» منهم، مؤكداً أنهم لن ينجحوا في سعيهم. ولمنطقة النوبة أهمية استراتيجية بالنسبة إلى مصر، إذ تقع في أقصى الجنوب على الحدود الشمالية للسودان. والنوبيون هم همزة الوصل بين مصر والسودان لما لهم من امتدادات قبلية وعائلية. وخضع النوبيون لأربع هجرات متتالية بدأت مع بناء خزان أسوان وتكررت عند بناء السد العالي. وهم يشكون انخفاض التعويضات التي قررت للمهجرين فضلاً عن رفضهم العيش في المنازل التي سُلّمت إليهم في قرى التهجير لاختلاف نظام بنائها عن تراثهم وعاداتهم وأيضاً لأنها بنيت في بيئة صحراوية. وقال مبارك أمس إن «أهالي النوبة هم أهلنا وأبناء مصر كغيرهم من أبناء المحافظات الأخرى... الدولة مسؤولة عن تنمية النوبة». وأضاف موجهاً حديثه للوزراء المرافقين له خلال تفقده وافتتاحه عدداً من المشاريع في محافظة أسوان (جنوب مصر): «نحن جميعاً مسؤولون عن تنمية النوبة». وطلب تلبية رغبات أهالي النوبة باعتبارهم جزءاً لا يتجزأ من نسيج الوطن. وقال، خلال استماعه لشرح من وزير الإسكان أحمد المغربي عما تم تنفيذه في بناء منازل أهالي النوبة، «إننا سنبني بيوت أهالي النوبة ونمنحهم الأراضي لأن لنا مصلحة في تعمير هذا الجزء من أرض مصر وتنميته، كما هي مصلحة أهالي النوبة أنفسهم». وطلب مبارك من حكومته التنسيق مع الأهالي لاختيار المناطق القريبة لبناء المساكن توفيراً لشبكات البنية الأساسية والمرافق. وبدا أن مبارك أراد أن يدحض مطالب بعض النوبيين في الخارج ب «الانفصال»، إذ يصف هؤلاء عمليات التهجير التي طالتهم بأنها نوع «من التطهير العرقي أو العنصرية ضد اللون الأسود»، ويلوحون بفكرة الانفصال ويطرحونها في ندوات ومؤتمرات تعقد في الخارج. ورد مبارك على أصحاب هذه الدعوات قائلاً: «أي فرد آخر من الخارج يريد أن يزايد فلن ينجح أبداً... المزايدون لهم حسابات أخرى ومدفوعون من الخارج ولهم مصالحهم الشخصية... وأنا شخصياً لا أسمع كلام هؤلاء المزايدين، لأن من يزايد في الخارج هو مدفوع من جهات أخرى». وأضاف أن «الاهتمام بتنمية النوبة بدأ منذ فترة طويلة قبل ظهور المزايدين». وقال رئيس النادي النوبي مسعد هركي ل «الحياة» إن الحكومة بدأت في حل مشاكل أهل النوبة منذ ثلاث سنوات وبدأت في بناء منازلهم على ضفاف بحيرة ناصر وليس في مناطق صحراوية، مشيراً إلى أن بعض الأسر سيعود إلى حيث هجر. وأيد حديث الرئيس مبارك عن ارتباط بعض الجماعات النوبية في الخارج بمصالح خارجية تدفعهم إلى المطالبة بالانفصال، مؤكداً أن أهل النوبة يرفضون هذه الدعوات ويتمسكون بمصريتهم. وأضاف: «الدولة تأخرت أكثر من 40 عاماً في حلّ مشاكلنا ما سبب تراكمات كثيرة خلال هذه الفترة».