من المعروف عن القاهرة انها أكبر متحف مفتوح في العالم تتوالى فيها المراحل التاريخية ولكل مرحلة بصمتها وصروحها المعمارية الرائعة التي تميزت بها رغم اني ابن القاهرة منشأ وتربية وتعليماً الا اني لم أكن أتعرف على معالمها الاسلامية واثارها الا بعد دراستي للعمارة الاسلامية بعد المرحلة الجامعية واذا بي اقف على كثير من هذه الآثار التي لا أعرف عنها شيئاً رغم انها بجواري ولكن لم يخطر بعقلي ان أتجول في هذه الاماكن او امر عليها لأنها ليست من أحياء معيشتي او تعليمي فعرضت على أخي الاكبر فكرة التعرف على اثار القاهرة الاسلامية حيث انه خريج جامعة الازهر وهو على دراية بهذه المناطق واحيائها فوافق بالرحلة على أن تكون على الأرجل واخذنا شارع الغورية من بدايته مع شارع الأزهر حتى خرجنا في منطقة قلعة صلاح الدين وهناك مررنا بالعديد من الجوامع والمساجد الاسلامية التي تتعدى المئات انتهاءً بمسجد السلطان حسن وانتهاءً بالقلعة حيث الهواء المنعش داخل هذه المساجد لسبب ارتفاع المباني ووقوع بعض منها على ربوات جبال قاهرة المعز... ان الدولة الفاطمية هي أول من اسس القاهرة في عهد المعز لدين الله وفي عهدهم تسارع وتبارى الخلفاء في تشييد المساجد والحصون والقصور والابواب التي تعكس مستوى فنياً نادراً ادى الى ولادة اساليب جديدة لن تعرفها الفنون الاسلامية من قبل ومنها استعمال المحاريب الخشبية والنحت العميق في مادتي الجص والحجر والواضح في شارع المعز مع وجود الدور الهام لأعمال الترميم التي تنفذها هيئة الآثار بعد زلزال 1992م، الذي اثر على الكثير من هذه الآثار ومن الترميمات ترميم جامع الأقمر وهو تحفة معمارية وجهتي المنحوتة آية من الروعة والجمال الى جانب ترميم جامع الحاكم بأمر الله ومجموعة السلطان قلاوون بشارع بين القصرين وتضم مدرسة وضريحاً وموريستان تختصر معالم الحضارة المملوكية الى جانب الأبواب مثل باب النصر وباب زويلة وباب الفتوح ومن البيوت كبيبت السحيمي بحي الجمالية وهو تحفة معمارية حيث تحولت حديقته لمسرح عرائس وقاعته ذات الطوابق الثلاثة التي تلائم تحولات المناخ والبيئة بالمشربيات الخشبية والمحفورة والقباب المشيرة الى القبة السماوية يوضح الاحساس الفريد بالمكان ثم شارع الأزهر وبه جامع الأزهر اول جامع بناه الفاطميون بأمر المعز عام 972م كما ان القاهرة تأسست بأن تكون عاصمة عالمية وهي تحافظ على هذا الطابع العالمي رغم تقلب انظمة الحكم المتنوع الجنسيات، الفاطميون قدموا من بلاد المغرب وجاء بعدهم صلاح الدين من تكريت كردي ثم محمد علي مؤسس مصر الحديثة كان ألبانياً ومن محاسن القاهرة انها محطات لكثير من الجنسيات والفنانين والحرفيين والعلماء من المشرق والمغرب شارك الجميع منهم في ازدهار القاهرة العمراني والثقافي والفني والاقتصادي وقد ظهر بالقاهرة التنوع الثقافي كظهور المؤثرات السورية في مجموعة السلطان قلاوون وظهور الجبروت والعظمة في مجموعة السلطان حسن ومزاياها العالمية لأن المعماريين كانوا من جهات مختلفة من العالم وأخيراً مع القاهرة القديمة في احياء الفسطاط والقطائع اماكن استقرار المسلمين بعد دخول مصر بزعامة عمرو بن العاص مع بناء اقدم جامع بمصر جامع عمرو بن العاص الى جانب أقدم ارث اسلامي وهو جامع أحمد بن طولون المحافظ على حلته الاصلية وهو تحفة فنية لصاحبه أحمد بن طولون مؤسس الدولة الطولونية، وقد تم ترميم جامع بن طولون لاعادة بهائه وجماله النادر الذي يتحلى بالزخارف والأساليب الفنية التي استمرت في مصر خلال مرحلة تجاوزت الألف عام حتى انها لقبت بمدينة الألف مئذنة .