اندلعت معارك شرسة بين قوات النخبة التابعة لرئيس ساحل العاج المنتهية ولايته لوران غباغبو ومقاتلي خصمه الرئيس المنتخب الحسن وترة حول مقر إقامة غباغبو والقصر الرئاسي في أبيدجان أمس. وأعلن مصدر عسكري مقرب من معسكر غباغبو أن قوات الحرس الجمهوري صدت هجوماً للمتمردين على القصر الرئاسي، فيما دارت معارك طوال الليل في حيي بلاتو وكوكودي قرب القصر، حيث سمع سكان دوي قصف مدفعي وقاذفات صواريخ من نوع «آر بي جي» ورشاشات. وسمعت أيضاً أصوات إطلاق نار كثيف من حي تريشفيل حيث توجد قاعدة للحرس الجمهوري تستخدم لحماية جسور مؤدية إلى وسط أبيدجان. وبعدما تعرضت أبيدجان لأعمال عنف ونهب وسلب، نقل 150 من الرعايا الفرنسيين و350 أجنبياً من جنسيات أخرى الى معسكر بور بويه التابع لقوة «ليكورن» الفرنسية في أبيدجان. في المقابل، أعلنت وزارة الخارجية السويدية مقتل موظفة سويدية في الأممالمتحدة برصاصة طائشة على الأرجح في منزلها بأبيدجان. وفي بيروت، أعلن وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال علي الشامي أن لبنان طلب من الأممالمتحدة والسفارة الفرنسية لدى ساحل العاج المساعدة في حماية اللبنانيين في أبيدجان، مشيراً الى أن مروحية تابعة للقوات الفرنسية أنقذت أول من أمس عائلة لبنانية وسط الاشتباكات. وأشار الى إجراء اتصالات مع الأردن التي تشارك في قوات الأممالمتحدة بأبيدجان، من أجل مساعدة الجالية اللبنانية. وأوضح انه طالب شركة طيران الشرق الأوسط بتسيير رحلتين الى أبيدجان واستخدام سفن لنقل العائلات. وتشكل أبيدجان الهدف الأخير لقوات وترة التي تشن منذ الاثنين الماضي هجوماً واسعاً انطلاقاً من شمال البلاد الخاضع لسيطرتها منذ عام 2002 الى جنوبه، لإنهاء الأزمة الناجمة عن الانتخابات الرئاسية في 28 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، والتي أسفرت بحسب الأممالمتحدة عن سقوط 500 قتيل معظمهم من المدنيين. واستولى أنصار وترة، غالباً من دون مقاومة، على العاصمة السياسية ياموسوكرو (وسط)، وسان بيدرو (جنوب غرب) أكبر مرفأ لتصدير الكاكاو في العالم، كما سيطروا على مقر التلفزيون الرسمي في أبيدجان ليل أول من أمس. وتزامن ذلك مع مطالبة مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وترة بكبح جماح قواته التي تحدثت تقارير غير مؤكدة عن خطفها مدنيين وإساءة معاملتهم، خصوصاً في أبيدجان ومنطقتي جيجلو ودالوا غرب البلاد. وقال روبرت كولفيل الناطق باسم مكتب حقوق الإنسان في الأممالمتحدة في مؤتمر صحافي عقده في جنيف: «ارتكبت أعمال نهب وابتزاز، وأمور أكثر خطورة مثل الخطف والاعتقال التعسفي وإساءة معاملة مدنيين، وربما أفعال أخرى أيضاً»، مذكراً بأن طرفي الصراع قد يمثلان أمام المحكمة الجنائية الدولية، علماً انه كشف تقارير عن حرق قوات غباغبو مدنيين اثنين أحياء في جانوا، وقتلها ثلاثة على الأقل في حي أبوبو خلال الأيام القليلة الماضية. وزاد: «لا يجب ارتكاب أعمال انتقامية، ومن الضروري أن تتحلى القوات بضبط النفس». وأمس، طالب الاتحاد الأفريقي غباغبو بالتخلي فوراً عن السلطة لوترة، لكن توسان الآن مندوب غباغبو استبعد «تنحي غباغبو أو استسلامه لأي متمرد»، مندداً بتنفيذ وترة «انقلاب يدعمه التحالف الدولي» ضده. وأكد آلان وجود غباغبو في ساحل العاج، علماً أن غيوم سورو رئيس وزراء وترة دعا غباغبو أول من أمس الى الاستسلام «لتجنب حمام دم»، مهدداً بملاحقته «في أي مكان، وإذا استقال فحسنا يفعل، وإلا فسيحال على القضاء الدولي». وكرر الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو مطالبة غباغبو بالتخلي عن السلطة، وقال: «كلما أسرع في الرحيل كلما كان توقف العنف أسرع».