صافح خادم الحرمين الشريفين شعبه بعد فترة غيابه مستشفياً بخطاب قصير، بسيط الكلمات، لكنه عميق المعنى، شدد فيه على المساواة بين المواطن والمواطنة، بتوجيه الخطاب لكليهما، مبدياً فخره واعتزازه بالشعب السعودي، الذي وصفه بصمام الأمان للوطن بوحدته والتفافه حول قيادته، وهذا له دوره الكبير في الحفاظ على اللُحمة الوطنية التي تعزز قوة الوطن وصلابته في درء الأخطار والفتن المحيطة به من كل جانب، في عالم عمته الفوضى والاضطرابات، ثم شكر جلالته هيئة كبار العلماء والكتّاب والمفكرين وكل فئات الشعب السعودي من رجال ونساء وأطفال، بعفويته المعروفة، وحبه الصادق لشعبه الذي يبادله المشاعر نفسها. إن القارئ للأوامر الملكية يجدها في مجملها مسخرة لخدمة المواطن السعودي في شتى جوانب حياته المعيشية والدينية، والاجتماعية، والصحية، ومحاربة الفساد والبطالة، فالهيئة الوطنية لمكافحة الفساد هي غاية كل مواطن لما سيكون لها من أيدٍ قوية في قمع الفساد، سواء في القطاعات العامة أو القطاعات الخاصة، فلن يكون هنالك مداخل للتلاعب بالمشاريع وتأخير نمو البنية التحتية للوطن، ولن يكون هنالك مجالات للاختلاسات أو السرقات، أو الاحتيال بالاستيلاء على حقوق المواطنين، ونهب أراضيهم، أو تعطيل مصالحهم، خصوصاً وهذه الهيئة ذات كيان وزاري مرتبط بجلالته مباشرة، والواقع أن هذه الهيئة التي أعلن عن تكوينها منذ سنوات ظلت حلماً يراود المواطن حتى تحقق الآن وبصورة جازمة تجعلنا نطمئن إلى أننا لن نرى للفساد يداً تنخر في نمو الوطن وتجثم على أنفاس المواطنين وآمالهم، يضاف إلى ذلك معالجة البطالة والمسارعة في إيجاد الحلول من صرف رواتب للعاطلين والتشديد على ضرورة البحث لهم عن فرص وظيفية بحيث لا يقل راتبها عن (3 آلاف ريال) قابلة للزيادة من شأنها أن تعجل بحل مشكلة البطالة، خصوصاً مع وجود الفرص المتاحة لتوظيف الشباب في وزارة الداخلية عن طريق إحداث (60) ألف وظيفة التي أمر بها الملك عبدالله، وال (500) ألف وظيفة أيضاً التي أمر بها في وزارة التجارة، وبهذه الحزمة من الحلول أعتقد، ومن وجهة نظري، أننا نمشي في الطريق الصحيح العملي لمواجهة البطالة في صفوف الشباب من الجنسين، أما الخدمات الصحية التي شملت إنشاء مستشفيات كبيرة عدة في جميع مناطق المملكة، ومراكز للأورام والأبحاث ودعم المستشفيات الخاصة، لاشك أنها ستكون بمثابة نقلة هائلة في توسيع الخدمة الصحية، وتقليل ملفات الانتظار التي يتلظى المواطن في سحيق بُعد مواعيدها ما يجعل المريض يموت قبل أن يدرك موعده في الفحوص ومقابلة الأطباء، وما يفرح قلب المواطن حقيقة الأمر الذي يقضي بمراقبة الأسعار والتشهير بالمخالفين، وهذا الموضوع يعتبر طوق نجاة ربما يخفف من وطأة غلاء الأسعار والحد من التلاعب بها من المستفيدين الذين استغلوا موجة الغلاء العالمي. وبخصوص «سعودة» الوظائف ورفع أسماء الرافضين لها إلى الملك شخصياً، أثق إذا طُبق هذا القرار بحزم من الجهات المنفذة أنه سيوفر الكثير من الفرص الوظيفية للسعوديين المستحقين لها، أما هموم العقار ومشكلاته المستديمة، ومع هذه الأوامر الصادرة من خادم الحرمين الشريفين فنأمل كمواطنين أن تسهم في خفض أسعار العقار ويتحقق للمواطن من خلالها السكن المريح تملكاً أو إيجاراً، ولا ننسى أن ترميم المساجد ودعم جمعيات تحفيظ القرآن، وصرف الرواتب الإضافية التي أمر بها كلها تصب في مصلحة المواطن دينياً ومعيشياً، ولن ينسى الشعب فارس الإصلاح ورائد الوطن في حملاته المستمرة لعلو هامة الوطن والمواطن، وتلبية حاجاته، وهذا أمر غير مستغرب من رجل كريم، امتلك محبة الشعب وثقته، ولن يبخل عليك بتلبية طلبك العفوي البسيط وهو الدعاء لك، فثق يا ملكنا النبيل أنه يدعو لك من قبل ومن بعد ولن يسهو عن ذلك لحظة، فأنت في قلوبنا كما نحن في قلبك.