دخل الاقتصاد المصري «مرحلة دقيقة» جداً بعد اسبوع واحد من التظاهرات المطالبة بتغيير في نظام الحكم. وتشير البوادر الاولى الى ان استمرار «عدم الحسم» اسبوعاً آخر قد يدخل البلاد في المجهول، ويُطلق شرارة بدء ازمة تموينية ويُفسح في المجال امام تحول شعارات المتظاهرين من السياسة الى الخبز، خصوصاً مع توقف التحويلات الخارجية وتأخر صرف الرواتب. ومع ان شركات الشحن الدولية تراقب الموقف بحذر، اطلق اعلان شركة الشحن الدنمركية «مايرسك» وشركة «موانئ دبي العالمية» تعليق عملياتهما في مصر صيحة انذار انعكس صداها في ما قاله وزير المال المصري الجديد سمير رضوان عن «ان اقتصاد البلاد «تضرر جراء الاحتجاجات المندلعة منذ أسبوع». وشدد في حديث الى هيئة الاذاعة البريطانية (بي. بي. سي) على وجود أزمة» من دون ان يتوسع في تفاصيلها. لكن وكالة «بلومبيرغ» قالت «انها تتمثل في تعليق نشاط المصرف المركزي المصري واغلاق البنوك ما اوقف دفع الرواتب والاجور ومنع الشركات من فتح الاعتمادات المصرفية اضافة الى وقف التحويلات الحيوية من المغتربين التي قدرها البنك الدولي العام الماضي بنحو 7.6 بليون دولار». وشكك مصرفيون في اجراء اعلنه وزير المال عن فتح ماكينات الصرف الآلي لسحب الرواتب خصوصاً ان تزويد فروع المصارف بالسيولة «غير آمن» وسط انعدام سلطات الحماية واغلاق البنك المركزي. وقالت مصادر ملاحية امس ان شركات الشحن تواجه عراقيل ضخمة في مرفأي الاسكندرية ودمياط بسبب نقص الموظفين وغياب مسؤولي الجمارك، وان الميناءين على المتوسط يتعاملان اساساً مع الشحنات السائبة والحاويات وشحنات الحبوب الواردة من اوروبا او شرق اوروبا. وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» ان شركات «كوكاكولا» و»جنرال موتورز» «فولكسفاغن» للسيارات وسلسلة «مترو» تستعد للانسحاب من مصر كما ان التراجع الكبير في عدد السياح سيضيف عشرات الآلاف الى سوق البطالة المتخمة اصلاً. كما اعلنت اعلنت المجموعة السويسرية الهندسية «ايه بي بي» والمجموعة العملاقة «نستله» وقف انشطتهما في مصر «موقتا». واوضح متحدث باسم «ايه بي بي»، التي يعمل لديها 1600 مصري، «اقفلنا مصانعنا موقتا على سبيل الاحتياط». وقالت «نستله» انها «اوقفت موقتا» عملياتها «بسبب الاضطرابات السياسية الجارية في مصر». وتبين امس ان خطط مصر للاستدانة من السوق الدولية يواجه مصاعب خصوصاً بعدما اوقفت وزارة المال طرح اصدارين مقررين بحجم خمسة بلايين دولار، لخفض عجز الموازنة الى نسبة 3 في المئة فقط، بسبب تردد المستثمرين بشراء السندات السيادية المصرية قبل وضوح الرؤية. وكانت وكالة التصنيف الائتماني «ستاندارد اند بورز» اعلنت خفض العلامة السيادية لمصر، وتنوي خفضها مجدداً خلال ثلاثة شهور بسبب عدم الاستقرار السياسي. وجاء الاجراء بعد خطوة مماثلة اتخذتها وكالة «موديز». وما لفت الانظار امس ما تحدث عنه مركز «آسيا باسيفيك للملاحة الجوية» عن ان احداث مصر قد تعرقل حركة الطيران في منطقة الشرق الاوسط خصوصاً ان 79 شركة طيران تستخدم المطارات المصرية وان شركة «مصر للطيران»، التي تنقل 37 في المئة من الركاب، ستكون الاكثر تأثراً، وقد تضطر الى تسريح عدد ملموس من موظفيها حول العالم. ولم يستثن المركز دبي، اكبر مركز جوي في المنطقة، من الاضرار خصوصاً اذا تجنب السياح والمسافرون الشرق الاوسط.