تشكل حصة غير الأردنيين من القيمة السوقية أو رؤوس أموال الشركات المساهمة العامة المدرجة في البورصة الأردنية، نحو 50 المئة من إجمالي القيمة السوقية، وهي الأعلى على مستوى المنطقة، إذ لا تتجاوز نسبة تملُّك الأجانب من القيمة السوقية لأسهم الشركات المدرجة في بورصات الإمارات، مثلاً، أكثر من خمسة في المئة. وفي الوقت الذي رفعت البورصة الأردنية كل القيود على تملك الأجانب حصصاً مفتوحة من رؤوس أموال الشركات المساهمة العامة الأردنية، ومن كل القطاعات، يُلاحَظ أن معظم بورصات المنطقة وضعت قيوداً على نسبة تملك الأجانب لأسهم الشركات في بعض القطاعات، خصوصاً القطاعات الإستراتيجية، فالقوانين الإماراتية، مثلاً، لا تسمح للأجانب بتملك أسهم في شركة «الإمارات للاتصالات»، وهي أكبر شركة إماراتية مدرجة في الأسواق الإماراتية، وقيمتها السوقية نحو 85 بليون درهم (23 بليون دولار)، ولا في بعض المصارف الوطنية وشركات الخدمات، وفي مقدمها شركة «طاقة». وساهم تملك الحكومات المحلية الإماراتية حصصاً مهمة من رؤوس أموال شركات قيادية إماراتية، في عدم تفضيل الأجانب الاستثمار في أسهم هذه الشركات، على رغم جاذبية أسعار أسهمها نتيجة للدعم الحكومي، باعتبار أن القرارات الإستراتيجية لهذه الشركات في يد الحكومة وليس القطاع الخاص، أي أن الحكومة قد تأخذ في الاعتبار بعض الظروف الاجتماعية أو الإنسانية أو السياسية عند اتخاذها قرارات إستراتيجية، بعكس القطاع الخاص الذي عادة ما تكون قراراته تأخذ في الاعتبار مصلحة الشركة ومساهميها. وملاحظ أن الاستثمار الأجنبي، ومعظمه استثمار عربي يمتلك ما نسبته 53 في المئة من رؤوس أموال المصارف الأردنية، و33.7 في المئة من رؤوس أموال شركات قطاع الخدمات و54.4 في المئة من رؤوس أموال شركات قطاع الصناعة. وفي «البنك العربي» وهو أكبر شركة مدرجة في بورصة الأردن ومعظم مصادر دخله من خارجه، نتيجة انتشاره في معظم عواصم العالم، يملك الأجانب 59 في المئة من رأس المال، على رغم أن المصرف يعمل في قطاع إستراتيجي مهم. ويملك الأجانب 80 في المئة من رأس مال «بنك الإسكان» الذي يأتي في المرتبة الثانية من حيث القيمة السوقية في قطاع المصارف بعد «البنك العربي». ويملك الأجانب أيضاً 51 في المئة من أسهم مناجم الفوسفات، و64 في المئة من أسهم مصانع الإسمنت، وهي شركات تعمل في قطاعات إستراتيجية، و67.3 في المئة من «شركة البوتاس». وهذه كلها شركات تعمل في قطاعات إستراتيجية. ويُلاحظ أن معظم استثمارات الأجانب في بورصة الأردن طويلة الأجل وإستراتيجية وليست استثمارات ساخنة، كما هي الحال بالنسبة إلى استثمارات الأجانب في كثير من بورصات المنطقة، لذلك لاحظنا أن خروج الاستثمار الأجنبي من بورصة الأردن خلال فترة أزمة المال العالمية كان محدوداً، بعكس ما حدث في كثير من بورصات المنطقة التي شهدت خروجاً كثيفاً وعشوائياً أثناء الأزمة، ما كان له تأثير سلبي وعميق على أداء هذه البورصات. ولا شك في أن حرية تحويل الأموال المستثمرة وتحويل أرباح المستثمرين الأجانب في بورصة عمان إضافة إلى ارتباط سعر صرف الدينار بالدولار، ينتج عنه عدم وجود أخطار في سعر الصرف، علماً أن عملات معظم دول الخليج والدول العربية ترتبط بالدولار. ولا شك في أن قوة هيئة الأوراق المالية الأردنية وكفاءتها لناحية حفظ حقوق المستثمرين، خصوصاً الأجانب، عززت من الثقة في الاستثمار في بورصة الأردن التي مضى على تأسيسها نحو 30 سنة. وحقق المستثمرون في البورصة عوائد مجزية خلال فترة تحسن أداء الأسواق في المنطقة وتحسن أداء الاقتصادات، إذ ارتفع مؤشرها بنسبة 54 في المئة عام 2003، و62 في المئة عام 2004، و93 في المئة عام 2005، ثم تراجع بنسبة 33 في المئة عام 2006، قبل أن يعود ويرتفع بنسبة 36 في المئة عام 2007. وتأثرت مؤشرات أداء البورصة بالتداعيات السلبية لأزمة المال العالمية منذ بداية الثلث الأخير من عام 2008. ولا شك في أن لارتفاع حصة الأجانب في أي سوق مالية مؤشرات إيجابية الى أداء الاقتصاد والالتزام بالمعايير الدولية وتشكل مؤشراً الى توافر الفرص وعمق السوق وكفاءته. * مستشار الأسواق المالية في «بنك أبو ظبي الوطني»