أكد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أن الجيش دخل كركوك «لحماية وحدة البلاد التي تعرضت لخطر التقسيم نتيجة الإصرار على إجراء استفتاء الانفصال»، فيما حملت القيادة العامة لقوات «البيشركة» الحكومة مسوؤلية «الحرب ضد شعب كردستان»، متعهدة أن «تدفعها ثمناً باهظاً لهذا الاعتداء»، طالب رئيس الجمهورية فؤاد معصوم بوقف «النزاع». وقال العبادي في بيان، بعد ساعات على دخول القوات فجر أمس إلى كركوك، إن «واجبي هو العمل وفق الدستور لخدمة المواطنين وحماية وحدة البلاد التي تعرضت لخطر التقسيم نتيجة الإصرار على إجراء الاستفتاء الذي نظمه المتحكمون بإقليم كردستان من طرف واحد»، موضحاً أن «ذلك جاء فيما نخوض حرباً وجودية ضد الإرهاب المتمثل بعصابة داعش». وأضاف: «حاولنا ثني المتصدرين في الإقليم عن إجراء الاستفتاء وعدم خرق الدستور والتركيز على محاربة داعش ولم يستمعوا إلى مناشداتنا ثم طالبناهم بإلغاء نتائجه من دون جدوى أيضاً، وبينا لهم حجم الخطر الذي سيتعرض له العراق وشعبه، لكنهم فضلوا مصالحهم الشخصية والحزبية على مصلحة العراق بعربه وكرده وبقية أطيافه». وتابع أنهم «تجاوزوا الدستور وخرجوا عن الإجماع الوطني والشراكة الوطنية، إضافة إلى استخفافهم بالرفض الدولي الشامل للاستفتاء ولتقسيم العراق وإقامة دولة على أساس قومي عنصري». وطمأن العبادي «أهلنا في كردستان وفي كركوك خصوصاً، إلى أننا حريصون على سلامتهم ومصلحتهم ولم نقم إلا بواجبنا الدستوري ببسط السلطة الاتحادية وفرض الأمن وحماية الثروة الوطنية في هذه المدينة التي نريدها أن تبقى مدينة تعايش سلمي لكل العراقيين بمختلف أطيافهم»، ودعا «جميع المواطنين إلى التعاون مع القوات المسلحة الملتزمة توجيهاتنا المشددة بحماية المدنيين بالدرجة الأولى وفرض الأمن والنظام وحماية منشآت الدولة ومؤسساتها». وطالب قوات «البيشمركة» ب «أداء واجبها تحت القيادة الاتحادية باعتبارها جزءاً من القوات العراقية المسلحة»، داعياً «جميع الموظفين في كركوك إلى الاستمرار في أعمالهم في شكل طبيعي وعدم تعطيل مصالح المواطنين». واعتبرت القيادة العامة لقوات «البيشمركة» العبادي «المسؤول الأول عن إثارة الحرب ضد شعب كردستان، ويجب أن يدفع وحكومته ثمناً باهظاً لهذا الاعتداء»، وأكدت أن «الهجوم على كركوك نفذته قوات الحشد الشعبي التابعة للحرس الثوري الإيراني». وأوضحت البيشمركة في بيان أمس، أن «قوات الحشد بقيادة إقبال بور وبالتعاون مع القوات العراقية بدأت في وقت مبكر صباح اليوم (امس)، هجوماً واسعاً على كركوك والمناطق المحيطة بها، وهذا الهجوم يعتبر في شكل صريح إعلان حرب على شعب كردستان». واعتبرت «الهجوم انتقاماً من شعب كردستان الذي طالب بالحرية، ومن أهالي كركوك الأحرار الذين أبدوا موقفاً شجاعاً (...) وللأسف تعاون بعض مسؤولي الاتحاد (حزب آل طالباني) في هذه الأمور وارتكبوا خيانة تاريخية كبرى ضد كردستان والشهداء الذين ضحوا بأرواحهم تحت راية حزبهم، وهؤلاء المسؤولين أخلوا بعض المواقع الحساسة لقوات الحشد الشعبي والحرس الثوري الإيراني من دون مواجهة وتركوا الأخ كوسرت رسول وحده». وأشارت إلى أن «هذا الاعتداء من الحشد الشعبي والقوات العراقية ينفذ بأسلحة التحالف الدولي ومدرعات أبرامز الأميركية