البطيخ يزيّن موائد رمضان بإنتاج يتجاوز (613) ألف طن ونسبة الاكتفاء الذاتي (98%)    20 جولة تبخير وتطييب للمسجد الحرام يوميًا خلال رمضان    زيلينسكي يقر بأن جيش أوكرانيا يعاني «وضعا صعبا جدا» في كورسك    نيفيز يغيب عن تدريبات الهلال بسبب أسنانه    رونالدو: كانوا يقولون عني إنني مجنون عندما انتقلت للدوري السعودي    برنامج "نظرة إعلامية" يستضيف إعلاميين مؤثرين في مهرجان ليالي كفو بالأحساء    ارتفاع أسعار الذهب    تشكيل النصر المتوقع أمام الخلود اليوم في دوري روشن    موعد مباراة الاتحاد القادمة بعد الفوز على الرياض    محاريب المسجد النبوي لمسات معمارية إسلامية ميزتها النقوش والزخارف البديعة    السفير المناور يرفع الشكر للقيادة بمناسبة تعيينه سفيرًا لدى المكسيك    منتدى منافع الثالث يعزز الاستدامة والاستثمار في خدمة ضيوف الرحمن    الكشافة يقدمون خدماتهم لزوار المسجد النبوي    جمعية حفظ النعمة تحفظ فائض وجبات الإفطار في المسجد النبوي الشريف    الفتح يتغلب على الرائد بثلاثية    ولي العهد‬⁩ والرئيس الروسي يستعرضان هاتفيا جهود حل الأزمة الأوكرانية    موسم الرياض يرعى نزال كامبوسوس جونيور ضد يوردان.. ونيكولسون تدافع عن لقبها العالمي في أستراليا    وفاة الأميرة نورة بنت بندر آل سعود    أمير منطقة المدينة المنورة يطلق حملة "جسر الأمل"    إطلاق 16 كائنًا فطريًا في محميات العلا    تحقيق أممي: الاحتلال يرتكب جرائم إبادة جماعية بحق الفلسطينيين    المملكة ترحب باتفاق ترسيم الحدود بين جمهوريتي طاجيكستان وقرغيزستان    اكثر من 100 معاملة يتم إنجازها يومياً بالمنطقة عبر مبادرة الفرع الافتراضي    أمانة القصيم تُعلن جاهزيتها لانطلاق مبادرة "بسطة خير السعودية"    جمعية العناية بالمساجد " إعمار " تنفذ برنامج " سقيا المصلين "    قطاع ومستشفى بلّحمر يُنفّذ حملة "صُم بصحة"    قطاع وادي بن هشبل الصحي يُفعّل حملة "صُم بصحة"    جامعة الملك عبدالعزيز تحتفل بيوم العلم السعودي بسباق "راية العز"    نائب أمير منطقة مكة يستقبل رئيس المحكمة الجزائية بجدة    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع لجنة الحج المركزية    محافظ الطائف يناقش تقرير لجنة الأسواق الشعبية    "بسطة خير السعودية" تنطلق لدعم 80 بائعًا متجولًا بالشرقية    نيابة عن خادم الحرمين الشريفين وأمام سمو ولي العهد.. السفراء المعينون حديثًا لدى عدد من الدول الشقيقة والصديقة يؤدون القسم    لا منتصر بحرب الرسوم    عَلَم التوحيد    العلا.. تضاريس ساحرة ونخل باسق    في معنى التأمل    رؤية 2030 عززت دور القطاع غير الربحي    النفوذ الصيني في أعالي البحار يهدد الأمن القومي الأميركي    مبيعات كمبيوترات «الذكاء الاصطناعي» تقفز 51 مليار دولار    مجندات الوطن    مكة في عهد يزيد بن عبدالملك بن مروان.. استقرار إداري رغم التحديات السياسية    طيبة الطيبة.. مأرز الإيمان    قوة دعم الحرم للدفاع المدني تواصل جهودها في الحرمين الشريفين    تصدع الأرض ..صمام الأمان    المشي في رمضان.. رياضة وصحة    نصائح لمرضى الكلى في رمضان.. يجب الالتزام بأساليب التغذية السليمة    بريد القراء    تزامنًا مع يوم العلم السعودي.. "بِر جازان" تطلق مبادرة "حراس الأمن في عيوننا"    خناقة بمسجد!    افضل تجربة تصوير هاتف في فئته بالعالم: سلسلة CAMON 40 من TECNO    مباحثات جدة الإيجابية "اختراق كبير" في الأزمة الروسية الأوكرانية    فرع هيئة الصحفيين بجازان يحتفي بيوم العلم السعودي بالتعاون مع فندق جازان ان    تعهد بملاحقة مرتكبي انتهاكات بحق وافدين.. العراق يعيد مواطنيه من «الهول» ويرمم «علاقات الجوار»    مشروع الأمير محمد بن سلمان يحافظ على هوية مسجد الجامع في ضباء    ارتفاع الفائض التجاري للمملكة خليجياً    سعوديات يدرن مركز الترميم بمكتبة المؤسس    دلالات عظيمة ليوم العلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استفتاء الدستور المصري وأشباح «ولاية الفقيه»
نشر في الحياة يوم 30 - 03 - 2011

أنهت مصر الاستفتاء على التعديلات الدستورية وصوتت الغالبية العظمى من المصريين بنعم لتعديل الدستور بنسبة بلغت 77 في المئة من إجمالي المشاركين في الاستفتاء، إلا أن ما جرى قبل وخلال عملية التصويت على الاستفتاء نكأ جرحاً لا يمكن أن يندمل بسهولة داخل الجماعة الوطنية المصرية التي انقسمت إلى فريقين، فريق «نعم» الذي ضم التيار الإسلامي بتنويعاته من الإسلاميين المعتدلين والسلفيين، وفريق «لا» الذي اصطفت فيه باقي تيارات الحركة الوطنية ذات التوجهات الماركسية والليبرالية والقومية مضافاً إليها قطاع عريض من شباب ثورة 25 يناير.
