في الصراع بين ايران والاكراد يرد اسم حزب كرديّ مسلحّ هو حزب «الحياة الحرّة الكردستاني» PJAK، وزعيمه حاجي أحمدي، الذي يحمل الجنسيّة الألمانيَّة، ويدير حزبه من العاصمة البلجيكيّة بروكسل. ولد احمدي في إحدى قرى محافظة مهاباد، وتوجّه سنة 1964 إلى ألمانيا لاكمال دراساته العليا، لكنه انشغل، كمعظم الشباب الكردي، بالسياسة. عمل مع عبدالرحمن قاسملو في فرع «الحزب الديموقراطي الكردستاني» الإيراني. ثم انتقل الى «حزب العمال الكردستاني» وشارك مع عدد من البرلمانيين والشخصيّات الوطنيّة الكرديّة في تأسيس البرلمان الكردي في المنفى. وتولى مسؤولية العلاقات الديبلوماسية في المؤتمر الوطني الكردستاني. وفي هذا الحديث يلقي حاجي احمدي الضوء على حزب «الحياة الحرة» وعلاقته بحزب العمال الكردستاني والمعارضة الايرانية بشقيها الكردي والايراني. ما هي الاسباب التي دفعتكم الى تأسيس حزب «الحياة الحرة»؟ - في 15/2/1999، هز نبأ اختطاف القائد عبدالله أوجلان الشعب الكردي. وكان ردّ الفعل كبيراً جداً، خصوصاً في المناطق الكردية من ايران، وكانت أعداد كبيرة من الشباب الكردي قد بدأت الالتحاق ب «حزب العمال الكردستاني» سنة 1994. وفي سنة 2003، عقد الملتحقون بهذا الحزب مؤتمراً، تمهيداً لتأسيس حزب «الحياة الحرة» الذي أعلن عنه في 4/4/2004. وحضر المؤتمر التأسيسي 210 من اعضاء الحزب الجديد، إضافة إلى 50 مندوباً، عن الكثير من مناطق كردستان إيران، وبدأنا العمل بتأنّ وهدوء، في مواجهة نظام ديكتاتوري عنيف. ما الذي يميّزكم عن الأحزاب الأخرى، التي تردد كلامكم ذاته عما تنوي أن تقوم به؟ - الأحزاب الأخرى تأسست نتيجة ظروف شهدتها ايران أو العالم. فالحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني تأسس بعد سيطرة الاتحاد السوفياتي السابق على مناطق عدة من إيران، من ضمنها كردستان. وعصبة كادحي كردستان، تأسست بعد سقوط نظام الشاه. أمّا حزبنا، فيضم مثقفين وطلبة جامعات. تمّ إعدادهم وتدريبهم لسنوات طويلة. وهم متفرغون في شكل كلّي للنضال السياسي والعسكري، حتّى انتزاع الحقوق المشروعة لملايين الكرد في مناطق شرق كردستان. ويستند حزبنا الى طروحات القائد عبدالله اوجلان، ولهذا اتّخذنا قراراً في مؤتمرنا سنة 2006، يقضي بتبنّي شعار الكونفيدراليّة كأساس لحلّ القضيّة الكرديّة، بدلاً من الفيدرالية، التي نعتقد أنها لا تناسب شعبنا وسائر القوميات التي تضمها ايران. كيف السبيل الى تحقيق الكونفيدراليّة التي تسعون إليها في ظل الظروف الحاليّة؟ - اتّفق معك أن ذلك ليس بالعمل السهل. لكنه لن يثنينا عن طرحه والعمل لتحقيقه. فقبل عقدين كانت تركيا ترفض الإقرار بوجود شعب أو أقليّة كرديّة. والآن، رئيس الجمهوريّة ورئيس الحكومة والجيش، يعترفون بوجود شعب وقضيّة كرديّة. فلماذا لا نتمكن نحن من تغيير الواقع في إيران؟ ولماذا تلجأون الى الكفاح المسلح؟ - لأن النظام الإيراني لا يسمح لأحد بالعمل خارج إطار مؤسسات النظام الرسمي. فحتى أبسط أشكال النضال السلمي، تواجه بالقمع ويتعرّض أصحابها للاعتقال والزجّ في السجون. ولا يقتصر الأمر على المعارضين من خارج المؤسسة الحاكمة، بل حتّى داخلها أيضاً. فكيف اذاً، يمكننا العمل والنضال من دون امتلاك قوّات عسكريّة، يمكنها أن تتمكن من حماية نفسها؟ فهذا حقّ مشروع للدفاع عن النفس، تكفله المواثيق والمعاهدات الدولية، ونحن لا نعتبر نشاطنا العسكري كفاحاً مسلّحاً. لأننا نعتمد الحلول السياسيّة والنضال السلمي خياراً استراتيجياً في مشروعنا الساعي لحل القضية الكرديّة. فإن جنحت إيران الى السلم، فنحن لها. من يدعمكم في وجه قوة النظام الايراني التي يحسب لها العرب والاتراك والأميركيون والإسرائيليون ألف حساب؟ - نحن لا نسعى إلى إسقاط النظام الإيراني. بل نريده أن ينفتح على شعبنا، وجميع الشعوب الإيرانيَّة. نريد أن تذهب النفقات على السلاح النووي الى مشاريع التنمية. ولو كانت قوة إيران تخيفنا لما اتخذنا خيار المقاومة. لقد استفدنا من تجربة «حزب العمال الكردستاني» وهم لا يبخلون علينا بشيء من حيث التأهيل والتدريب وإعداد الكوادر. سلاحكم اذاً من «حزب العمال الكردستاني»؟ - دعني أوضح هذه النقطة. بعد سقوط نظام الشاه، أخذ الناس الكثير من مختلف أنواع الأسلحة، من معسكرات ومخازن الجيش الإيراني، تماماً مثلما جرى بعد سقوط نظام صدّام. السلاح موجود، والشعب يقدمه طواعية الى مقاتلينا. كما أن المناطق الملتهبة، بخاصّة الحدوديّة منها، هي بيئة خصبة لتجّار السلاح وهم الذين يبحثون عنّا، ما دمنا نملك المال. من أين يأتي المال؟ - وماذا يفعل أكثر من 10 ملايين كردي إيراني، يتوقون الى الحريّة والعيش الكريم منذ عقود؟ ماذا تفعل جالياتنا الكرديّة الإيرانيّة؟ هل تتوقّع منهم أن يتركوا مقاتليهم من دون مأكل وملبس وسلاح، في مواجهة نظام الملالي؟ اللافت، وصول نشاطكم إلى مناطق، لم يصلها أي نشاط سياسي كردي في السابق، كما في كرمنشاه وإيلام؟ - هذا يؤكد ما ذكرته في ردّي على سؤال سابق، فكون الحزب يضم مقاتلين من مختلف المناطق الكردية في ايران مكننا من الوصول إلى كرمنشاه وإيلام، وحتّى خراسان وطهران. وفي صفوف قواتنا، مقاتلات ومقاتلون من أجزاء كردستان الأربعة، أي من كرد ايران والعراق وسورية وتركيا، ما يؤكّد وحدة آمال وآلام الشعب الكردي. ماذا عمّا يروج عن علاقاتكم مع إسرائيل وأميركا، والتي اشار اليها المرشد الايراني علي خامنئي في تصريحاته الاخيرة؟ - فوجئت ايران بسرعة انتشار حزبنا بين أبناء الشعب الكردي وتطوّر أدائنا العسكري، فبدأت بمحاربتنا من خلال بثّ الأكاذيب العارية عن الصحّة. ومنها ادّعاء أن أميركا أسست حزب «الحياة الحرة» وأن إسرائيل تدعمنا وهو ما لا يتفق مع حقائق الامور. فمن جهة يزعمون أننا جناح ل «حزب العمال الكردستاني» ومعروف حجم العداء الأميركي - الإسرائيلي لهذا الحزب. ومن جهة أخرى، يزعمون أننا أدوات في يد أميركا! ولكن كيف تدعمنا واشنطن، وهي تدرجنا ضمن المنظمات الإرهابيَّة وتسمح لسلاح الجوّ التركي والإيراني بقصف مواقعنا، في المثلث الحدودي التركي - الإيراني - العراقي؟ هذه الادعاءات العارية من الصحّة هدفها جعل العالم العربي والإسلامي ينظر إلينا نظرة عداء. ولا يكتفي النظام الإيراني بذلك، بل يسعى لاتهام حزبنا بالانفصال، بغية خلق حالة عداء بيننا وبين القوميات الايرانية الاخرى. مع اننا نسعى الى الوصول الى أفضل العلاقات معها، على طريق إيران ديموقراطيّ. ان تصريحات خامنئي ومزاعمه تندرج ضمن الحرب النفسيّة، وتعبّر عن العجز والإفلاس، وتسعى للتعمية على الضربات التي مُني بها الجيش الإيراني على يد مقاتلينا. كما أن صمت قيادة إقليم كردستان العراق على تصريحات خامنئي يقلقنا، ويخلق في انفسنا، ونفوس كل الأكراد، الريبة والشكوك. ماذا عن علاقاتكم مع فصائل المعارضة الإيرانيّة؟ - العلاقات معها تتطور نحو الأفضل. لنا علاقات مع المعارضين البلوش والعرب، ونعمل للاتصال بجميع الأطراف وصولاً الى أفضل الصيغ التي نتمكن من خلالها إحداث التغيير الذي يأمله الإيرانيّون. كيف هي علاقتكم بالأحزاب الكرديّة الإيرانيّة الاخرى؟ - في البداية، لم تتقبلنا لأسباب عدّة. ونتيجة وجودها في كردستان العراق، وتحت وصاية قيادة الإقليم، كانت تردد مزاعم النظام الإيراني من طريق الأحزاب الكرديّة العراقيّة حيالنا. ولكن في الآونة الأخيرة، باتت العلاقات أفضل. بالنتيجة، علاقتنا بالحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني، جناح عبدالله حسن زاده، ومع حركة «عصبة كادحي كردستان»، جيّدة. ونسعى للوصول إلى جميع التنظيمات الكرديّة.