مهم بالفعل أن يضيف كل مواطن سعودي لمعلوماته الشخصية الثمينة معلومة أن أرض العروس/ العجوز لحظة المطر «جدة» لا تشرب الماء، وعاجزة عن امتصاص مياه الأمطار، هذه المعلومة تفضلت علينا بها «أمانة جدة» كواحد من التبريرات عن سر إغلاق مياه الأمطار وإلغائها للشوارع والأنفاق، وعلى رغم أن المواطن الغارق والخائف والمنتظر والصابر لم يتوقع مثل هذه المعلومة، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار عدم التوصل لها في سيناريو الأمطار والسيول المشابهة في العام السابق، ولعل الاجتهاد بلغ ذروته هذا العام وشاهِدُه المعلومة السابقة. تدهشني الأعذار والتبريرات المعلنة والمشابهة لمفعول الوجبات السريعة، هناك متحدثون بارعون في الإجابة والدفاع، ويملكون القدرة على استحضار أسباب من السماء وخارج استيعاب سكان الأرض، فتمر مرور الكرام ويتم بلعها على مضض، لكن المعلومة الأخيرة تستعصي على الفهم والاستفهام والقبول ولو لطالب سنة ابتدائية أولى، وقد يجيب فوراً بالمثل الشهير الذي يشرح ما هو عذر البليد؟ العذر الأخير المعلب على هيئة معلومة هو عذر الأرض المظلومة من استيعاب ماء السماء، ولكن هذا العذر على ذمة «أمانة جدة»، على رغم أن ماء السماء يهطل وبغزارة لا تقارن مع الماء المنهمر على «العروس» في مدن أخرى ودول مجاورة أقل منا إمكانات ومخصصات مالية وقدرات بشرية، لكن الفارق في التحرك العقلي والتفكير المنطقي. السؤال الذي أطرحه: ما ذنب أهل جدة إذا كانت أرضهم التي يعشقونها لا تمتص الماء؟ هل لدى الجهة المسؤولة حلول صارمة وعاجلة ومحددة الزمن، أم أن هناك معلومة جديدة تنتظر وقتاً ملائماً للإطلال والإعلان؟ عني سأطلب من سكان «جدة» كاقتراح مجنون، ولكنه يقل جنوناً عن معلومة الأمانة، بأن يبدؤوا من الآن في التفكير بأرض أخرى تمتص المياه وتحتضنها من دون وجع رأس وقلق وتصريحات وغرق في شبر ماء، وهناك اقتراح آخر بأن يلتحق جميع السكان بمدارس سباحة متخصصة، وتكون أولويتهم قبل التعليم والصحة تعلم أنواع السباحة من الظهر للصدر للفراشة للسباحة الحرة، وتكون الأمانة شريكة في دورات التدريب وحصص التعليم، حتى تستريح من الأرض وترمي الكرة في ملعب البحر. وبالمقارنة تهطل الأمطار في مدن عربية وعالمية من دون أن يمتلئ شارع واحد ولا يختفي نفق، وتتحدث الجهات المسؤولة بأحاديث منطقية وخطط مستقبلية وحلول جذرية، ونحن نغرد خارج السرب، وعندنا وعود متكررة لا تتجاوز مساحتها دقائق التصريح، واستحداث وإعلان مشاريع لتصريف مياه الأمطار، وابتكار لحلول تفشل في أول امتحان، عندنا تحل الاختناقات بأنفاق وجسور، ولا يعتقد المخططون أن الماء سيمر عليها يوماً ما، لدينا صمت طويل يليه أحاديث غريبة، وكأن المكان استثناء في الأرضية الوطنية. أرض جدة ستمتص المياه وتستقبل مياه الأمطار، ولكن إذا ما غرقت سيارة مسؤول إلى سقفها الأعلى، وعجزت عائلته عن التحرك في شارع متهالك لمتر واحد، وحضرت الغواصات وآليات الإنقاذ لموقع الحدث. على أني لا أعتقد حدوث ذلك! [email protected]