تلعب الشركات المساهمة العامة المدرجة في الأسواق المالية دوراً مهماً في أداء الاقتصاد وتطوره ونموه، ومؤشر ذلك نسبة القيمة السوقية لأسهم الشركات المدرجة في البورصات إلى الناتج المحلي الإجمالي. وتجاوزت القيمة السوقية لهذه الشركات ثلاثة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي في بعض بلدان المنطقة عام 2005 وفي مقدمها سوقا الأردن والإمارات. كذلك يُعتبر الاستثمار في أسهم الشركات المدرجة من قبل نسبة مهمة من مواطني دول المنطقة مؤشراً على أن أسواق المال أصبحت مخزناً للثروة لنسبة كبيرة من المستثمرين ومن خلالها استثمارات الأجانب الذين بلغت نسبة تملكهم 50 في المئة من قيمة أسهم الشركات المدرجة في سوق الأردن المالية عام 2008، مثلاً، كما استحوذت تداولاتهم على ما نسبته 35 في المئة من تداولات أسواق الإمارات منذ سنوات. ويلعب معظم الشركات المدرجة دوراً مهماً في الاقتصاد الوطني، وفي مقدمها المصارف وشركات التأمين، إذ تفرض القوانين في معظم دول المنطقة عند تأسيس شركات تعمل في قطاعات استراتيجية أن تكون شركات مساهمة عامة وأن تدرج أسهمها في الأسواق المالية. بيد أن الخسائر التي تعرضت لها أسواق المنطقة بسبب الأيام العجاف التي تعيشها نتيجة للتأثيرات السلبية للأزمة المالية العالمية منذ بدأت تهب على المنطقة نهاية عام 2008، إضافة إلى التأثيرات السلبية لانعدام الاستقرار السياسي والاجتماعي في بلدان كثيرة في المنطقة، أدت إلى خسارة معظم المستثمرين في أسواق المنطقة نسبة مهمة من ثرواتهم. ولا تزال أسواق المنطقة تعيش أزمة، من نتائجها التقلبات الحادة في مؤشرات أدائها وسيطرة حال من الخوف والحذر والترقب على قرارات المستثمرين، إضافة إلى انخفاض مستوى الثقة وتراجع مستوى سيولة الأسواق إذ تراجعت أسعار أسهم عدد كبير من الشركات المدرجة إلى ما دون قيمتها الاسمية أو القيمة الأساسية، فيما تراجعت القيمة السوقية لأسهم معظم الشركات إلى ما دون قيمتها الدفترية أو قيمة حقوق المساهمين. ويفرض هذا الوضع طبعاً على إدارة الشركات المساهمة وعلى مجالس إدارتها في خلال المرحلة الحساسة الراهنة وضع آليات مناسبة لتعزيز ثقة مساهمي الشركات من خلال رفع مستوى الشفافية والإفصاح وتوعية المساهمين بأوضاع شركاتهم وتوقعات أدائها وتأثير الأزمات المختلفة على أعمالها التشغيلية مع الإشارة إلى مشاريعها وتوسعاتها المستقبلية وتوقعات تدفقاتها النقدية وغيرها من المعلومات المهمة وهي معلومات غير منشورة في التقارير المالية السنوية للشركات. وتبرز أيضاً أهمية رفع مستوى الشفافية بما يقضي على الإشاعات السلبية التي تنتشر في أثناء فترات الأزمات. ويُلاحظ أن البيع العشوائي في فترات زمنية مختلفة لا يفرّق بين شركات قوية تحقق أرباحاً وتوزيعات جيدة وشركات ضعيفة تتعرض إلى خسائر تشغيلية. وتُعتبر الجمعيات العمومية السنوية للمساهمين التي تعقد اجتماعاتها في خلال هذه الفترة فرصة مهمة لإدارات الشركات وللمساهمين للاطلاع على كل تفاصيل أعمال الشركات وواقع أدائها وبالتالي معرفة القيمة العادلة لأسهمها بما يساهم في ترشيد قرارات المستثمرين. وتُعتبر الجمعيات العمومية السنوية فرصة مهمة للمساهمين لمحاسبة مجالس الإدارة والإدارات التنفيذية عن أي تقصير أو قرارات خاطئة، خصوصاً أن الجمعيات العمومية، استناداً إلى القوانين، هي أعلى سلطة في الهياكل التنظيمية للشركات. ويُلاحظ أن بعض الجمعيات العمومية لم توافق على تبرئة مجالس إدارات الشركات عن أعمالها، فيما حجب بعض الجمعيات الثقة عن رؤساء مجالس الإدارات ما أدى إلى محاسبتهم واستبدالهم. وطالبت في المقابل بعض الجمعيات العمومية بمكافأة مجالس الإدارات والإدارة التنفيذية على إنجازاتها وتحقيق أرباح وأقرت توزيعات جيدة للمساهمين وشجعت المساهمين على الاحتفاظ بأسهمهم وشراء أسهم إضافية. * مستشار الأسواق المالية في «بنك أبو ظبي الوطني»