فوجئ سكان ضاحية غاردن سيتي في وسط القاهرة بلافتة إعلانية كبرى غطت الجانب العلوي لواجهة مبنى إداري قديم للسفارة الكندية في مصر، يعرض مبنى السفارة للبيع ب 600 مليون جنيه، استعداداً لانتقال الوفد الديبلوماسي الكندي إلى مقره في حي السفارات في العاصمة الإدارية الجديدة. يأتي ذلك في وقت لم تعد فيه الإقامة داخل عواصم البلدان حلماً يراود السكان الأصليين والوافدين على حد سواء، في ظل الاكتظاظ السكاني والاختناقات المرورية في مدن كثيرة، وخصوصاً في عواصم عربية لكونها نقطة مركزية لكل الهيئات الحكومية والوزارات والسفارات. التوجه بالرحيل من القاهرة إلى «العاصمة الجديدة» لم يقتصر على ممثلي السفارة الكندية، بل امتدت إلى طلاب الجامعة الكندية في حي التجمع الأول، إذ خصصت مبانٍ عدة في العاصمة الجديدة لإقامة ست جامعات خاصة من ضمنها «الكندية». احتلت القاهرة أطول فترة في تاريخ العواصم المصرية، فقد أنشئت في عصر الخليفة المعز لدين الله الفاطمي، وسبقها اختيار عشرات المدن من الجنوب إلى الشمال عواصم لمصر، بداية من مدينة أون في عهد مينا، موحد القطرَين، وحتى مدينة القطائع التي بناها أحمد بن طولون (قلعة الكبش حالياً). لكن قاطنيها لم يستطيعوا مواجهة الزحف السكاني إليها الذي جعل من استمرار العيش داخلها مقدمة لانفجار سكاني. وينافس القاهرة في تاريخها عدد من العواصم العربية أبرزها بيروت في لبنان، والقدس في فلسطين، ودمشق في سورية، لكن قطار النمو السكاني السريع والزحف من الأقاليم إلى المدينة سجل نحو 9.5 مليون مواطن في القاهرة، وفق آخر إحصاء لجهاز التعبئة العامة، ما جعل الانتقال منها إلى فضاءات رحبة حاجة ملحة خصوصاً لدى الوفود الديبلوماسية والطبقات الأعلى دخلاً.