تؤشر التسريبات الواردة من حاشية رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو إلى أنه يسعى لينال الخطاب السياسي الذي سيلقيه الأحد المقبل القبول والاستحسان لدى الأطراف المختلفة، بدءاً بواشنطن ومرورا بأوساط حزبه «ليكود» وشركائه في الحكومة، سواء من اليمين المتشدد أو من حزب «العمل» الوسطي، وانتهاء بالمستوطنين. إلى ذلك، تناولت وسائل إعلام عبرية نبأ إمكان أن تقوم الولاياتالمتحدة بالدعوة الى مؤتمر دولي للسلام على غرار مؤتمر مدريد للسلام عام 1991. ووفقاً لتقديرات أوساط سياسية وإعلامية، فإن نتانياهو سيعلن في خطابه استعداده الدخول في عملية سياسية «يقودها المجتمع الدولي وتهدف إلى تحقيق سلام إقليمي». كما سيشير، بصيغ مبهمة، إلى قبول حكومته بالتزامات الحكومات السابقة، بينها «خريطة الطريق» الدولية التي تتحدث عن دولتين للشعبين، «لكنه سيعرض جملة تحفظات وشروط مسبقة تضعف الدولة الفلسطينية»، كما كتب أحد المعلقين. وفي موازاة ذلك، سيشير إلى أهمية البناء في المستوطنات الكبرى بداعي «النمو الطبيعي»، والى أنها لا تشكل عائقاً في طريق السلام، لكن من دون أن يتحدى واشنطن بإعلان مواصلة البناء، بل سيؤكد أهمية التنسيق مع الولاياتالمتحدة، تمهيداً لمعالجة الملف النووي الايراني. وترى أوساطه أن من شأن تصريحات بهذه الروح أن تلقى الاستحسان في واشنطن، وأيضاً لدى الرئيس شمعون بيريز ووزير الدفاع زعيم «العمل» ايهود باراك اللذين كررا في لقاءاتهما مع الموفد الأميركي إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل دعمهما فكرة الدولتين، وربما في أوساط حزب «كديما» المعارض، ما قد يمهد لانضمامه إلى الائتلاف الحكومي. وأضافوا أن ضبابية هذا الموقف ستتيح أيضاً لأقطاب اليمين وقادة المستوطنين الذين يلتقيهم نتانياهو اليوم، التعايش معه. وقال باراك أمس إنه لا علم له بمضمون الخطاب الذي سيلقيه نتانياهو، لكنه أعرب عن أمله في أن يتيح الخطاب «الاستمرار في الاتجاه الذي عرضه الرئيس باراك اوباما في القاهرة». وأضاف في كلمة أمام طلاب إحدى المدارس في منطقة تل أبيب إن خطاب الرئيس الأميركي «كان مثيراً للاهتمام ومهماً، لكن هناك كلمات لم نحبها... كان هذا خطاباً جريئاً دعا إلى نبذ العنف وصنع السلام. الرئيس طرح رؤية لتسوية إقليمية شاملة، ليس مع الفلسطينيين فحسب بل أيضاً مع العالم العربي كله». وتابع أن «لإسرائيل والولاياتالمتحدة أمورا مشتركة مثل الديموقراطية وحق الشعوب في الحياة وأن تحدد مصيرها بنفسها... وأرجو أن نتغلب على الخلافات أيضاً مع اوباما وأن نجد طريقاً للعمل معاً». من جهتها، نقلت صحيفة «يسرائيل هيوم» اليمينية عن أوساط قريبة من نتانياهو أنه سيعلن في خطابه «استعداد إسرائيل قبول إقامة دولة فلسطينية في حدود موقتة إلى حين تحقيق سلام حقيقي»، وهي فكرة سبق أن رفضها الفلسطينيون لخشيتهم من أن تصبح الحدود الموقتة نهائية. وتوقعت مصادر صحافية أن يكون رئيس الحكومة تناول مع ميتشل الأفكار التي يعتزم طرحها في خطابه. «مؤتمر مدريد 2» والتطبيع في غضون ذلك، أوردت وسائل إعلام إسرائيلية أن الإدارة الأميركية تدرس فكرة الدعوة الى عقد «مؤتمر مدريد 2» لحل الصراع العربي - الإسرائيلي العام الحالي، وقالت إن الرئيس الأميركي أطلع زعماء دول المنطقة الذين التقاهم أخيراً على هذه الفكرة. وأفادت صحيفة «يسرائيل هيوم» أن الفكرة تلقى الترحاب في أوساط الائتلاف الحكومي «التي ترى أهمية مشاركة دول عربية كثيرة ستحضها الولاياتالمتحدة على التطبيع مع إسرائيل، قبل أن تطالَب الأخيرة بتطبيق المطالب الأميركية الجوهرية منها». من جهتها، ذكرت «يديعوت أحرنوت» أن الرئيس الأميركي يعتزم طرح فكرة المؤتمر الدولي بمشاركة إسرائيل ودول عربية معتدلة والفلسطينيين في خطته السياسية المتوقع أن يعلنها الشهر المقبل «وتقضي بإجراء مفاوضات مكثفة في العام والنصف المقبلين تنتهي بالإعلان عن قيام دولة فلسطينية بحلول العام 2012». وأضافت أن الفكرة تقضي بأن يتم خلال المؤتمر الإعلان عن بدء مفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين تقود إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل، على أن تحصل إسرائيل في موازاة ذلك على «رزمة ضمانات دولية» تشمل أساساً اعتراف الدول العربية بإسرائيل وخطوات تطبيع معها. من جهته، قال نائب وزير الخارجية داني أيالون من حزب «إسرائيل بيتنا» المتطرف إن الولاياتالمتحدة تضغط على إسرائيل في مسائل معينة «لكنها لا تستطيع إلزامنا بالتحرك بعكس رغبتنا في العملية السلمية». فتح معابر غزّة في غضون ذلك، عمم مكتب رئيس الحكومة بياناً في ختام اجتماع الحكومة الأمنية المصغرة أمس جاء فيه أن «إسرائيل ترى في حركة حماس المسؤولة عن أي نشاط هجومي ينفذ ضدها في منطقة غزة». وأضاف أن التعليمات أعطيت للجيش الإسرائيلي بالرد على أي نشاط عسكري ضد إسرائيل ينطلق من القطاع. وتابع أن إسرائيل تدرس طرقاً أخرى إضافية للتسهيل على حياة الفلسطينيين في القطاع من خلال الحفاظ على مصالحها الأمنية. ووفقاً لوسائل الإعلام، فإن مسألة المعابر بين إسرائيل والقطاع كانت في صلب محادثات ميتشل في إسرائيل «الذي أبلغ قادتها بأن الولاياتالمتحدة معنية بفتح المعابر لنقل مواد بناء إلى القطاع لغرض إعادة إعماره». لكن الإذاعة العامة نقلت عن باراك ورؤساء الأجهزة الأمنية المختلفة معارضتهم بداعي أن «حماس» تستغل مواد البناء لحفر أنفاق وتحصين مواقع، وأنه لا يمكن فتح المعابر من دون توفير جهاز رقابة ناجع.