تُعقد في جنيف غداً الجولة الثامنة من مفاوضات السلام التي تسعى الى إيجاد حل دائم للنزاع السوري برعاية الأممالمتحدة، وذلك وسط آمال بالتوصل لتسوية سياسية بعد أن اتفقت فصائل المعارضة السورية للمرة الأولى على إرسال وفد موحد يضم تيارات معارضة برئاسة المعارض نصر الحريري وثلاثة نواب هم جمال سليمان وخالد المحاميد وهنادي أبو عرب. وتأمل الأممالمتحدة بأن يشكل وجود وفد موحد للمعارضة السورية للمرة الأولى، فرصة لإنجاح هذه المفاوضات التي سبق أن أخفقت في التوصل إلى تسوية. وأشار المبعوث الأممي إلى سورية ستيافان دي ميستورا الذي يصف نفسه بأنه «متفائل دائماً»، إلى وجود تقدم تدريجي حتى حينما يتحدث آخرون عن «طريق مسدود» بسبب الهوة بين مطالب النظام السوري وحلفائه والمعارضة وحلفائها. ويرى دي ميستورا أن مطلب «الهيئة العليا للمفاوضات» الممثلة أطرافاً واسعة من المعارضة السورية، رحيل الرئيس السوري بشار الأسد قد لا يكون أمراً ممكناً، لكنه أعرب عن أمله بأن تشكل الجولة الثامنة أول «مفاوضات حقيقية». من ناحيته، قال نصر الحريري، رئيس وفد المعارضة إلى جنيف إن «مطلب استقالة الأسد لن يطرح خلال هذه الجولة». وسيتعين على طرفي النزاع تجاوز العقبة التي أدت إلى خروج محادثات سابقة عن مسارها وهي مصير الأسد. وعقب لقائه مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الجمعة، قال دي ميستورا إن «العملية السياسية حالياً تتقدم فعلاً، وأعتقد أننا في الطريق، كما آمل، بتنفيذ بنود قرار مجلس الأمن الدولي 2254 لتحقيق تسوية سياسية في سورية». وتبحث المفاوضات أربع قضايا هي الدستور والانتخابات والانتقال السياسي، والإرهاب. ورأى يحيى العريضي، الناطق باسم وفد المعارضة السورية إلى محادثات جنيف، أن الوقت قد حان لبدء المفاوضات «حول عملية الانتقال من الديكتاتورية إلى الحرية»، كما رحب بالدعم الدولي الذي حظي به قرار إنشاء وفد موحد للمعارضة، للمشاركة في محادثات جنيف. وقال العريضي، في بيان أمس، إن «الرسالة واضحة إلى نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد، لا مزيد من الأعذار، الوقت قد حان للجلوس على الطاولة، والتفاوض حول عملية الانتقال من الديكتاتورية إلى الحرية»، مشيراً إلى أن المعارضة اتفقت مع الممثلة السامية للسياستين الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، على ضرورة إجراء مفاوضات حقيقة بين الطرفين. وأضاف: «من جانبنا، نحن نحضر اجتماعات جنيف، ونبذل قصارى جهدنا للمشاركة بجدية، ولكننا نواجه تسويفاً من فريق الأسد». وكان الاجتماع الموسع الثاني للمعارضة السورية، اختتم أعماله ليل الجمعة في الرياض، للاتفاق على وفد واحد للمشاركة في الجولة المقبلة من محادثات جنيف. ولم تحقق المحادثات التي ترعاها الأممالمتحدة لحل الأزمة، التي تسببت في مقتل أكثر من 340 ألف شخص منذ عام 2011، الكثير خلال سبع جولات سابقة. وطغت عليها، في الأشهر الأخيرة، تحركات ديبلوماسية منفصلة تقودها روسيا وتركيا وإيران عبر مسار آستانة. وحالياً تبرز مفاوضات أخرى منافسة هي سوتشي على البحر الأسود برعاية روسيا ودعم إيران وتركيا أيضاً. ودعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى عقد مؤتمر للحكومة والمعارضة السورية مطلع الشهر المقبل في سوتشي، لوضع إطار عملي لهيكل الدولة السورية في المستقبل ووضع دستور جديد وإجراء انتخابات تحت إشراف الأممالمتحدة. واعتبر بوتين أن المؤتمر الذي اقترحه سيشكل «حافزاً» لجنيف. وعلى