بدأ نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن أمس، زيارةَ عمل للعاصمة الروسية يُجري خلالها محادثات مع الرئيس ديمتري مدفيديف ورئيس الوزراء فلاديمير بوتين. وأعلنت مصادر الكرملين والبيت الأبيض، أن ملفَّيْ نزع السلاح ونيات نشر شبكات دفاع جوية (درع صاروخي) في أوروبا سيكونان على رأس جدول الأعمال، لكن أوساطاً إعلامية رجَّحت أن يتطرق النقاش إلى ما وُصف بأنه «المستقبل السياسي لبوتين»، بعد ظهور معطيات تدل إلى أن واشنطن «تأمل في بقاء الرئيس الروسي الحالي لولاية ثانية». وستكون روسيا، التي وصل إليها بايدن قادماً من فنلندا، المحطةَ الثانية في أوسع جولة أوروبية يقوم بها نائب الرئيس الأميركي منذ توليه المنصب. ولفت الكرملين إلى أن الطرفين سيبحثان ترتيبات زيارة الرئيس باراك اوباما لموسكو في وقت لاحق من هذا العام. ويشتمل برنامج «زيارة العمل» على وضع إكليل من الزهور على ضريح الجندي المجهول، ولقاءات موسَّعة مع رجال أعمال روس وأميركيين ومع ممثلي أحزاب المعارضة الروسية ومنظمات المجتمع المدني، إضافة إلى لقاء مع طلاب جامعة موسكو. لكن الشق الرسمي يبدأ باجتماع عمل موسع اليوم مع الرئيس مدفيديف، يناقِش خلاله الطرفان ملف نزع السلاح وآليات تطبيق معاهدة تقليص الأسلحة الإستراتيجية (ستارت2) التي صادق عليها المشرِّعون في البلدين. كما يشغل موضوع نشر «الدرع» الصاروخية في أوروبا حيِّزاً أساسياً من النقاش. ومعلوم أن بايدن من أنصار إشراك روسيا في الخطط الدفاعية في أوروبا، وكان بين السياسيين الأميركيين القلائل الذي أعلنوا في عهد الرئيس السابق جورج بوش معارضتهم انسحاب الولاياتالمتحدة من معاهدة الدفاع الصاروخي الموقَّعة في العام 1972، ويُعَدّ من أبرز الخبراء الأميركيين في هذا الشأن. ولم تستبعد أوساط سياسية أن تمهِّد الزيارة لتوقيع اتفاق «تاريخي» بين موسكووواشنطن حول الدفاع الصاروخي خلال العام الجاري. ولم تُخْفِ مصادر الكرملين تفاؤلها بأن زيارة السياسي الأميركي البارز، الذي أطلق مصطلح «إعادة تشغيل» العلاقات مع روسيا في العام 2008، «سوف تخرج بنتائج مهمة على صعيد تقريب وجهات النظر وإطلاق عمل مشترك على صعد عدة»، خصوصاً أن واحداً من الملفات المطروحة خلال الزيارة يتعلق بتأييد انضمام روسيا إلى منظمة التجارة العالمية، وهو أمر سعى الروس إليه خلال سنوات طويلة. وقال الطرفان إن تطورات الوضع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ستكون على طاولة البحث، وخصوصاً ما يتعلق منها بالمشهد في ليبيا، علماً بأن موسكو اسْتَبَقَت الزيارة بتأكيد رفضها أي تحرك عسكري ضد نظام العقيد معمر القذافي. وبحسب مصادر في الكرملين، فإن زيارة بايدن تهدف إلى تبادل الآراء حول الأحداث في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتحليل تأثيرها على الاستقرار الإستراتيجي وظروف الاقتصاد العالمي. وقال مايكل ماكفول، مدير شؤون روسيا وأوراسيا في مجلس الأمن الوطني الأميركي، إن سياسة «إعادة تشغيل» العلاقات بين روسياوالولاياتالمتحدة اقتصرت حتى الآن على الحوار في مجالَي الأمن ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل، مضيفاً أن واشنطن مرتاحة للتقدم المحرز، وترى في موسكو «شريكاً أميناً»، وهي ترغب في توسيع «إعادة التشغيل» لتشمل العلاقات التجارية الاقتصادية. وأكد ماكفول أن بلاده سوف تلغي قريباً تعديل جاكسون - فانيك لعام 1974 بحق روسيا، الذي تقلَّصَ بموجبه حجم التجارة مع المعسكر الاشتراكي السابق. إلى ذلك، نفى ماكفول بحزم معطيات تناولتها وسائل إعلام روسية في شأن نية بايدن إعلان تأييد واشنطن لديمتري مدفيديف في انتخابات الرئاسة المقبلة. وكانت تسريبات صحافية أشارت إلى أن واشنطن تفضل بقاء مدفيديف لولاية ثانية في انتخابات آذار (مارس) 2012، وأن بايدن ينوي أن يبحث «المستقبل السياسي لبوتين» خلال زيارته. وبحسب المعطيات، فإن أحد السيناريوات المطروحة هو تكليف رئيس الوزراء الحالي برئاسة اللجنة الأولمبية الروسية التي تتولى التحضير لأولمبياد سوتشي الشتوي في العام 2014 وبطولة كأس العالم بكرة القدم في العام 2018. ويشتمل برنامج زيارة بايدن على لقاء مع بوتين في اليوم الثالث والأخير لزيارته موسكو.