الدمام – حاتم سالم قيادي إخواني ل الشرق: نتوقع الموافقة على الدستور.. وقوة المعارضة غير كبيرة. خبير سياسي: لو خسر الإسلاميون موعد السبت ستتغير الخريطة السياسية. قيادي سلفي: رفض الدستور لن يضرنا ولكننا سنصوّت ب «نعم». يتوجه المصريون السبت المقبل إلى صناديق الاقتراع للتصويت على مشروع دستورٍ جديد وسط انقسامٍ سياسي غير مسبوق على خلفية أزمة الإعلان الدستوري الصادر في 21 نوفمبر الماضي. وينظر الإخوان المسلمون إلى موعد السبت باعتباره الفرصة الأخيرة لإثبات قدرتهم على تصدر الساحة السياسية، فيما تعتقد المعارضة أن إسقاط مشروع الدستور سيتيح إمكانية كتابة دستور «مدني». بينما يبدو التيار السلفي أكثر ارتياحاً في هذه المعركة، فإن خرجت نتيجة الاستفتاء ب «نعم» فإن ذلك يعني تعزيز موقع الشريعة الإسلامية في الدستور، أما إذا خرجت النتيجة ب «لا» فسيبدأ السلفيون في إعداد العدَّة لخوض انتخابات تشكيل جمعية جديدة لصياغة الدستور على أمل حيازة حصة كبيرة من المقاعد تتيح لهم تحسين وضع الشريعة دستورياً. رفض الدستور يعصف بالمستقبل السياسي للإخوان يراهن الإخوان المسلمون كثيراً على معركة الاستفتاء، وهي بحسب شباب الجماعة «مسألة حياة أو موت» بالنسبة لهم، ففوزهم فيها سيعني استمرارهم في صدارة المشهد السياسي لسنوات وسيعزز ثقتهم في قدرتهم على حشد الجماهير وثقة الناخبين في إمكاناتهم. أما هزيمتهم فستعصف بمستقبلهم وقد تقلص فرصهم إلى حد كبير في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة وأولها الانتخابات الجديدة لجمعية صياغة الدستور، حال رفض مشروع الدستور الحالي، ثم الانتخابات التشريعية. ويقول الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، الدكتور عمرو هاشم ربيع، إن نتيجة الاستفتاء على الدستور ستكون بمثابة حكم حقيقي على مدى شعبية الإخوان «وهو ما سيجعلها مسألة مصيرية بالنسبة لهم» حسب تأكيده. ويعتقد ربيع، في حديثه ل «الشرق»، أنه «إذا رفض الناخبون مشروع الدستور الذي أعدته جمعية تأسيسية يسيطر عليها التيار الإسلامي فسيترتب على ذلك حدوث تغيرات في الخريطة السياسية وقد تنخفض فرص الإخوان في الانتخابات المقبلة». ويشير ربيع -المقرب من المعارضة- إلى أن ميل القوى المدنية لمقاطعة التصويت قد يمثل طوق النجاة للإخوان، مضيفاً «أرى أنهم يراهنون على المقاطعة لكونها تصب في صالحهم، خصوصاً أن اللجنة المشرفة على الاستفتاء لم تشترط حضور نصاب محدد من الناخبين، وبالتالي كل مَنْ سيقاطع سيزيد احتمالات خروج النتيجة ب (نعم)». لكن القيادي الإخواني، المهندس صابر عبدالصادق، يرى أن تيار الإسلام السياسي بمكونيه الرئيسيين، الإخوان والسلفيين، لن يغلبه الإحباط إذا رُفِضَ الدستور. ويقول عبدالصادق «المعارضة تتعامل مع الاستفتاء باعتباره مسألة مصير، وهذا واضح في تصريحات قياداتها، وتوحد الإخوان والسلفيين في الشارع يثير مخاوفهم، أما نحن فمستعدون لخوض انتخابات لتشكيل جمعية تأسيسية جديدة، ولكن نتوقع أن تنتصر (نعم) في الاستفتاء». ويرجع عبدالصادق، في حديثه إلى «الشرق»، ثقته في قدرة الإسلاميين على حسم الاستفتاء إلى ما سمّاه «تعاطف الرأي العام معنا نتيجة ما نتعرض له من هجوم، ولرغبة عموم المصريين في تحقيق الاستقرار، وهو ما لن يحققه مسار رفض مشروع الدستور الحالي». غير أن عبدالصادق، وهو برلماني سابق عن حزب «الحرية والعدالة»، يعترف بأن المعارضة نجحت خلال الأسابيع الأخيرة في استمالة «جزء من الشارع وضمه لصفوفها»، ويتابع «لكن تظل قوتهم غير كبيرة مقارنةً بمؤيدينا، نحن موجودون بين المواطنين طيلة الوقت، نحن جزء من الشارع، وهي سمة تميزنا». الانقسام بين المقاطعة والرفض يهدر فرص المعارضة كانت المعارضة المصرية قبل 21 نوفمبر الماضي مشتتة وغير قادرة على التحرك ضد سياسات الإخوان والرئيس محمد مرسي، وكان نزول بضع آلاف في ميدان التحرير هو مبلغ قدرتها على الحشد. لكن «مرسي» بإصداره إعلاناً دستورياً وسع به صلاحياته وحصَّن به مجلس الشورى والجمعية التأسيسية وحّد المعارضين