أضفى حضور القاص والكاتب العراقي محمد خضير أهمية خاصة على الملتقى، إذ شكّل وجوده ضيفاً ضمن عدد من الأدباء من خارج بلدان الخليج إضافة نوعية، وكان محل حفاوة ملاحظة من المشاركين. في الملتقى حضر أيضاً من لبنان الروائية إيمان حميدان، ومن المغرب الناقد محمد الداهي، ومن مصر الناقد جمال عطا، ومن اليمن الروائي أحمد زين، ومن العراق الناقد صالح هويدي، وأسماء أخرى. صاحب «المملكة السوداء» حل أيضاً ضيفاً على «الملتقى الثقافي» الذي أسسه ويشرف عليه الروائي طالب الرفاعي، فكانت الفرصة الوحيدة التي تحدث فيها خضير مطولاً عن تجربته في الكتابة، وتوقف عند لحظات مهمة فيها. وأعرب صاحب «بصرياثا» عن شكره على الحفاوة، التي لقيها من «الملتقى الثقافي» الذي أتاح له التعرف على أصوات وقامات كبيرة في الكويت والخليج، خلال زيارته ومشاركته في ملتقى السرد الخليجي. وأكد خضير أنه لا سلطة على الكاتب ولا نفوذ إلا نفوذ النص نفسه. وأوضح أن الكاتب يواجه موقفين طوال حياته الإبداعية، «موقف الافتتاح وموقف الاختتام، لكن بالنسبة إلى كثير من الكتّاب ربما يكون الموقف الافتتاحي هو الموقف الختامي في الوقت نفسه، لأن الثاني يشكل امتداداً دورياً في التاريخ للموقف الأول». وقال صاحب «في درجة حرارة 45 مئوية»، الذي حضره الكاتب إسماعيل فهد وعدد كبير من الأدباء والكتاب، إن درسه الافتتاحي كان في عام 1977 أمام جمهور المركز الثقافي لجامعة البصرة، فقدّم ما اعتبره بدايات الوعي الفني لكتابة القصة، ليخوض تجربته الثانية في الدرس في لقاء مع جمهور اتحاد الأدباء ببغداد عام 1986 باسم «ذاكرة العطار»، وهو من الأسماء التي اختارها لكتابه «الحكاية الجديدة»، وكان الدرسان الافتتاحيان بداية استشعاره فضاء الزمن الذي يتنفس فيه رغبات النص المشوقة إلى مكان آخر على الجانب المديد من البحر، ثم تتالت خطابات ذات طبيعة برهانية تتنفس هواء المراجع السردية الحكائية القديمة، لكن لم يرقَ أي منها إلى مرتبة الخطاب الختامي. ولفت صاحب «رؤيا خريف» إلى أنه أدرك باكراً أن الغاية الأساسية من تأليف القصص، «هي الوصول إلى الطبقة التحتية لكتاب الأعمار بعد إزالة الأقنعة المستعارة منها، ونزع المظاهر المتبدلة عنها، لكي يظهر للعيان الجوهر الأصلي للكتابة، وعند هذه الطبقة المختفية يتولى المؤلف «توضيب» حقيبة أعماره قبل أن تضيع فصولها أدراج الرياح، أو قبل أن يتولى المتطفلون جمع شتات هذه الأعمار كل من جانب وكل في مكان». وقال خضير إن أحب أعماله إلى نفسه هي الكتب الأربعة الأخيرة بصرياثا وحدائق الوجوه وكتاب الأحلام وكتاب العقود، وكلها - كما عبّر - كتب شبه سردية، «ولدت وانفصلت عن سماء السرد كما تنفصل قطرات المطر عن الغمام، وتسقط على الأرض فتسقيها وتحييها، لكني بتأليف كتاب العقود أدركت غايتي الأخيرة للوصول إلى الجوهر الصمدي لكتابة السرد».