رغم أن بوتين قال «إن أي تسوية سياسية في سورية يجب أن تتم في إطار عملية محادثات جنيف للسلام التي تشرف عليها الأممالمتحدة»، يرى مراقبون أن روسيا تحاول تشتيت الجهود السياسية الرامية إلى إيجاد الحل يقوم على مغادرة الأسد، من خلال إضعافها مسار جنيف وإيجاد مسار بديل، وهو ما ترفضه المعارضة. وفي هذا الصدد، قال نصر الحريري «إن سوتشي لا تخدم العملية السياسية»، ودعا المجتمع الدولي بما في ذلك روسيا «لخدمة العملية السياسية وفقاً للمرجعية الدولية في جنيف برعاية الأممالمتحدة حتى نختصر الوقت وحتى نصل للحل المنشود». وقال رمزي عز الدين رمزي نائب المبعوث الأممي إلى سورية إن محادثات السلام في جنيف ستركز على الدستور الجديد والانتخابات. وحضر رمزي اجتماعاً في فندق فور سيزونز في دمشق مع مسؤولين في الحكومة السورية من بينهم نائب وزير الخارجية السوري فيصل مقداد. وبعد الاجتماع، قال رمزي إن محادثات جنيف ستتناول الدستور الجديد والانتخابات والحكم ومحاربة الإرهاب لكنها ستركز على الملفين الأولين. وتابع رمزي: «المبعوث الخاص موقفه واضح ومستمر ولم يتغير. هناك أربع سلات لا بد التعامل معهم. ولكن كما ذكر في إفادته الأخيرة لمجلس الأمن منذ أسبوعين... سوف يكون هناك تركيز على... الانتخابات والدستور... بالإضافة إلى ورقة المبادئ العامة التي تحكم مستقبل سورية». جدول الأعمال: الدستور والانتخابات والحكم الانتقالي والإرهاب أعطى تشكيل وفد موحد للمعارضة السورية سبباً لتفاؤل المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا لدى إنطلاق مفاوضات جنيف غداً في جولة يُؤمل بأن تساعد في تحقيق حل سلمي للصراع. ويتركز جدول أعمال محادثات جنيف حول ما بات يعرف ب «العناوين الأربعة». وقد طرحت ثلاثة من العناوين في قرار مجلس الأمن الدولي 2254 الذي صدر عام 2015 وهي الدستور والانتخابات والحكم الانتقالي، فيما أُضيف الرابع المرتبط بالإرهاب بعد إصرار النظام السوري عليه. وفي ما يأتي مضامين العناوين الأربعة المدرجة على جدول الأعمال: 1- نص القرار 2254 على إقامة «حكم ذي صدقية يشمل الجميع ولا يقوم على الطائفية» في سورية. وتصر «الهيئة العليا للمفاوضات» الممثلة لأطراف واسعة من المعارضة السورية على أن الحكم يعني «الانتقال السياسي» وتحديداً إزاحة الرئيس بشار الأسد من السلطة. ورفض مفاوضو النظام التطرق إلى مسألة مصير الأسد خلال جولات سابقة. 2- تؤكد الأممالمتحدة أن الجولة المقبلة من المفاوضات ستركز في شكل أساسي على مسألة وضع دستور سوري جديد. ولم يعلن أي من النظام أو المعارضة عن تصوراته المرتبطة بالدستور إلا أنهما ناقشا أفكاراً عدة في هذا السياق مع دي ميستورا. 3- دعا مجلس الأمن الدولي في البداية إلى اجراء انتخابات «بأعلى المعايير الدولية في الشفافية والمساءلة... تحت إشراف الأممالمتحدة» بحلول منتصف عام 2017. وعلى رغم مرور هذا الموعد، أشارت الأممالمتحدة الى أن تحقيق تقدم في شأن خطط إجراء انتخابات في سورية سيكون نقطة تركيز أساسية أخرى خلال المحادثات المقبلة. 4- الإرهاب. لم تُذكر هذه المسألة في القرار 2254، إلا أن دمشق أصرت في وقت سابق من العام الحالي على ضرورة إضافتها إلى جدول الأعمال الرسمي للمحادثات. وعادة ما يصف بشار الجعفري، كبير مفاوضي النظام السوري وسفير دمشق لدى الأممالمتحدة، ممثلي المعارضة ب «الإرهابيين». وتؤكد المعارضة أن إدراج بند الإرهاب ليس أكثر من وسيلة يستخدمها النظام لتجنب التطرق الى مصير الأسد والانتخابات.