«كم أنا فخور بكم... والمفردات والمعاني تعجز عن وصفكم... أقول ذلك ليشهد التاريخ... وتكتب الأقلام... وتحفظ الذاكرة الوطنية بأنكم بعد الله صمام الأمان لوحدة هذا الوطن وأنكم صفعتم الباطل بالحق... والخيانة بالولاء وصلابة إرادتكم المؤمنة»... بهذه الكلمات المعبرة جداً استهل خادم الحرمين الشريفين كلمته للشعب السعودي الوفي، وليؤكد على دور هذا الشعب في حفظ الوحدة الوطنية، والأمن والاستقرار، وأنه صمام أمان وسياج قوي لهذا الوطن الذي أكرمه الله بوجود أقدس مدينتين على أرضه (مكةالمكرمة والمدينة المنورة)، منوهاً كذلك بشكره للعلماء والمفكرين ورجال الأمن لدورهم في حماية استقرار وأمن هذا الوطن الغالي. لقد كانت كلمة خادم الحرمين الشريفين وأوامره السامية، خريطة طريق لمرحلة جديدة للدولة السعودية، تنم عن مدى حرصه على مصالح وهموم الشعب السعودي الوفي، الذي عبّر عن وفائه وإخلاصه، بشكل لا يقبل أي تشكيك، من خلال رفضه لكل من حاول أن يخترق جداره الحصين، وبث الفرقة بين أبنائه، والدس بينه وبين قيادته، لذلك ليس غريباً على خادم الحرمين الشريفين أن يرد الشكر والتقدير لهذا الشعب، فدائماً يبدأ كلماته بشكر شعبه وأنه واحد منهم، يصيبه ما يصيبهم وينتظر النصح منهم. كما بيّنت كلمة خادم الحرمين الشريفين، كذلك مدى قربه من هموم شعبه وتلمسه لها، ولذلك جاءت كلماته قريبة جداً من عقول المواطنين وقلوبهم، فخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز هو دائماً قريب من شعبه عقلاً وقلباً، وكذلك جسماً، فهو من يخاطبهم بأبنائي وبناتي، وهو من يستقبلهم في ديوانه وبيته، منتهجاً نهج الملك المؤسس، رحمه الله، عبدالعزيز بن عبدالرحمن وأشقائه الملوك من قبله، رحمهم الله جميعاً، وهذا هو ديدنه ومنهجه. أما ما يتعلق بالأوامر السامية فقد غطت تقريباً كل ما يتعلق بهموم وحاجات المواطنين، المعيشية والخدمية، والتنموية، إذ بدأها بإهداء موظفي الدولة وطلاب التعليم العالي كافة راتب شهرين، ورفع الحد الأدنى للرواتب إلى ثلاثة آلاف ريال، وهو قرار سوف يلامس الآلاف من المواطنين الذين تقل رواتبهم عن هذا المبلغ، ويرفع من مستوى معيشتهم، ويسهم مع القرارات الأخرى في دفع عجلة التنمية المستدامة. كما خصص للباحثين عن العمل مبلغ 2000 ريال شهرياً اعتباراً من 1 - 1 - 1433ه، لتكون لبنة في بناء معالجة البطالة التي يعاني منها أبناء هذا الوطن، وتبعدهم عن الحاجة التي قد تجبرهم على سلوك مضر يؤثر على مستقبلهم. كما أن تخصيص «60 ألف» وظيفة لرجال الأمن سوف يسهم إسهاماً بناءً في الحد من أعداد العاطلين من ناحية، وتعزيز قطاع الأمن من ناحية أخرى. لم ينسَ خادم الحرمين الشريفين حاجتين مهمتين من حاجات المواطن، هما السكن والرعاية الصحية، إذ أمر بتخصيص مبلغ وقدرة «250 بليون ريال» لبناء 500 ألف وحدة سكنية في مناطق المملكة كافة، وخلال فترة وجيزة، لتعالج همّاً من أكبر الهموم التي تواجهها المملكة، ونص الأمر على أن يرفع