فالإشكالية الكبرى التي تمخضت عن هذا الانقسام هي إشكالية ذات شقين الشق الأول يتعلق بموضوع الانقسام ذاته بخصوص الطريقة التي يمكن أن يتم من خلالها وضع دستور جديد للبلاد اختياراً ما بين الإسقاط الكامل لدستور عام 1971 ووضع دستور آخر وفقاً لسيناريو فريق لا، أو القبول بإدخال تعديل جزئي على هذا الدستور يفتح الباب أمام تعديله كاملاً من خلال لجنة تأسيسية منتخبة من أعضاء البرلمان عقب انتهاء الانتخابات البرلمانية والرئاسية وفقاً لسيناريو فريق نعم. أما الإشكالية الثانية فتتعلق بالكيفية التي أدار من خلالها فرقاء المشهد السياسي في مصر هذا الصراع حول الدستور.
ففي ما يتعلق بالشق الأول أود أن أشير إلى منطقية ووجاهة الدوافع التي دفعت كلا الفريقين لتبني مقولة نعم أو لا، إلا أن الإشكالية تكمن في موضوع الخلاف ذاته. فالدستور يعد بمثابة المكافئ الموضوعي والقانوني لمفهوم العقد الاجتماعي الذي يعرفه الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو بأنه صيغة تتشكل بموجبها الإرادة السياسية العامة للدولة وفقاً لمجموع إرادات أفرادها ما يعني أن الخاصية الأساسية التي تميز الدستور تتمثل في كونه اطاراً سياسياً قادراً على استيعاب كل القوى الوطنية، ومن ثم التعبير عن إرادتها مجتمعة متجاوزاً بذلك خلافاتها وقناعاتها الإيديولوجية والتعبير كذلك عن لحظة توافق وطني في ما بينها، خصوصاً أن مرحلة وضع الدستور تتسم بكونها مرحلة تأسيسية وفارقة، ومن ثم فإن تحويلها لمرحلة اصطفاف سياسي واستقطاب أيديولوجي يعد هدراً لقيمتها بالجملة، لاسيما أن المادة 189 من الدستور التي تم الموافقة عليها بالاستفتاء وتمنح الحق لكل من رئيس الدولة ومجلس الشعب (البرلمان) في التقدم بطلب تعديل مادة أو أكثر من الدستور تضعنا أمام خيارين كلاهما مر، فإذا تم إدراجها ضمن دستور البلاد الجديد الذي سينتخب البرلمان المقبل أعضاء لجنته التأسيسية فسيتحول الدستور إلى أداة في يد الرئيس والسلطة التشريعية، فتلك الآلية المستحدثة ستجعل تعديل الدستور أمراً وارداً وممكناً، كلما تغير الرئيس أو تغيرت الكتل النيابية داخل البرلمان، ما يحيل مؤسسة الرئاسة والبرلمان إلى سلطتين فوق الدستور، وهو وضع معيب دستورياً وسياسياً على اعتبار أن الدستور هو الوثيقة التي تحدد بالأساس صلاحيات كلتا السلطتين ومدى مشروعية ممارستهما. أما إذا تم إلغاؤها من الدستور الجديد فسيعني هذا أن الكتل النيابية التي سيتم انتخابها في أيلول (سبتمبر) المقبل ستملك دون سواها الحق في اختيار أعضاء لجنة وضع الدستور ما يعد إقصاء للقوى التي ستفشل في الحصول على تمثيل برلماني جيد خلال الانتخابات المقبلة ما يعمق حال الانقسام داخل الجماعة الوطنية المصرية، هذا بالنسبة للشق الأول.
أما بالنسبة للشق الثاني، فإن الكيفية التي أدار بها هؤلاء الفرقاء هذا الصراع حول الدستور تشي بردة سياسية تذكرنا بمصر ما قبل الخامس والعشرين من كانون الثاني (يناير). ففريق نعم استخدم الدعاية الدينية لحض الجماهير على التصويت وفقاً لرؤيته وإرادته. ووصلت المهزلة إلى مداها بتوجيه رسالة للجماهير من قبل بعض نشطاء هذا الفريق المنتمين للجماعات السلفية بأن التصويت بنعم واجب شرعي وأن التصويت بلا إثم يدخل صاحبه النار. بل سمى أحد شيوخهم عملية الاستفتاء ذاتها ب «غزوة الصناديق». أما فريق لا فقد اتهم المصوتين بنعم بخيانة دم شهداء الثورة بالموافقة على هذا التعديل الدستوري الذي لا يلبي مطالب الثورة كاملة، ما يعني أننا أمام الثقافة السياسية نفسها التي سادت طوال عهد مبارك، سواء بتوظيف الفتوى الدينية في خدمة أهداف سياسية، كما فعل أنصار نعم أو باتهام المعارضين بالخيانة كما فعل أنصار لا، ما يعكس أزمة بنيوية تعيشها النخبة السياسية المصرية، إذ إنها لم تتخلص بعد من أمراض عصر مبارك وعادت من جديد إلى الدوران في فلك ولاية الفقيه ووصايته على الخيار السياسي للجماهير واستخدام سلاح التخوين لإرهاب المعارضين مغرقة البلاد في دوامة من الجدل بفعل خطابها الديماغوجي الذي حول الدستور من صيغة للتوافق الوطني إلى ساحة للصراع بين أنصار نعم وأنصار لا.
* كاتب مصري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.