الدكتورة عائشة تحترم الرجل كثيراً وتنتقده أكثر، وترى في حوارها مع «&» أن الفرص تتاح له ولا تتاح للنساء مثله، ومع ذلك تتفوق المرأة عليه كثيراً... يزعجها أن يكون التشريع منبعه العادات من دون نص شرعي، وترى في مسألة ولي الأمر انتهاكاً لإنسانية المرأة... هي مناضلة من أكثر من ربع قرن ولا تزال تنشد تحقيق رسالتها من خلال حقها كمواطنة سعودية... فإلى تفاصيل الحوار: عرفينا على نشأتك والحياة التي عشتها... طريقتها ونوعيتها... المحظور والمقبول فيها؟ - ولدت في مدينة الخبر، والدي عمل في شركة «أرامكو السعودية»، ومن ثم انتقل إلى تجارة المقاولات. ودرست المرحلة الابتدائية في الإسكندرية، والمتوسطة والثانوية والجامعية في بيروت، وبعدها أكملت الماجستير والدكتوراه في تخصص علم الاجتماع في الولاياتالمتحدة الأميركية. ولأن جزءاً من حياتي قضيته في الخارج، كثيراً ما كان والدي يركز على أهمية اعتمادي على نفسي في تحصيلي العلمي، وفي الوقت ذاته كان يحذّرني من الانتماء إلى أي حزب أو سياسة أو فكر قد يغلق فكري. وفي المقابل كنت أتلقى حثاً على الممارسات الاجتماعية الهادفة، وبخاصة فيما يسهم بتنمية دور المرأة في المجتمع، ومن بينها الجمعيات الخيرية أيضاً. في الخارج كيف وجدت نظرة الآخرين لك كامرأة سعودية؟ - لم يكن وجودي مستغرباً في مصر ولبنان، حيث كان عدد طالبات العلم من السعوديات كثيراً، وفي أميركا كان البعض يستفسر عن السعودية، حينها لم تكن هناك فضائيات ولم يكن الإعلام منتشراً، بعكس هذا الزمن الذي بات بواسطة التكنولوجيا يصل إلى الشرق بالغرب. كيف تقارنين وضع المرأة السعودية في شبابك مقارنة بالزمن الراهن؟ - سابقاً كانت النساء منتجات ويعملن من دون موافقة ولي الأمر في مجالات عدة، كالبيع والشراء والإنتاج، والآن ظهرت على السطح أنظمة جديدة مخالفة للواقع المنطقي، فصاروا يحتجون على مسألة الاختلاط في العمل، مع العلم أن المرأة ومنذ زمن بعيد كانت تعمل في الحقل والبادية مع الرجل جنباً إلى جنب، كما أن «أرامكو السعودية» تعمل بهذا الوضع (الاختلاط في العمل)، ولم يعترض أحد على ذلك. عائشة المانع اسم سعودي نشط يقع ضمن أسماء سعودية نسوية معدودة، ما الذي دفعك كسيدة للانخراط في عالم المال والأعمال بجرأة؟ - حراكي الاجتماعي زاد بعد تجربتي الوظيفية التي دامت نحو 11 عاماً، وجدت حينها دور المرأة الاقتصادي سيزيد من قوتها وعطائها وفعاليتها في المجتمع أكثر من عطائها في الوظيفة. كما وجدت حثاً وتشجيعاً من والدي - يرحمه الله - على مسألة التعليم في وقت لم تكن فيه الظروف مهيأة لسيدات كثيرات أخريات. وحين تعلمت رأيت أنه عليَّ أن أسدد ديناً لوطني، لكنني تحيّزت لأجل المرأة، حين رأيت المعاملة الدونية والظلم الذي تعاني منه، استوعبت أن ما يمارس ضدها ما هو إلا ممارسات متعارف عليها اجتماعياً، وتراكمت عبر العصور، وربطت التقاليد بالوقائع حتى قننت من دون الرجوع للواقع الحقيقي. إذاً أنتِ مع مساواة المرأة بالرجل؟ - المساواة تأتي في ما يتعلق بالحقوق والواجبات، هناك حقوق وطنية، كما هي في مجال التعلّم والعمل والقوانين والأنظمة الاجتماعية، والتي تحكم بما لا يتعارض مع الشريعة والدين، وعلموا أولادكم الرماية والسباحة وركوب الخيل، ولم يحدد قوله إن كان الأمر يعود إلى الذكورمن دون الإناث، وفي المقابل كثيراً ما نشاهد هذا النوع من التضارب يحدث بين المشايخ حين يُحرّم أحدهم أمراً بينما يحلّه الآخر. لذا يلزم أن يكون هناك مصدر رئيسي يتحقق بخصوص أي رأي يخرج، فيفنده أو يؤكده بناء على أسس ومصادر شرعية موثقة. ما موقفك من قضية الحجاب... هل ترين في الحجاب رقابة غير مقبولة؟ - يعتمد على نوع الحجاب، وهناك تفسيرات مختلفة للأمر، بعضهم فسّره على أنه غطاء الوجه، فيما فسّره آخرون على أنه غطاء الشعر. وبرأيي لو عدنا إلى القرآن الكريم لما وجدنا ما ينصّ على وجوب تغطية الوجه أو الشعر، الأمر يعتمد على المفسّر نفسه. بالنسبة إليّ أنا أجد أن الحجاب هو حجاب النفس عن الأشياء غير المقبولة في الإسلام. وهنا لا أقصد اللباس، إنما أخلاقيات الشخص وممارساته في الحياة بشكل عام. ولكل منا حرية الرأي والتعبير في الأمر، لأن ديننا الإسلامي لا يوجد به من له ولاية دينية على الآخر. في ظل الفرص القليلة للمرأة السعودية كيف ترين خياراتها العلمية والعملية؟ - اختياراتها محدودة جداً بوفرة المتوافر. لماذا هناك «فوبيا» من كل برنامج تنموي يهم المرأة بالذات عندنا؟ - إنه الخوف من الآخر والمجهول. لكن التغيّرات آتية آتية وإيقاف المرأة يعد من المستحيلات. في ظل عدم وجود فرص للمرأة عندنا كما يجب... لماذا لا نرى مبادرات نسائية لتحريك المياه الراكدة وتغيير دفة القرار لمصلحتها؟ - بلا، هناك حراك لكن يعتمد على نوع مجاله، سيدات الأعمال مثلاً أكثر حراكاً من اللواتي يعملن في مجال التعليم والمجالات الأخرى، فعملهن الحر التجاري منحهن الحرية في التفكير واتخاذ القرار، ما جعلهن في الواجهة لاسيما حين يطالبن جهات القرار بما يخص عملهن وحاجاتهن. وأذكر على سبيل المثال حملة إلغاء الوكيل وإشراك المرأة في مجالس إدارات الشركات وإعطائها الحق بأن تكون عضوة في الشركات العائلية، وحين طالبن بأن تشارك في الغرف التجارية ونجحن في كل تلك الخطوات. السعوديات والمحفل الدولي السعوديات في المحافل الدولية ناجحات، وفي الداخل غائبات؟ ألا يتسبب ذلك في تخلفنا عن المسيرة العالمية؟ - فخر لنا أن يعترف العالم الخارجي بنا قبل حدوث الأمر من مجتمعنا، إذ حصلت الدكتورة ثريا عبيد على منصب نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، وفي مختلف العلوم كرمت كل من الدكتورة سميرة إسلام وحياة سندي. ونحن نفتخر بهن ونعتبرهن بمثابة الواجهة المضيئة للمرأة. واللافت في الأمر أننا لم نجد رجالاً لديهم فرص ووصلوا بجهودهم إلى ما وصلت إليه المرأة في المحافل الدولية. ألا تشعرين بأن المؤسسات ذات العلاقة بالشؤون الاجتماعية اختطت طريق الوجاهة والدعاية أكثر من العمل والتغيير؟ - لقد عملت في هذا الحقل سنوات طويلة، ومشكلة الوزارة تكمن في قِدَم أنظمتها التي لم يطرأ عليها أي تحديث أو تغيير منذ ما يقارب ستين عاماً ومازلنا نسير على الدرب نفسه. برأيك... من يتحمل مسؤولية استياء الأجيال الجديدة من هويتهم؟ - لم أقم بعمل دراسة في الأمر، ولا أعلم من أي جانب هم مستاؤون. تنادين باستقلال المرأة في حين أن الكثير من النساء يخيبن الظن حين يناشدن بأهمية الرجل كركيزة أساسية في حياتهن؟ - مما لا شك فيه أن للرجل دوراً مهماً في حياة المرأة، لكن هذا لا يلغي أن عليها أن تكون أكثر استقلالاً، لاسيما في ما يختص بقراراتها الشخصية المتعلقة بالتعليم والصحة والوظيفة. وأخص بالتحديد ما يتعلق بأمورها المالية، إذ لا ينبغي أن يكون للرجل أي تسلّط أو احتكار لمدخلاتها المالية. ففي جانب العلاج على سبيل المثال لا تستطيع المرأة تلقّي علاجها إلا بموافقة من ولي الأمر، كذلك يحدث معها في السفر. ومع هذا فإننا لا نستطيع إلغاء دور الرجل المهم في الأسرة والمجتمع ككل. غالبية ما يخص المرأة من قرارات قاعدتها قادة رجال، لكن الكثير منها لا يزال حبيس الأدراج ومهمشاً، ترى هل لدى الرجل عقدة من المرأة برأيك؟ - يخلط الرجال بين الأعراف والتقاليد الاجتماعية والمدنية من دون تفريق بين الواقع الذي نعيشه الآن في مجتمعنا وواقع أجدادنا سابقاً. إننا الآن في عصر التكنولوجيا والمعلوماتية، عالم مهول في تطوره وسرعته. وإذا ما جئنا بمقارنة بين الحاضر والماضي فسنجد أن المرأة كانت تجد سهولة أكبر في تسوّقها عن الآن، في الوقت الحاضر باتت الأوضاع أكثر صعوبة. ووضع الكثير من القرارات في الأدراج مخنوقة بقفل التهميش، لأن بعضاً من المسؤولين الجدد لا يعتنون بالاهتمام بتطوّر مجريات الأحداث ومواكبة جديد العصر، فيجلسون على مناصبهم معتمدين على القرارات التي سبقتهم من دون أن يكلفوا أنفسهم عناء وضع قرارات محدثة بناء على الحاضر ورؤية المستقبل. في ظل تطوّر برامج التعليم العالي... ما الذي تشعرين بأنه ينقصنا؟ - منذ سنوات ونحن نركز على مخرجات تعليمية غير مهنية وليست مهيأة، وحاجة السوق في الوقت الحالي تتطلب مخرجات مهنية وعلمية، لاسيما في ما يخص جانب المرأة. لقد اكتفى المجتمع من خريجات قسم الآداب. هل ترين أن للمفكرين دوراً كبيراً في عملية التغيير؟ أم أنك ضد التمييز بين المفكر وغير المفكر؟! - كلا، من وجهة نظري لا تمييز بينهما إلا بمقدار عطائهما الفكري والشخصي وما يقدمانه للمصلحة العامة والبلد. أليس ثمة ضرورة أن تؤدي فئة معيّنة من الناس دور المحرّك في مجتمع يزداد جموداً يوماً بعد يوم؟ - الحراك موجود، والمجتمع ليس ميتاً، ولا حاجة لإنشاء جماعة ما بلا هدف أو دور مهم، لكن الحراك ينهض من خلال شعور المواطنين بالحاجة لأمر ما. يقال إن عائشة المانع تدير شركة تقدر ربحيتها ب 600 مليون ريال، أخبريني عن لعبة المال والأرقام التي باتت في زمن حكراً على الذكور؟ - إنها معلومة غير دقيقة، ولا تخرج عن كونها مجرد توقّعات أتى بها بعضهم، ولا توجد شركة تجرؤ على التصريح بالرقم الحقيقي لربحية منشأتها. وأنا كسيدة أعمال تعمل ضمن شركة عائلية، أتيحت لي فرص النجاح، خصوصاً أن البنية التحتية للشركة العائلية مهيأة من ناحية المناخ، الذي من خلاله ستثبت أي امرأة غيري أو في مكاني أنها ناجحة أو فاشلة. ومثال على ذلك لي تجربة في عام 1984حين عملت شراكة نسائية من أجل إنشاء مركز حاسب آلي لتدريب المرأة، لكن المشروع فشل، لم تكن لدينا البيئة الحامية مثل ما يحدث في الشركة العائلية، ولم نجد جهة داعمة تمنحنا الترخيص، مع أننا كنا مرتبطين بالرئاسة العامة لتعليم البنات، وفشل المشروع كان نتيجة لضريبة الرؤية التي بنيناها، إذ لم تكن هناك إدارة جيدة تديره، حينها لم يكن الحاسب الآلي معروفاً بقيمته مثل الآن، إذ ظهر عالمياً في عام 1984 ومشروعنا جاء بعده بعام، حتى إن بعض من جهل به حرّمه على النساء، ما اضطرنا إلى إغلاق المشروع الذي انتهى بالفشل. ما هي سياسة وأنظمة كلية المانع؟ - سياستنا غير ربحية وتعتمد على الجودة في المخرجات، وحقق نحو 95 في المئة من طلابنا النجاح في الكفاءة السعودية للتصنيف المهني كخريجات مؤهلة، بحسب التصنيف المهني وبشهادة الهيئة السعودية للتخصصات ما تقديرك للكفاءات الرجالية مقارنة بالنسائية في شركات المانع ؟ - إذا لم تتفوق النساء على الرجال فهن على المستوى ذاته. عقول نساء يظلمها الرجال يقال إن عقولاً نسائية تقف وراء الكثير من قرارات الرجال... هل تؤمنين بهذا القول؟ - وراء كل رجل عظيم امرأة، هذا ما أؤمن به. فالمرأة تركز اهتمامها على الأمور الخاصة والصغيرة، بينما الرجل ينشغل بالأمور العامة. ولاحظت الأمر بدقة أثناء إجرائي دراسة في البادية، هناك اخترت الأشخاص البعيدين كل البعد عن المدنية، وبمراقبة الوضع عن كثب رأيت النساء يغزلن بيوت الشعر، ويرعين ويلدن وينتجن ويعملن تاجرات في بيع منتجاتهن. بينما الرجل كان يحمي ويحرس فقط. ويمثل سكان البادية في وقت إجراء الدراسة 75 في المئة، وأثبتت الإحصاءات التي قامت بها وزارة الزراعة أن 85 في المئة من العاملين في الزراعة، من فئة أفراد العائلة المكونة من النساء والأطفال. وعند اكتشاف البترول قامت الشركات الأم الكبيرة بإسناد الوظائف للرجال الذين لم يكونوا ملمين بمسألة الإنتاج كما هي المرأة، التي طالما اعتادت على العمل، وهمشوا دورها بتفضيل بقائها في البيت. لذا ترين المدير السعودي لا يأتي بآراء وأفكار جديدة إنما كل ما يقوم به الإمضاء. يحتار بعضهم ويتساءل من أين أتت ثروات النساء طالما لا حرية للاستثمار النسائي في المملكة؟ - بعضهن حصلن على ثرواتهن عن طريق الإرث، لكن أعرف سيدات أعمال كثيرات يعملن في العقار من منطلق أن العقار يمرض ولا يموت، أو عبر بيع وشراء الأسهم في الشركات والفيزا والصفقات، ومكاسبهن بالملايين ولكن في الظل، وعادة ما تكون مكاتبهن بيوتهن، التي من خلالها تدار مشاريعهن بعقولهن، وهذه الطريقة في الاستثمار آمنة مليون في الألف. هل للحدس الشخصي دور في تقدير الثروة المستقبلية؟ - أنا لا أعتمد على الحدس في عملي، في العام الماضي حققت أهدافي التي وضعتها، وفي ما يتعلق بالعام الجديد، فأنا أضع نصب عيني دراسة جديدة أرسم فيها أهدافي المحددة، وتطلعاتي أن تتضاعف إنتاجية الشركة التي أعمل لأجلها بنسبة واحد في المئة في العام، وأسير على مثل هذه الخطة كل عام، وهذا يسهل الأمر على نفسي وعلى الموظفين الذين يعملون تحت إدارتي، لكن في ما يخص التجارة فهي شطارة إما مكسب أو خسارة. كيف تستثمرين في قطاع الصحة وقد صرّحت من قبل بأنه يعاني من فجوة، والربحية فيه قد لا تكون آمنة؟ - حينها قصدت الفارق في النقص بين المهنيين من فنيين وأطباء في المجال الصحي من سعوديين ووافدين، وأشرت إلى أن الغالبية في المجال الطبي تعتمد على اليد العاملة من الوافدين. ومثال ذلك لدينا في مستشفيات المانع أكثر من 2700 ممرضة من الوافدات، ونضطر في كل عام لإحلال 10 في المئة منهن لأسباب تتعلق بإنهاء العقد أو التعاقد أو السفر، وتلك الخسارة لا نستطيع تعويضها إلا من خلال مخرجات التعليم، وكلية محمد المانع الصحية لا يمكنها تخريج أكثر من 100 ممرضة في العام. صرّحت في وقت سابق بأن 80 في المئة من موظفي القطاع الصحي في المملكة غير سعوديين، و12 في المئة سعوديون. بالنسبة إلى مستشفى المانع كم تبلغ نسبة السعودة فيه؟ وهل مخرجات كلية المانع تغطي العجز لتكون بمثابة مدخلات رجعية له؟ - بكل تأكيد، لكن في حال كان الخريجون تابعين لصندوق الموارد البشرية على أساس التوظيف الذي ينتهي بالتدريب، فهم مطالبون بالعمل ضمن دائرتنا لمدة سنة أو سنتين كنظام يضعه الصندوق. وفي حال كانوا مدعومين من المانع فهم مطالبون بالعمل بقدر السنوات التي درسوها، أما من دفعوا لتعليمهم فلهم الحرية في القرار. لكن نسبة السعودة في مستشفيات المانع بلغت 30 في المئة. ذكرت أن منطقة الخليج أرض خصبة للتدريب، وأن 20 في المئة منهم يتدربون ومن ثم يعملون خارج المملكة كعمالة مؤهلة، كيف نكون بيئة مؤهلة للتدريب ولا نملك الكفاية في العدد بعد؟ - كنت أعني بحديثي أننا في المملكة نقوم بتوظيف الممرضات والأطباء حديثي التخرج من الوافدين. هؤلاء يأتون إلى الخليج ويعملون في مستشفياته الغنية بأحدث الأجهزة والتكنولوجيا. بالنسبة إلى الممرضات السعوديات كيف تقوّمين كفاءتهن؟ - خريجات جامعات المملكة مؤهلات للعمل، والمشكلة تكمن في التجارة التي حدثت في قطاع التدريب الصحي، فقد خرجت إلى السطح معاهد أشبه بالفقاعات، إذ ينشئون بمعدل معهد صحي في كل شهر، يعني في خلال ثلاث سنوات أنشأ أحدهم ما يقرب من 40 معهداً، يخرجون من خلالها كوادر طبية غير مؤهلة، وبعضهم استفاد من صندوق الموارد البشرية بطريقة أو بأخرى. من الضحية هنا؟ - الطالب، لكنهم أساؤوا أيضاً إلى المعاهد التي تهتم بالجودة. كلامك يعني أن مخرجاتنا الصحية ليست مؤهلة إنما خطرة في ظل تنامي ظاهرة معاهد الفقاعات؟ - يفترض أن تكون هناك معايير محددة توضع من الهيئة السعودية التي تمنح التراخيص لتلك المعاهد، مثال على ذلك يجب عليهم تحديد نسبة نجاح الكوادر في نهاية العام كي لا تكون مخرجاتهم ضعيفة وغير مؤهلة للعمل. لست مع وزير الصحة حين أطلق قراراً يفيد بمنع توظيف خريجي المعاهد الصحية، إذ لا يوجد مستشفى في العالم يستغني عن خريجي المعاهد الصحية. وحينما وجدت الأخطاء الكثيرة في الآونة الأخيرة لم يكن الأمر بسبب الفنيين، إنما من الإدارة التي قامت بتوظيفهم وهم لا يملكون الكفاءة والجودة في العمل. ما هي الجهة المسؤولة عن الأمر؟ - الهيئة السعودية للتخصصات الطبية هي الجهة المانحة للتراخيص، وهي التي من واجبها التيقظ للأمر. إلى من يلجأ المواطن في حال تعرّضه لخطأ طبي؟ - الخطأ الطبي وارد الحدوث، لكن في حال تم بسبب إهمال أو توظيف موظف غير مؤهل فإن الإدارة تتحمل مسؤولية إعطائها الصلاحية لمن لا يملك التأهيل لها. لكن هناك أخطاء غير مقصودة. وتعوّض شركات التأمين المرضى في حال حدوث الخطأ الذي تتحمله الإدارة. اعترضت على قرار ضمك إلى أقوى 50 سيدة عربية، واعترضت على ضم بعض الأسماء أيضاً، لماذا؟ - لم تكن هناك معايير محددة وفق ضوابط دقيقة لاختياراتهم، إذ إن القائمة لم تضم فقط سيدات الأعمال، فبعضهن موظفات أو ناشطات، لذا وجدت أن المقارنة والاختيارات لم تكن صائبة ومنطقية. الكفيل والوكيل الشرعي هل مازالت قضية الكفيل والوكيل الشرعي تؤرقكن كسيدات أعمال في حين صدر القرار برفع الوصاية؟ - بكل تأكيد. إذ لم يكن مسموحاً للمرأة بالمشاركة كعضو في المجالس العائلية للشركات، على رغم أنها قد تكون صاحبة نصيب من الحصة مقارنة بالأعضاء الآخرين، وعملت على الأمر مع مجموعة من السيدات واستطعنا أن نملك السماح. لقد حدث هذا الأمر منذ خمس سنوات أثناء تولي الوزير السابق هاشم يماني وزارة التجارة، حينها استطعت تسجيل اسمي ضمن شركة المانع، وأن أكون عضوة في أي شركة أنشئها، وعلى المنوال نفسه استطاعت سيدات أخريات فعل الأمر ذاته. أما في ما يخص قضية الكفيل، فطالبت مع عالية باناجة من جدة، وهتون الفاسي من الرياض، بإلغاء دور الكفيل. وتم العمل على الأمر في الرياض، لكن حين تتم مراجعة المكتب لطلب سجل تجاري فإنهم يطالبون بكفيل رجل. وفي ما يخص المنطقة الشرقيةوجدة، لم يرد إلى وزارة التجارة أمر رسمي بحسب علمي. هذا على رغم تمكني من الحصول على الموافقة، كوني على دراية وعلم بالأنظمة. ما رأيك بخصوص تفعيل دور المرأة في الغرف التجارية؟ - قضية تفعيل دور المرأة في الغرف التجارية نبعت من المنطقة الشرقية، ومنتدى سيدات الأعمال في الشرقية هو أول من نادى بوجود مكان للمرأة في الغرف التجارية. وأنشأنا المنتدى منذ عشر سنوات، وكان من أهم أهدافه اعتراف الغرف التجارية بسيدات الأعمال، وأن تكون لهن مشاركة فيها، لاسيما أنهن يدفعن رسوماً. ومن أبسط حقوقهن أن تكون لهن لجنة في الغرف تعنى بمصالحهن. والآن أصبحت لدينا أسماء مهمة نفتخر بها، أمثال سميرة الصويغ، التي تقوم بمهمة كبيرة لخدمة المرأة في المنطقة، وهناء الزهير، وهذا أمر ما كنا نحلم بتحقيقه. وأتمنى أن يمنح منتدى سيدات الأعمال صفة اعتبارية إذ لم يفعل حتى الآن. ما رأيك في تصريح وزير الخدمة المدنية أخيراً بأن الغالبية العظمى من شاغلي الوظائف في المملكة هم غير سعوديين، من دون التطرق إلى حلول جوهرية للقضاء على البطالة المقنعة في المملكة؟ - لسوء الحظ فإن سياستنا في التعليم لا تتطابق مع ما تحتاجه سوق العمل، وهذا كان نظراً إلى الاهتمام بتعليم المرأة القراءة والكتابة لمحو الأمية في المجتمع وليس لتأهيلها لما تحتاجه السوق. مجتمعنا يكتظ بخريجي الجغرافيا والتاريخ والمكتبات. لذا فإن أهم أسباب البطالة هي أن مخرجات التعليم لا تتطابق مع حاجات السوق. ومن واجب وزارة الخدمة المدنية إعلام وزارة التعليم بحاجة السوق لأنها أدرى بالوظائف المطلوبة منهم. كما أنني لا أستطيع أن أفصل دور وزارة الخدمة المدنية عن وزارة العمل التي تعلم جيداً عدد «الفيز» المطلوبة منها سنوياً لاستقدام عمالة وافدة تغطي حاجة السوق، لذا فإن مخرجات التعليم لا بد أن تتطابق مع حاجات السوق. وهذا لا يتم إلا بالتنسيق بين وزارة الخدمة المدنية ووزارة العمل عبر إعطائهم التوقعات المستقبلية لوزارة التعليم تأهباً لتأهيل الأجيال القادمة. طرحت في الآونة الأخيرة مسلسلات وروايات تعكس حياة المرأة السعودية... كيف تقوّمين تلك الأعمال؟ وكيف ترين تعامل الإعلام بقنواته مع صورة المرأة في المجتمع؟ - لم تظهر صورة المرأة السعودية الحقيقية، لا بد أن يشرك الإعلام المرأة في قضاياه الأكثر جدية وأهمية. هل ما زلتِ تنادين بحق المرأة في قيادة السيارة؟ - هو حق من حقوق المرأة أن تركب دابتها أو أي وسيلة أخرى لتقضي حاجاتها. وإذا حرّمت القيادة على المرأة من باب سد الذرائع فيجب أن تحرّم على الرجل أيضاً. لا تزال سيدة الأعمال الدكتورة عائشة المانع تطالب بمنح المرأة رخصة القيادة، وجاهدت وزميلاتها في إزالة العقبات أمام عمل المرأة، ومساواتها في الحقوق الوظيفية مع الرجل، ولا تخفي تحذيرها من ممارسات خاطئة في الشأن الصحي من شأنها تخريج كوادر غير مؤهلة، ويتمثل هدفها في الربح المادي فقط، ويتسبب في ظهور أخطاء طبية.