له تقرير شهري عن مجريات العمل، وكذلك وجه أمراء المناطق بالاجتماع مع وزير البلديات رئيس اللجنة، للإسراع في تخصيص الأراضي لهذا المشروع الجبار، وفي حال عدم وجود أراضٍ حكومية وجه وزارة المالية بإيجاد أراضٍ للبناء عليها. كما تضمنت أوامره كذلك رفع قيمة القرض العقاري من 300 ألف ريال إلى 500 ألف ريال، وتغطية الزيادة من وزارة المالية على ألا تؤثر في زيادة رأسمال الصندوق التي أمر بها في أوامره السابقة عندما عاد من العلاج. أما ما يتعلق بالرعاية الصحية، فقد أمر بإنشاء عدد من المدن الطبية تغطي جهات المملكة الأربعة كافة، في الوسطى والشرقية والغربية والشمالية والجنوبية، بطاقة استيعابية تتراوح ما بين 1000 و1500 سرير، و200 عيادة خارجية لكل مدينة، إضافة إلى رفع الحد الأدنى للتمويل للقطاع الصحي الخاص من 50 مليوناً إلى 200 مليون، دافعاً باتجاه تشجيع القطاع الخاص بالاستثمار في القطاع الصحي. لقد تضمنت أوامر خادم الحرمين الشريفين إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وارتباطها مباشرة به، ونص القرار على أن يبدأ بوضع نظامها فوراً وينتهي العمل فيها في فترة وجيزة، وإعطائها الصلاحيات لمحاسبة أي مخالف، كائناً من كان، ولذلك أعتقد أن هذه الأوامر سوف يكون لها الأثر الملموس على أداء الجهات الحكومية، ما ينعكس على الاقتصاد والأداء للجهات الحكومية. كما لم يغفل حماية أبنائه من جشع المستغلين والطامعين، فقد وجه باستحداث 500 وظيفة لوزارة التجارة، هدفها حماية المستهلك من الاستغلال. لقد كانت كلمة خادم الحرمين الشريفين وأوامره بداية لمرحلة جديدة في بناء الدولة السعودية واستمرارها وديمومتها، إذ لا مست جميع القطاعات، المعيشية والخدمية، وحتى الفكرية، التي يحتاج لها الشعب السعودي، ولتمثل خريطة طريق واضحة لتنمية هذا البلد من ناحية، ولتكاتف القيادة مع الشعب من ناحية أخرى، لذلك لا يختلف اثنان على أن خادم الحرمين الشريفين «ملك الإنسانية» وجه كلمته وأصدر أوامره في الوقت الذي تتطلع كل الأنظار لهذا البلد الذي يمثل ثقلاً إقليمياً ودولياً، ليظهر للجميع مدى حرصه ومعرفته وثقته بشعبه، وكذلك قربه من تطلعاته وحاجاته التنموية والمعيشية. يجمع المراقبون والمحللون على أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز هو الربان الماهر الذي سوف يبحر بسفينة المملكة العربية السعودية بكل أمان بين هذه الأمواج والعواصف التي تضرب المنطقة، وتهدد كيانها واستقرارها. وما أكد تحليلاتهم وتوقعاتهم في السعودية ما عبّر عنه شعب الوفاء لملك الوفاء ولقيادة الوفاء برفض الدعوات المشبوهة التي هدفت إلى زرع الفتنة بين أبنائه، وبث الخوف وعدم الأمان، لذلك الوضع في المملكة مختلف، فالقيادة متلاصقة مع الشعب وقريبة منه، وهو قريب منها، والالتقاء بينهما دائم ومستمر. نعم يا ملك الإنسانية أظهر شعبك الوفاء والولاء لك، وأظهرت أنت له الوفاء، فأنت ملك الوفاء لشعب الوفاء. * أكاديمي سعودي.