توصلت باحثة سعودية إلى أن نظرة المجتمع القاسية للمرأة، وكونها توصم بأنها خريجة سجون لتلتصق بها ولا تفارقها، من الأسباب القوية لعودة المرأة إلى الجريمة مرة أخرى وربما تكرارها لأكثر من مرة، وذكرت ضمن الدراسة أسباباً أخرى تتعلق ببطالة المرأة وعدم توفر فرص مناسبة للعمل بعد الخروج من السجن كما أن الدراسة وضحت أن غالبية النساء العائدات إلى الجريمة من ذوات التعليم المنخفض، ومن المطلقات وأن عدم تغير الظروف الاجتماعية والاقتصادية داخل الأسرة يؤدي كثيراً إلى العودة إلى الجريمة مرة ثانية وربما تكرارها لأكثر من مرة. وكانت الدكتورة أسماء بنت عبدالله التويجري تقدمت بدراستها البحثية لنيل درجة الدكتوراه، تحت عنوان «الخصائص الاجتماعية والاقتصادية للعائدات للجريمة»، وهي دراسة وصفية تستهدف تحليل وتقويم خصائص هذه الظاهرة، وبلغت عينة البحث الفعلية 210 وتمت الدراسة في سجني النساء بالرياض وجدة للنساء المرتكبات الجريمة للمرة الأولى والعائدات لها. وقد خرجت الباحثة بالكثير من النتائج، إذ بيّنت الدراسة أن غالبية مرتكبات السلوك الإجرامي، سواء من العائدات أو من غيرهن، انحصرت في الفئة العمرية من 31 - 40 عاماً، كما أن غالبية العينة المبحوثة وبنسبة 22،4 في المئة لا يعملن وهن من اللواتي عدن للجريمة مرة أخرى، وهذا يؤكد وجود دافع قاد مرتكبات السلوك الإجرامي للمرة الأولى من تكرار الأمر مرة أخرى، وإن كان الأمر ليس مبرراً، إلا أن الفقر المدقع الذي تعاني منه أسرة السجينة، وربما ظروف أخرى كالتفكك الأسري وضعف الوازع الديني، قد أسهمت في العودة للجريمة، وقد وضحت الدراسة أن 48،2 في المئة يصل دخلهن الشهري لأقل من 1000 ريال، وهذه الفئة تقريباً ينحصر سكانها إما في بيوت شعبية أو شقق مستأجرة. وأوضحت «التويجري» في دراستها أن 75،6 في المئة قد عدن للجريمة بسبب استمرار المشكلات الأسرية الناجمة عن الظروف الاجتماعية والاقتصادية السيئة، كما أن عدم زوال المشكلات السابقة المتراكمة التي أدت للسجن في المرة الأولى لا تزال قائمة ومحورها الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بنسبة 73،1 في المئة، كما أن النظرة الاجتماعية ووصمة خريجة السجون تأتي بنسبة 71،4 في المئة لتؤثر في العودة وتكرار الجريمة، وكان الشعور بالظلم والقهر، كما أفادت النزيلات، سبباً مساعداً لهن للعود مرة أخرى للجريمة، وقد أعطت الدراسة نسبة 66 في المئة من العائدات للجريمة بأن رفيقات السجن من النزيلات كان لهن أثر كبير في ارتكاب الجريمة مرة أخرى، وقد أضافت عينة البحث من السجينات أن وجود المغريات المادية والرغبة في مجاراة الصديقات كان أحد الأسباب لتكرار الجريمة، فيما تأتي نسبة 45،7 في المئة بأنها عادت للجريمة لضعف الإرادة في التخلص من المخدرات، وكان ضعف الوازع الديني والعنوسة من الأسباب التي ذكرت في تكرار الجريمة. وقد خرجت الباحثة بالكثير من التوصيات التي رأت أنها تخفف من العودة وارتكاب الجريمة، وأهمها: توفير خدمات مهنية داخل السجن، وتخصيص مكتب توظيف للسجينات بعد الخروج لمزاولة مهنة تساعدهن في مواجهة ظروف الحياة، كما أوصت الباحثة بأهمية إيجاد مراكز مجتمعية إرشادية متخصصة ومتعددة، سواء داخل أو خارج السجن، وتهدف لتوعية السجينات بخطورة الجرم الذي اقترفنه على أنفسهن وذويهن وعلى المجتمع وضرورة عدم العودة إليه. وأكدت الباحثة في توصياتها على ضرورة توعية المجتمع من خلال وسائل الإعلام بكيفية التعامل مع السجينات ومساعدتهن في الاندماج مع المجتمع، وتصحيح النظرة القاسية نحوهن، وضرورة أن توجد فعاليات لتوعية الأسر بالاهتمام بأبنائهم وبناتهم، نظراً لأن الدراسة أثبتت أن الأوضاع الأسرية لها أثر كبير في ارتكاب السلوك الإجرامي أو العودة إليه. يذكر أن مركز الدراسات والبحوث بجامعة الأمير نايف للعلوم الأمنية تولى طباعة هذه الدراسة المهمة.