يعتقد المهندس خالد الدريس أن الرسالة المترجمة حول الجيل الذين كانوا من مواليد الفترة من الخمسينات حتى نهاية السبعينات تحمل فكرة صحيحة تدعو للتساؤل، ففيها أن هذا الجيل عاش في فترة ذهبية فلِمَ لَمْ تكن هناك تحذيرات من نوع «أبقيه بعيداً عن متناول الأطفال» على زجاجات الأدوية، والأبواب، والخزن. وتواصل الرسالة: كأطفال ركبنا السيارات من دون حزام أمان ولم يكن في السيارات أكياس هواء، ولم نكن مجبرين على استعمال الخوذة عند ركوب الدراجة، شربنا الماء من خرطوم سقي الحديقة وليس من زجاجة مشتراة من سوبر ماركت، كما وتشاطرنا زجاجة «الكولا» مع أصدقائنا ولا أحد مات بسبب ذلك، أكلنا «الآيس كريم» المصنوع من منتجات الألبان، والخبز الأبيض، والزبدة الحقيقية، لكننا لم نكن سمينين لأننا كنا دائماً نلعب خارج البيت. كنا نغادر المنزل في الصباح، ونلعب طوال اليوم، حتى تشعل أضواء الشوارع، لم يتمكن أحد أن يجدنا طوال اليوم. ولم يكن في ذلك أي مشكلة، قضينا أياماً بأكملها نصنع سيارات من النفايات التي نجدها في قبو المنزل، ثم ركبناها بأول شارع منحدر على رغم أننا نسينا أن نصنع لها الفرامل، وبعد بضع تجارب، والكثير من الوقوع والكدمات وأحياناً كسر أصبع تعلمنا كيفية حل المشكلة. لم يكن لدينا أصدقاء وهميون، أو مشكلات التركيز في المدرسة، لم يعطونا أقراصاً ضد النشاط المفرط. ولم يكن لدينا في المدرسة مختص بعلم النفس أو موجه تربوي، ومع ذلك فإننا أنهينا دراستنا ولم يبع لنا أحد المخدرات أمام المدارس، لم يكن لدينا «بلاي ستيشن»، «نينتندو»، أو «صندوق X»، ولا ألعاب فيديو ولم يكن لدينا 99 قناة تلفزيون، لم يكن لدينا جهاز الفيديو، أو أجهزة موسيقى فراغية، ولا هواتف خليوية أو حواسيب، أو غرف الدردشة عبر الإنترنت. كان عندنا أصدقاء وكنا نخرج ونلهو معهم! وقعنا عن الأشجار، رمينا الحصى على زجاج الجيران، تشاجرنا، كسرنا الأسنان أو القدمين أو اليدين، ولكن أهالينا لم يذهبوا بسبب ذلك إلى المحكمة، ذهبنا لمنازل أصدقائنا بالدراجة أو سيراً، نناديهم أمام الباب أو ندخل ببساطه لمنزلهم لنكون معاً. الخمسون سنة الماضية كانت الأكثر إنتاجاً في تاريخ البشرية، أجيالنا أنتجت أفضل المخترعين والعلماء حتى يومنا هذا. كان لدينا الحرية، الحق في الخطأ، النجاح والمسؤولية. وتعلمنا أن نعيش مع هذا! إذا كنت تنتمي إلى هذا الجيل؟ تهانينا!. حسناً أيها العبقري الاجتماعي، حتى نحن هنا، كنا مثلكم، الفارق فقط في «حتة» الإنتاجية وأعظم المخترعات، وهو فارق غير مهم بالنسبة لنا فنحن نستطيع استيراد أي شيء من الصين، لكن هل تعرف السبب، لأن بيوتنا قديماً لم يكن فيها «قبو» نأخذ من مخلفاته ونصنع السيارة وننحدر بها ونتكسر حتى نتعلم صنع الفرامل، وبالتالي يمكن اعتبار دورنا حيوياً فلقد خلقنا التوازن في المعادلة الإنسانية، إذ إن منتجي المخترعات كانوا يحتاجون إلى مستهلكين، وتصدينا لهذه المهمة، إلى درجة نسينا معها أهمية الإنتاج. [email protected]