والأسلحة الأخرى للتحالف الذي يزود الجيش والحشد الشعبي بها، تحت مسمى الحرب على داعش، في حين لم تمنح البيشمركة الأسلحة الكافية لمواجهة الإرهاب». وأضاف البيان: «نطمئن شعب كردستان إلى أنه على رغم خيانة بعض المسؤولين ومؤامرة الحكومة والحرس الثوري الإيران ستدافع قوات بيشمركة عن كردستان في شكل بطولي ومعنويات عالية في كل المواقع، ونؤكد أنه من غير الممكن كسر إرادة الشعب والسماح بانتصار خصومه من خلال تنفيذ هذه المؤامرة». وطالب «كل بيشمركة الشعب والوطن الحقيقيين والجماهير الصامدة وقاهرة الأعداء بفعل كل ما يمكن للمقاومة وصد المعتدين». إلى ذلك، دعا رئيس الجمهورية فؤاد معصوم خلال لقائه أمس، السفير الأميركي في بغداد دوغلاس سيليمان إلى «وقف النزاع في محافظة كركوك والعودة الفورية إلى الحوار»، وشدد على ضرورة ابتعاد كل الأطراف من التصعيد والخطابات المتشنجة. وأوضح بيان للرئاسة أنه «تم خلال اللقاء التركيز على المستجدات السياسية والأمنية في البلاد، لا سيما التطورات الأخيرة في محافظة كركوك». وأنه عبر عن أمله «بتفهم كل القوى السياسية في البلاد خطورة تفاقم الأوضاع التي من شأنها أن تنعكس سلباً على مستقبل العراقيين جميعاً». كما «ركز على ضرورة شروع القيادات السياسية في العمل لإيجاد أرضية مقبولة وتفاهمات وطيدة تساهم في وضع حلول فورية للمشاكل المندلعة في كركوك، لا سيما بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان»، مشيراً إلى «أهمية الحفاظ على الوحدة الوطنية وحياة المواطنين». وأكد السفير سيليمان «حرص الولاياتالمتحدة على استقرار العراق»، واستعدادها «لتقديم أي دعم لمساعدة العراقين في تجاوز هذه المشكلة»، مؤكداً «دعم بلاده العراق في حربه ضد الإرهاب». من جهة أخرى، أعلن رئيس البرلمان سليم الجبوري من موسكو تأييده نشر القوات الاتحادية في كركوك، وقال إن نشرها «سيؤدي إلى استقرار إقليم كردستان»، وحذر من «تصرفات يمكن أن تندلع شرارتها، وتؤثر في شكل كبير في الأمن والاستقرار». دعوات دولية إلى التهدئة والحوار في المواقف الدولية، قالت الناطقة باسم وزارة الدفاع الأميركية لورا سيل إن واشنطن «ترفض العنف أياً كان مصدره»، محذرة من «التصعيد الذي قد يصرف الانتباه عن الحرب ضد داعش ويهدد استقرار العراق». وأكدت «دعم وحدة العراق (...) فعلى رغم القرار المؤسف لحكومة كردستان بعقد استفتاء أحادي الجانب، يبقى الحوار هو الخيار الأمثل لحل القضايا العالقة، وفق الدستور العراقي». وعلق الكرملين على الخلافات بين بغداد وأربيل بالدعوة إلى أن الخلافات يجب أن تحل من طريق الحوار، وأضاف في بيان إن «الخلافات بين بغداد وأربيل يجب حلها انطلاقاً من وحدة العراق، واحترام حقوق الأكراد». وأعلنت الحكومة التركية استعدادها للتعاون مع الحكومة لإنهاء «حزب العمال الكردستاني» في العراق. وأضافت أن «أنقرة ستساند بغداد في تحقيق السلام والاستقرار في البلاد، بعد استعادة القوات المواقع قرب كركوك من مقاتلين أكراد». وأفاد بيان للخارجية المصرية بأن «القاهرة» تطالب الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان بضبط النفس وعدم الانجراف إلى مواجهات من شأنها أن تزيد من تعقيد الموقف وتأجيج التوتر وحال عدم الاستقرار في المنطقة».