أكد عدد من العلماء والمشايخ في السعودية أن قرار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، في ما يخصّ إصدار رخص القيادة للرجال والنساء على حد سواء والسماح للمرأة بقيادة السيارة، مبني على أسس شرعية، فالأصل فيه الإباحة، وأن قيادة المرأة السيارة ليس فيها أية مخالفة شرعية، مؤكدين أن هذا القرار لن يزيد المجتمع إلا نضجاً وتماسكاً وإحساساً بالمسؤولية، ومواكبته حاجات العصر لما يفي بأغراضنا في نوازلنا وما يستجد في مجتمعاتنا. وأوضح مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عضو هيئة كبار العلماء الدكتور سليمان أبا الخيل أن الأمر السامي الكريم في ما يخصّ قيادة السيارة قرار حكيم وصائب وموفق وإيجابي، وجاء في وقته المناسب، وهو مبني على أسس شرعية، فالأصل فيه الإباحة. مشيراً إلى أن القرار انطلق من حيثيات تنظيمية ومعطيات وحقائق ووثائق وأرقام ووقائع اجتماعية مؤلمة واقتصادية سلبية، كما أن في هذا الأمر السامي مصالح كبيرة وظاهرة، ودرءاً لمفاسد متعدّدة دينية واجتماعية وسلوكية وأخلاقية لا تخفى على كل متابع ومباشر لما يتعلق بوجود السائق الأجنبي والمخاطر العظيمة المترتبة على خلوته بالنساء ودخوله إلى المنازل وخروجه منها من دون رقيب ولا حسيب ولا متابعة. وتابع مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، من المعلوم بل المتيقن أن ولاة أمرنا ينطلقون في قراراتهم وأوامرهم وتوجيهاتهم وكل أعمالهم وأقوالهم مما تقرّره مبادئ وقواعد وأصول وثوابت الشريعة الإسلامية السمحة، وما يستمد منها أحكام ومبادئ وما تدعو إليه من منهج وأخلاق وآداب وسلوكيات وعلاقات وتعاملات، وما جاءت به الصلاح والإصلاح والصلاحية لكل زمان ومكان وأمة. وبين أبا الخيل أن الإمام العلامة ابن القيم قال في كتابه العظيم «إعلام الموقعين عن رب العالمين»: «إن الفتوى تتغيّر بتغيُّر الأزمنة والعوائد والنيّات والأحوال والأماكن والأشخاص»؛ واستدل على ذلك بأدلة كثيرة أثرية ونظرية كثيرة، وذكر أمثلة متعدّدة تشهد عليه؛ ولذلك فإن علينا جميعاً أن ندرك ذلك إدراكاً تاماً، وأن نقف مع ولي أمرنا صفاً واحداً متراصاً ويداً قوية متماسكة متعاضدة متكاتفة متعاونة على البر والتقوى وما يخدم ديننا ووطننا وقيادتنا ويحفظ إيماننا وأمننا وأماننا واستقرارنا ووحدتنا الوطنية والشرعية. بدوره، أكد رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سابقاً الدكتور عبداللطيف آل الشيخ أن قيادة المرأة السيارة ليس فيها أية مخالفة شرعية، مشيراً إلى أن المرأة ستختار ما يحقق مصلحتها. وقال: «إن صدور أمر سامٍ بالسماح للمرأة بقيادة المركبة يساعد على الاستغناء عن السائق الأجنبي وما فيه من محاذير وسلبيات». في حين علّق الداعية عضو هيئة التدريس في كلية الحرم المكي الدكتور سعيد بن مسفر على الأمر السامي القاضي بالسماح بقيادة النساء للسيارات في المملكة، مؤكداً أن هذا القرار لن يزيد المجتمع إلا نضجاً وتماسكاً وإحساساً بالمسؤولية، وأن المرأة المحتشمة ستبقى محتشمة سواء قادت السيارة أم مشت على قدميها. وكتب تغريدات عبر حسابه ب«تويتر» تعليقاً على الأمر السامي بالسماح بقيادة النساء للسيارات في المملكة، قائلاً: «إن القرار غير إلزامي لمَن لا يرغب، والمرأة المحتشمة ستبقى محتشمة سواء أقادت السيارة أم مشت على قدميها»، مشيراً إلى أن المسألة حاجة وسماح لمَن ترغب أو تحتاج، مؤكداً أن «القرار» لن يزيد المجتمع إلا نضجاً وتماسكاً وإحساساً بالمسؤولية. من ناحيته، وصف الداعية الدكتور عائض القرني الأمر السامي الكريم باعتماد نظام المرور والسماح للمرأة بقيادة السيارة بأنه يتوافق مع سماحة الشريعة الإسلامية ومواكبتها حاجات العصر لما يفي بأغراضنا في نوازلنا وما يستجد في مجتمعاتنا. وأوضح في حديث متلفز للقناة السعودية، قائلاً: «كما يقول الأغلبية من العلماء ليس هناك نص صريح بالمنع من الكتاب ولا السنة، ولا توجد آية محكمة بذلك»، مضيفاً: «آمل من الواحد الأحد أن يكون هذا القرار مسدّداً، وأن يحل عندنا حتى المسائل الاقتصادية، ومسألة الخلوة مع الأجنبي، وأن تمارس المرأة مثلاً سياقتها بنفسها وتذهب بنفسها». وتابع: «والحقيقة يعود ذلك إلى أن المرأة السعودية واثقة بدينها، واثقة برسالتها، واثقة بفضيلتها، واثقة بنفسها في أنها تتكيّف مع عصرها بما يلبي طلباتها بإذن الواحد الأحد». من جهة أخرى، أكد المشرف العام على فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بمنطقة القصيم أستاذ الفقه الدكتور خالد المصلح أن الأمر السامي يلبي حاجة شريحة واسعة في المجتمع، معرباً عن قناعته بأن توجيه الملك سلمان عبدالعزيز بتشكيل لجنة على مستوى عالٍ من الوزارات لدرس الترتيبات اللازمة لإنفاذ الأمر الذي صدر أول من أمس، بخصوص تطبيق أحكام نظام المرور ولائحته التنفيذية، بما فيها إصدار رخص القيادة للذكور والإناث على حد سواء، يؤكد حرصه على حفظ نسيج المجتمع السعودي المعروف بتمسكه بتعاليم الدين الإسلامي السمحاء. ورحّب المصلح بما ورد في مضامين الأمر السامي وفق الضوابط الشرعية التي تحفظ للمجتمع السعودي مكانته، وقال: «صدر الأمر السامي في شأن قيادة المرأة للمركبة بعد أن أحاله ولي الأمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان إلى هيئة كبار العلماء فوافقوا بالأغلبية عليه، تغليباً لمصلحة الكثير من الأسر في إطار ما تقره الشريعة، واجتمع في ذلك رأي ولي الأمر الملك سلمان مع رأي علماء الشريعة في هيئة كبار العلماء، ولا اعتراض ولا رد على القرار، بل السمع والطاعة لولي الأمر على ما توافق عليه مع العلماء لأجل تحقيق المصلحة العامة للمجتمع». وبين المصلح أن الأمر السامي يؤكد أن الدولة لن تتوانى في اتخاذ كل ما من شأنه الحفاظ على أمن المجتمع وسلامته، وستخرج اللجنة العليا بتوصيات تسهم في تفعيل هذا الأمر بضمانات شرعية ونظامية تتحرى فيه الخير للمجتمع السعودي.