فيما يسمى جبهة الإنقاذ الوطني، ونجحت الجبهة في تنظيم تظاهرات حاشدة في ميادين عدة. غير أن الانقسام بدأ يضرب تيار المعارضة مجدداً بسبب الخلاف حول طريقة التعامل مع الاستفتاء، فهناك مَنْ يميل إلى التصويت ب «لا» واستغلال اتجاه الحكومة لرفع أسعار بعض السلع والخدمات في حشد المواطنين ضد الدستور، فيما يميل آخرون إلى المقاطعة اعتراضاً على عدم رضوخ الرئيس لطلب تأجيل الاستفتاء لحين التشاور حول بعض المواد الدستورية الخلافية. ورغم أن جبهة الإنقاذ، وهي رأس المعارضة، اختارت المقاطعة وقررت التصعيد، إلا أن الخلاف مازال قائماً، وهو ما عكسته تصريحات العديد من السياسيين المحسوبين على الفريق المعارض، ومن أبرز هؤلاء الناشط والبرلماني السابق، الدكتور مصطفى النجار، الذي عدّ الخلاف بين المقاطعة والرفض «أكبر هدية للإخوان». وتوقع النجار على حسابه الشخصي في موقع «تويتر» للرسائل القصيرة، أن يذهب الكثير من أنصار جبهة الإنقاذ إلى صناديق الاستفتاء للتصويت ب «لا»، محذراً من أن ذلك سيعزل قيادة الجبهة المصرة على المقاطعة وسيفقدها تأثيرها متحدثاً عن ضرورة «وحدة الرأس والجسد وإلا فشل الجميع». وتراهن «الإنقاذ» على نزول ملايين المصريين في الساعات التي تسبق الاستفتاء للضغط على السلطة من أجل تأجيله، وهو ما استعدت له جماعة الإخوان فأعلنت أنها ستحشد أنصارها للتظاهر تأييداً لعقد الاستفتاء في موعده، ويخشى الكثير من المصريين من أن يؤدي نزول أنصار الفريقين في الشارع إلى تجدد الصدام بينهم. وكان نزول الإخوان إلى محيط قصر الاتحادية نهاية الأسبوع الماضي في نفس توقيت بدء اعتصام الرافضين لإعلان 21 نوفمبر تسبب في وقوع اشتباكات عنيفة قُتِلَ فيها ثمانية وأصيب الآلاف. السلفيون: وضع «الشريعة» غير مثالي لكننا سنصوت ب «نعم» يتعامل التيار السلفي في مصر مع التصويت على الدستور باعتباره معركة رابحة بالنسبة لهم أياً كانت النتيجة، ويرى السلفيون أن التصويت ب «نعم» سيحقق لهم عدة مكاسب، أبرزها: تعزيز موقع الشريعة الإسلامية في الدستور بعد إضافة مادة مفسرة للفظ مبادئ الشريعة إلى جانب منح مساحة أكبر للمؤسسة الدينية الرسمية (الأزهر) في التشريع عبر إسناد مهمة تفسير كل ما يتعلق بشؤون الشرع إليها. أما التصويت على الدستور ب «لا» فسيدفع هذا التيار إلى تنظيم صفوفه والدفع برموزه ذات الشعبية في انتخابات الجمعية التأسيسية الجديدة طمعاً في نسبة تمثيل أكبر. ويعد القيادي في حزب النور السلفي، الدكتور يونس مخيون، أن السلفيين سيربحون حال اعتماد الدستور أو رفضه، لكنهم سيصوتون ب «نعم» لتقصير المرحلة الانتقالية التي تمر بها مصر وللإسراع في بناء المؤسسة التشريعية. ويضيف «وضع الشريعة في مشروع الدستور غير مثالي لكننا نعتقد أن هذا أفضل ما توصلنا إليه في الوقت الحالي، خصوصاً أن قوى سياسية أخرى تتخوف من كلمة الشريعة». ويوضح «مخيون»، في حديثه مع «الشرق»، أن السلفيين يخططون من الآن للانتخابات البرلمانية المقبلة بهدف عدم ترك مهمة التشريع للتيارات المدنية، ويتابع قائلاً «لسنا ضد الحريات كما يزعمون، فنحن أكثر فصيل عانى الاعتقالات في عصر حسني مبارك، لكننا نسعى إلى الحيلولة دون صدور قوانين تخالف الشريعة الإسلامية، وهو ما يكفله الدستور الحالي لذا سنصوّت بنعم، وإن كنا غير متضررين من التصويت بلا». ويتيح التصويت ب «لا» للسلفيين خوض انتخابات للانضمام إلى جمعية تأسيسية جديدة، وبحسب «مخيون» قد تسفر نتيجة الانتخابات عن زيادة تمثيل التيار السلفي في الجمعية «وبالتالي محاولة تحسين وضع الشريعة في الدستور عبر تجاوز مرحلة التنصيص فقط على مبادئها إلى النص على الشريعة مجرّدة دون لفظ مبادئ»، حسب قوله. ورغم اتساع الاحتجاجات ضد الجمعية التأسيسية الأخيرة، يراهن «مخيون»، الذي كان عضواً في «التأسيسية» ونائباً في البرلمان السابق، على قدرة الإسلاميين على إقناع الناخبين بالموافقة على الدستور، مؤكداً أن «الليبراليين» و»اليساريين» لن يتمكنوا من حشد المواطنين في صفهم لعدم وجودهم بينهم بصفة دائمة.