بين ساحل محافظة الشمال وجردها قرى وبلدات صحت باكراً لتذهب الى صناديق الاقتراع، فأيام الآحاد في هذه المناطق ذات الغالبية المسيحية لها طقوسها الخاصة. أبناؤها من ذوي الانتماءات السياسية الصريحة يهرعون منذ الصباح الباكر الى الاقتراع فيما ينتظر آخرون انتهاء القداس الأسبوعي وغيرهم يربط تأخير لحظة اقتراعه منتظراً طريقة تصويت الحلفاء والخصوم. وفي دوائر البترون والكورة وزغرتا التي يمثلها في البرلمان الحالي نواب ينتمون الى الأكثرية هم ثلاثة في زغرتا وثلاثة في الكورة واثنان في البترون دارت معركة حامية ذات بعد رمزي بارز، ففي البترون يقاتل جبران باسيل صهر العماد ميشال عون رئيس «التيار الوطني الحر» من اجل الفوز لتأمين الاستمرارية السياسية ويواجه مع شريكه نقيب الأطباء السابق فايق يونس لائحة قوية تضم البرلماني البارز بطرس حرب والنائب طوني زهرا ممثل «القوات اللبنانية» ذات الثفل القوي في الدائرة، وفي الكورة تحاول لائحة من ممثلين لقوى 8 آذار تضم مرشحين للحزب السوري القومي الاجتماعي و «تيار المردة» والتيار العوني مواجهة لائحة يترأسها فريد مكاري نائب رئيس مجلس النواب المنتمي الى تيار «المستقبل» والى جانبه فريد حبيب مرشح «القوات اللبنانية» والبرلماني المخضرم نقولا غصن. وفي زغرتا يخوض الوزير السابق سليمان فرنجية معركة إعادة اعتبار لاستعادة مقعده النيابي مع لائحة كاملة ضمت اسطفان الدويهي وسليم كرم في مواجهة لائحة 14 آذار التي ضمت ميشال معوض وجواد بولس ويوسف الدويهي. المعركة إذاً في أقضية البترون والكورة وزغرتا اتخذت أهمية سياسية خاصة لأنها دارت بين رموز أساسيين في فريق 14 آذار والفريق الآخر الممثل لقوى 8 آذار بقيادة «حزب الله وشريكه» المحلي تيار العماد عون. وكان بارزاً منذ صباح أمس وحتى ساعة إغلاق الصناديق في السابعة مساء حجم الإقبال الكثيف على الاقتراع في الدوائر الثلاث والذي فاق نسبة الخمسين في المئة على الأقل. وفي جولة على دائرة البترون ظهرت بوضوح الحماسة للتصويت وفيما كانت المنطقة الجردية في تنورين وضواحيها شبه مقفلة للائحة حرب-زهرا كانت المنطقة الوسطى والساحلية تشهد تنافساً حاداً وهو ما أشار إليه مسؤول في حملة التيار العوني وأجمعت غالبية المتابعين أن ظاهرة المغتربين سيكون لها دور في نتائج الاقتراع. ولم تسجل في هذه الدائرة اشكالات أساسية إلا أن المرشح النائب بطرس حرب أجرى اتصالات بوزير الداخلية زياد بارود لاتخاذ إجراءات تسهل عملية الانتخاب في الأقلام التي شهدت ازدحاماً خانقاً وهو ما فعله أيضاً النائب فريد مكاري. وتحدثت مصادر عدة عن عمليات رشوة في عدد من القرى، وأكد المرشح النائب أنطوان زهرا هذا الأمر، مشيراً الى أن القوات اللبنانية التي يمثلها اضطرت الى التجول ليلاً ونهاراً لمراقبة عمليات الرشوة والإبلاغ عنها. وبعد ظهر أمس ساد ارتياح في أوساط مرشحي 14 آذار في البترون والكورة الى النتائج الا أنهم فضلوا جميعاً انتظار نتائج فرز الصناديق وهذا ما أبلغه نائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري الى «الحياة» وما أكده أيضاً النائبان بطرس حرب وأنطوان زهرا. أما في زغرتا حيث بدا الوزير السابق سليمان فرنجية واثقاً بالفوز فان أوساط اللائحة الأخرى تحدثت عن انتصار في مقعدين على الأقل وفي كل نقاش كان حاضراً كلام البطريرك الماروني نصر الله صفير باعتباره عاملاً حاسماً في اختيار الناخبين.