تحاول الدكتورة السعودية عائشة المانع منذ أكثر من ربع قرن، تحقيق بعض المطالب التي تساهم في تحسين وضع المرأة في بلادها، فهي تطالب مثلاً بمنح المرأة رخصة القيادة، وجاهدت وزميلاتها في إزالة العقبات أمام عمل المرأة، ومساواتها في الحقوق الوظيفية مع الرجل. تحترم المانع الرجل كثيراً وتنتقده أكثر، وتقول في حديث إلى «الحياة» إن الفرص تتاح له ولا تتاح للنساء مثله، ومع ذلك تتفوق المرأة عليه كثيراً» ... ويزعجها أن يكون التشريع منبعه العادات من دون نص شرعي، وترى في مسألة ولي الأمر انتهاكاً لإنسانية المرأة. تقول المانع: « زاد حراكي الاجتماعي بعد تجربتي الوظيفية التي دامت نحو 11 سنة، ووجدت أن دور المرأة الاقتصادي يزيد من قوتها وعطائها وفعاليتها في المجتمع أكثر من عطائها في الوظيفة. كما وجدت أيضاً حضاً وتشجيعاً من والدي على مسألة التعليم في وقت لم تكن الظروف مهيأة لسيدات كثيرات أخريات». وتضيف: «حين تعلمت رأيت أنه عليَّ أن أسدد ديناً لوطني، لكنني تحيّزت لأجل المرأة، حين رأيت المعاملة الدونية والظلم الذي تعاني منه، استوعبت أن ما يمارس ضدها ما هو إلا ممارسات متعارف عليها اجتماعياً، وتراكمت عبر العصور، وربطت التقاليد بالوقائع حتى قننت من دون الرجوع للواقع الحقيقي». وعن رؤيتها لمساواة المرأة بالرجل توضح المانع أن «هناك حقوقاً وطنية، كما هي في مجال التعلّم والعمل والقوانين والأنظمة الاجتماعية التي تحكم بما لا يتعارض مع الشريعة والدين، وعلموا أولادكم الرماية والسباحة وركوب الخيل، ولم يحدد قوله إن كان الأمر يعود إلى الذكور من دون الإناث، وفي المقابل كثيراً ما نشاهد هذا النوع من التضارب يحدث بين المشايخ حين يُحرّم أحدهم أمراً بينما يحلّله الآخر. لذا يلزم أن يكون هناك مصدر رئيس يتحقق بخصوص أي رأي يخرج، فيفنده أو يؤكده بناء على أسس ومصادر شرعية موثقة». وترى المانع أن المرأة الخليجية مسيرتها معطلة بسبب عدم قدرة أصحاب القرار في تخطي بعض العقبات الاجتماعية المتراكمة. وتنسب ذلك إلى «الخوف من الآخر والمجهول»، وتضيف: «لكن التغيّرات آتية، وإيقاف المرأة يعد من المستحيلات، ونحن السعوديات في المحافل الدولية ناجحات، وفي الداخل غائبات وفخر لنا أن يعترف العالم الخارجي بنا قبل حدوث الأمر من مجتمعنا، إذ حصلت الدكتورة ثريا عبيد على منصب نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، وفي مختلف العلوم كرمت كل من الدكتورة سميرة إسلام وحياة سندي. ونحن نفتخر بهن ونعتبرهن بمثابة الواجهة المضيئة للمرأة». وتشير إلى أن اللافت في الأمر، «أننا لم نجد رجالاً وصلوا بجهودهم إلى ما وصلت إليه المرأة في المحافل الدولية». وحول علاقة الرجل بالمرأة توضح المانع: «مما لا شك فيه أن للرجل دوراً مهماً في حياة المرأة، لكن هذا لا يلغي أن عليها أن تكون أكثر استقلالية، لا سيما في قراراتها الشخصية المتعلقة بالتعليم والصحة والوظيفة، وأمورها المالية، إذ لا ينبغي أن يكون للرجل أي تسلّط أو احتكار لمدخراتها المالية. ففي جانب العلاج على سبيل المثال لا تستطيع المرأة تلقّي علاجها إلا بموافقة من ولي الأمر، كذلك في السفر. ومع هذا فإننا لا نستطيع إلغاء دور الرجل المهم في الأسرة والمجتمع ككل». وعن بطء مسيرة التنمية للمرأة السعودية تقول الناشطة السعودية: «يخلط الرجال بين الأعراف والتقاليد الاجتماعية والمدنية من دون تفريق بين الواقع الذي نعيشه الآن في مجتمعنا وواقع أجدادنا سابقاً. إننا الآن في عصر التكنولوجيا والمعلوماتية، عالم مهول في تطوره وسرعته. وإذا ما جئنا بمقارنة بين الحاضر والماضي فسنجد أن المرأة كانت تجد سهولة أكبر في تسوّقها عن الآن، في الوقت الحاضر باتت الأوضاع أكثر صعوبة. ووضع الكثير من القرارات في الأدراج مخنوقة بقفل التهميش، لأن بعضاً من المسؤولين الجدد لا يعتنون بالاهتمام بتطوّر مجريات الأحداث ومواكبة جديد العصر، فيجلسون على مناصبهم معتمدين على القرارات التي سبقتهم من دون أن يكلفوا أنفسهم عناء وضع قرارات محدثة بناء على الحاضر ورؤية المستقبل». تشغل العلاقة بين الرجل والمرأة حيزاً من اهتمام المانع إذ أعدت دراسة في ذلك، وتوضح: «وراء كل رجل عظيم امرأة، فهي تركز اهتمامها على الأمور الخاصة والصغيرة، بينما الرجل ينشغل بالأمور العامة. ولاحظت ذلك الأمر بدقة أثناء إجرائي دراسة في البادية، هناك اخترت الأشخاص البعيدين كل البعد عن المدنية، وبمراقبة الوضع عن كثب رأيت النساء يغزلن بيوت الشعر، ويرعين ويلدن وينتجن ويعملن تاجرات في بيع منتجاتهن، بينما الرجل كان يحمي ويحرس فقط». وتضيف: «عند اكتشاف البترول قامت الشركات الأم الكبيرة بإسناد الوظائف للرجال الذين لم يكونوا ملمين بمسألة الإنتاج كما هي المرأة، التي طالما اعتادت على العمل، وهمشوا دورها بتفضيل بقائها في البيت. لذا ترين المدير السعودي لا يأتي بآراء وأفكار جديدة إنما كل ما يقوم به هو الختم».