واشنطن – رويترز، أ ف ب – أعلنت مصادر طبية أميركية أمس، أن غبرييل غيفوردز، عضو الحزب الديموقراطي في مجلس النواب الأميركي عن ولاية اريزونا، تكافح للبقاء على قيد الحياة بعدما أطلق مسلح الرصاص على رأسها وقتل ستة آخرين بينهم قاضٍ فيديرالي وطفلة تبلغ تسع سنوات من العمر، أثناء اجتماعها مع ناخبين في مدينة تاكسون. ويشعر الأطباء بتفاؤل مشوب بالحذر في شأن احتمال بقاء النائبة البالغة 40 سنة على قيد الحياة بعدما أصابتها رصاصة واحدة في الرأس، في وقت أوقفت أجهزة الأمن المسلح المشبوه الذي ذكرت محطة «أم أس أن بي سي» انه أطلق 20 رصاصة من خلف غيفوردز. ويسعى المحققون إلى معرفة الدافع وراء حادث إطلاق النار واحتمال تواطؤ رجل ثانٍ معه صورته كاميرا فيديو قرب مكان إطلاق النار، فيما وصف الرئيس الأميركي باراك أوباما الحادث بأنه «مأساة لكل البلاد»، معتبراً غيفوردز المتزوجة من رائد فضاء في إدارة الطيران والفضاء (ناسا) تعتبر نجماً صاعداً في الحزب الديموقراطي «صديقة له»، على رغم أنها أقرب الى الجناح المحافظ في الحزب. وشكلت غيفوردز هدفاً رئيسياً للحركة اليمينية المتطرفة «تي بارتي» (حزب الشاي)، لكن أعيد انتخابها في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، ووضعتها المرشحة السابقة لمنصب نائب الرئيس الأميركي سارة بايلين والتي تدعم «حزب الشاي»، على ما سمته «لائحة أهداف» بسبب دعم النائبة عن أريزونا للإصلاحات في القطاع الصحي التي يطرحها أوباما. وتقدمت بايلين بالتعزية للضحايا قائلة إنها تصلي عن أرواحهم ولعائلاتهم، علماً أن غيفوردز كانت حذرت أخيراً من أن التصريحات السياسية اللاذعة أدت إلى توجيه تهديدات عنيفة لها، وتسببت في أعمال تخريب في مكتبها. وأطلق المشبوه الذي حددت هويته بأنه جاريد لي لوفنر (22 سنة) الرصاص من مسدس نصف آلي، ومن مسافة قريبة لا تتجاوز 1،2 متر خارج متجر بعد ظهر أول من أمس، ثم سيطر عليه اثنان من المارة أحدهما ستيفن ريل الذي قال لمحطة «سي أن أن» التلفزيونية أن لوفنر ارتدى ملابس رثة، «لكن بدا عليه التركيز لدى إطلاقه النار بطريقة عشوائية وسط الحشد». وسبب الحادث صدمة في واشنطن حيث أرجأ الكونغرس تصويتاً مهماً يتعلق بإبطال إصلاح اقترحه أوباما في قانون الرعاية الصحية إلى وقت لاحق، فيما رأى محللون أن الانتقادات اللاذعة التي شهدتها الحملة الانتخابية الحامية لانتخابات التجديد النصفي للكونغرس نهاية العام الماضي ربما اضطلعت بدور في حادث إطلاق النار على غيفوردز. ولمّح كلارنس دوبنيك، قائد الشرطة في مقاطعة بيما، الى معاناة المسلح المشبوه من ماضٍ مضطرب، «إذ وجه تهديدات بالقتل في السابق، لكن ليس لغيفوردز. كما إننا غير مقتنعين بأنه نفذ عمله بمفرده». وزاد: «كل ما أستطيع قوله إن المشبوه ربما يعاني من مشكلة عقلية. والأكيد أنه غير متزن»، علماً أن لقطات مصورة على موقع «يوتيوب» أظهرت انتقاد لوفنر سيطرة الإدارة على العقل وغسلها دماغ الناس، ومطالبته بعملة جديدة. وكتب لوفنر في سيرته الذاتية على الموقع انه «تعلم في تاكسون، وان كتبه المفضلة هي «كفاحي» للزعيم النازي ادولف هتلر و «البيان الشيوعي» لكارل ماركس و «طار فوق عش المجانين» لكين كيسي. وكلف الرئيس أوباما مدير مكتب التحقيقات الفيديرالي روبرت ميلر بالإشراف على التحقيق. وقال: «لا نعرف ما تسبب في هذا العمل الذي لا يوصف». ووسط الاستنكار السياسي للعملية، رأى سكان أن هذا العنف يدل على تزايد النقمة على السياسة في أريزونا، والذي ظهر الى العلن على المستوى الوطني العام الماضي، بعد إقرار الولاية قوانين حازمة ضد الهجرة غير الشرعية. وقال فرانك وورث الذي يعمل مديراً لمطعم قرب مكان إطلاق النار: «إنه أمر رهيب. إنهم يستمعون الى أغبياء على التلفزيون وفي مدونات إلكترونية. إنها سيدة لطيفة ومتزوجة من رائد فضاء». وأضاف وورث: «حاكموا المعتدي وامنحوه ثلاثين يوماً ثم اقتلوه. لكن سيُمضي على الأرجح حياته في السجن، وستنفق ملايين الدولارات على ذلك بدلاً عن استفادة أشخاص بحاجة الى هذا المال». ورأت كايت دونوفان التي شاركت مع مئات من سكان تاكسن في إضاءة شموع خارج المستشفى التي تتلقى فيه غيفوردز وباقي ضحايا إطلاق النار العلاج: «يصعب عدم الشعور بأن النبرة المتعالية للسياسة في أريزونا لعبت دوراً في السماح بحصول هذا الأمر». وأقر حاكم أريزونا الجمهوري جان برووير الذي أصبح هدفاً دائماً للانتقادات بعد دعمه قانون الهجرة المثير للجدل، بأن إطلاق النار على النائبة الأميركية قد يلطخ صورة الولاية، لكنه استدرك قائلاً: «لدينا الكثير من الأشخاص الطيبين والشرفاء أيضاً». ودعت أجهزة أمن الكونغرس المكلفة حماية البرلمانيين في واشنطن، أعضاء البرلمان الى «اتخاذ إجراءات وقائية معقولة لأمنهم».