أخذت الإحتجاجات في العراق امس منحى تصاعدياً. وشهدت بغداد وعدد من المدن تظاهرات شعبية كان ابرزها واحدة خرجت من شارع المتنبي باتجاه المنطقة الخضراء حيث منعت القوات الامنية المتظاهرين من الدخول اليها. وفي اول تعليق للجيش الأميركي على التظاهرات، دعا الناطق بأسمه الجنرال جيفري بيوكانن الحكومة إلى الابتعاد عن استخدام العنف ضد المتظاهرين. وتجمع أمس المئات في شارع المتنبي التراثي، بينهم مثقفون وكتاب وصحافيون وساروا في تظاهرة اتجهت الى المنطقة الخضراء المحصنة مطالبين بتوفير فرص عمل وتحسين الخدمات ومفردات البطاقة التموينية والحد من انتهاك الحريات. وأفاد مازن الياسري، احد المنظمين، «الحياة» ان «التظاهرة التي جرت اليوم (امس) شارك فيها ما يزيد على 400 شخص من المثقفين والادباء والمواطنين احتجاجاً على تردي الخدمات وتراجع الحريات العامة في البلاد». وأشار الى ان «الاوساط الثقافية والصحافية نظمت حملة واسعة من خلال الانترنت لإجراء تظاهرتين موسعتين الأولى الاثنين المقبل والثانية في 25 الشهر الجاري للضغط على الحكومة». وتوجه المتظاهرون بعد منعهم من دخول المنظقة الخضراء الى ساحة التحرير وسط بغداد التي شهدت أيضاً تظاهرة ثانية نظمها عدد من منظمات المجتمع المدني للمطالبة بإطلاق المعتقلين واحترام حقوق الانسان وتوفير فرص العمل للمواطنين. وتضم المنطقة الخضراء مقار الحكومة والبرلمان وعدداً من الوزارات والهيئات، فضلاً عن سفارتي الولاياتالمتحدة وبريطانيا. واتخذت القوات الامنية اجراءات لافتة في بغداد منذ ليل اول من امس وقطعت الطريق المؤدي الى المنطقة الخضراء من ناحية ساحة التحرير. وتخضع المنطقة الخضراء لاجراءات امنية مشددة حيث لها اربع مداخل ومخارج فقط تشرف عليها القوات الامنية الى جانب القوات الاميركية فيما تحيطها الحواجز الكونكريتية. ولا يسمح بالدخول الى المنطقة الا لحاملي هويات خاصة تصدرها الحكومة او الجيش الاميركي، فيما يخضع الداخل الى المنطقة لاجراءات تفتيش دقيقة جداً تستغرق في بعض الاحيان ساعات طويلة. وشهدت مناطق الكمالية والعبيدي والمعامل، شرق بغداد امس، تظاهرات حاشدة، شارك فيها المئات من المواطنين يتقدمهم شخصيات دينية وشيوخ ووجهاء عشائر، مطالبين بتحسين واقعهم الخدمي المتردي اضافة الى اقالة رؤساء ومديري المجالس البلدية في تلك المناطق التي لم تشهد تحسناً في الخدمات، متهمين اياهم بسرقة الاموال الطائلة. وأقام المتظاهرون حواجز لقطع الطريق العام المؤدي الى بغداد تعبيراً عن غضبهم الكبير حيال تردي الخدمات وغياب مفردات البطاقة التموينية. وفي البصرة، فرضت قوات الشرطة طوقاً امنياً على مبنى المحافظة ومجلسها تحسباً لتظاهرة انطلفت عقب صلاة الجمعة، فيما شهدت محافظة واسط ايضاً تظاهرة شعبية منددة بالاوضاع الخدمية. الى ذلك، دعا الناطق باسم الجيش الأميركي في العراق اللواء جيفري بيوكانن الحكومة والقوات الأمنية إلى الابتعاد عن استخدام العنف ضد التظاهرات معتبراً انها حق طبيعي لأي شعب في محاسبة المسوؤلين. وأضاف بيوكانن خلال طاولة مستديرة داخل المنطفة الخضراء بحضور وسائل اعلام بينها «الحياة» الليلة قبل الماضية ان «خروج المواطنين العراقيين بتظاهرات سلمية احتجاجاً على سوء الخدمات حق شرعي ومهم في أي بلد ديموقراطي». وأشار الى أن «المواطن يحق له محاسبة أي مسؤول ومحاسبة الحكومة في حال تقصيرها»، ولفت إلى ان «على الحكومة والقوات الأمنية احترام الحق الذي كفله الدستور للتظاهر وعدم استخدام العنف ضد المتظاهرين». ورفض بيوكانن مقارنة التظاهرات التي تجري في العراق بمثيلاتها في تونس ومصر، وأوضح انها «مختلفة من حيث المنطلقات (...) في العراق يتظاهرون لأجل تقديم الخدمات وليس اسقاط النظام السياسي». وأكد المستشار في ائتلاف «العراقية» هاني عاشور أن التعبير الشعبي عن رفض الفساد حق دستوري مكفول، لأن الصمت على الفساد المستشري في مؤسسات الدولة يعد مشاركة فيه، داعياً الحكومة الى فضح المفسدين علناً ومحاسبتهم لضمان سير الحياة وبناء الدولة. وأضاف عاشور في بيان امس انه «من غير المنطقي ان تتجاوز ايرادات العراق خلال ثماني سنوات اكثر من 400 بليون دولار، والشعب يعاني من نقص الخدمات والجوع وارتفاع البطالة والفقر». وقال عضو لجنة الامن والدفاع النائب عن «دولة القانون» عدنان الشحماني ان من حق الشعب التظاهر ضد تردي الخدمات.