تحركت قوى سياسية جزائرية بارزة من أجل الإسراع بعقد «ندوة وطنية» جامعة لكل الأطراف الحزبية للبحث في فرص «الإصلاح السياسي» على خلفية الأحداث الأخيرة في تونس، إذ تعتقد قوى سياسية جزائرية، حتى داخل التحالف الرئاسي، أن مشاهد كثيرة أحاطت بالاحتجاجات الإجتماعية الأخيرة تحتاج إلى تحرك فوري يشمل مستوى الحريات السياسية والإعلامية في الجزائر. وتقود حركة مجتمع السلم، التي تشارك في التحالف الحاكم، مبادرة لإقامة «ندوة وطنية» أرسلت محتواها الى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة وأحزاب جزائرية قريبة من السلطة والمعارضة معاً، كما أرسلت نسخاً منها الى رؤساء المجلس الشعبي الوطني (البرلمان) ومجلس الأمة. وذكرت الحركة أمس أنها تلقت ردوداً إيجابية إزاء دعوتها للندوة التي يفترض أن تناقش مسائل «الانغلاق السياسي» والتطورات الاجتماعية في الجزائر. وكشف عبد الرحمن سعيدي، رئيس مجلس الشورى في الحركة، ل»الحياة»، أن إشارات وصفها ب «الإيجابية»، بدأت ترد إلى الحركة، سواء من شريكيها في التحالف الرئاسي، جبهة التحرير الوطني صاحبة الغالبية البرلمانية، والتجمع الوطني الديموقراطي صاحب المركز الثاني والممثل في الجهاز التنفيذي بأمينه العام في منصب رئيس الحكومة، إضافة الى أهم حزبين في المعارضة، جبهة القوى الإشتراكية والتجمع من أجل الثقافة والديموقراطية. وأوضحت «حركة مجتمع السلم» بأن مبادرتها تتعلق «بخطوط عريضة ننقلها الى الطبقة السياسية والجهات المعنية، تتناول تساؤلات واستفسارات يحمل بعضها طابعاً سياسياً وآخر اجتماعياً واقتصادياً». وأضاف سعيدي:»لا نقدم الاقتراح في إطار (ادعاء) دور البطولة، وأيضاً بابتعاد تام عن أي حسابات سياسية أو انتخابية، فنحن نحاول أن نكون طرفاً في الحل ونعمل دائماً ألا نكون طرفاً في خلق أزمة». في غضون ذلك، حذر الأمين العام لجبهة التحرير عبد العزيز بلخادم، في حديثه عن التطورات في تونس أمام نواب الحزب في البرلمان، من إهمال شؤون المواطنين، موضحاً أن «شرارة سيدي بوزيد انطلقت من شاب أحرق نفسه بعد أن تعرض للضرب من قبل الشرطة وأدت إلى ما أنتم تعرفون»، وتابع: «عليكم إذن أن تولوا المواطنين عناية كافية. وغبي من لم يفهم الدرس. وواجب علينا استخلاص الدروس من التجربة التونسية». وإلى جانب مبادرة مجتمع السلم، ظهرت أفكار أخرى تبنتها أحزاب في المعارضة وشخصيات جزائرية مستقلة، إذ طرح رئيس الحكومة السابق أحمد بن بيتور، مشروعاً شبيهاً سماه «نداء من أجل لمّ شمل القوى الساعية للتغيير». وعرّف بن بيتور مبادرته التي حصلت «الحياة» على نسخة من بنودها قائلاً: «إن الغالبية الساحقة من شعبنا غير راضية على الوضع، ولا تتفاعل إيجابياً مع السلطات الحاكمة»، ويحذر من «أننا في طريق مسدود». ويقترح بن بيتور ثلاثة محاور، تبدأ ب «توحيد القوى الساعية للتغيير، من أجل توفير الحد الأدنى من الظروف لتحقيق التغيير السلمي، برفع حال الطوارئ وفتح المجال السياسي مع إمكان إنشاء أحزاب سياسية جديدة تمثل الشعب، والشباب خصوصاً، وفتح قطاع الإعلام». وفي المحور الثاني، يطرح «العمل في إطار تنافس سياسي تحت إشراف الشعب في انتخابات نزيهة، على أن يصل إلى كل درجات الحكم جيل جديد من السياسيين»، وثالثاً «حماية الموارد الجزائرية، خصوصاً عائدات المحروقات، وذلك بسن صلاحيات للمراقبة على مستوى الهيئة التنفيذية لبرلمان شعبي». وكانت وكالة «رويترز» نقلت أمس عن الإذاعة الجزائرية ان رجلاً لقي حتفه بعدما أشعل النار في نفسه عند مبنى حكومي بالجزائر مكرراً ما فعله التونسي محمد بوعزيزي، الذي أشعل احتجاجات أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي. وذكرت صحيفة «الخبر» أن محسن بوطرفيف سكب البنزين على جسمه وأشعل النار في نفسه الخميس الماضي بعد لقاء مع رئيس بلدية مدينة بوخضرة الصغيرة، الذي لم يستطع توفير وظيفة او مسكن له. وتوفي بوطرفيف السبت متأثراً بالحروق التي أصيب بها. وذكرت الصحيفة ان نحو 100 شخص احتجوا على موت محسن في البلدة الواقعة بولاية تبسة على بعد 700 كيلومتر شرقي العاصمة الجزائرية، وأضافت ان الوالي أقال رئيس البلدية