أخيراً كثر الجدل حول قناة العربية، وحول ما إذا كانت تحمل أجندة سياسية أم لا، للحد الذي أصبحت فيه المحك بين تيارين مختلفين، البعض يراها بعيدة كل البعد عن واقع المجتمع السعودي المحافظ، في حين يرى آخرون أنها أصوات معتدلة على الساحة الإعلامية العربية. مدير مكتب القناة في المملكة العربية السعودية «خالد المطرفي» ناقش هذا الجدل، وتحدث عن سبب خروجه من الصحافة المقروءة نحو الصحافة المرئية، كاشفاً عن سبب انتقاله وبقائه في قناة العربية منذ 2003 وحتى الآن، واصفاً تجربته ب«المغامرة». لكم تصريح تقولون فيه إن الخروج من قناة العربية «انتحار إعلامي»، هل يعني ذلك أن بقاءكم في الإعلام بشكل عام مرهون ببقائكم في القناة؟ - نعم أنا قلتُ ذلك وأعني ما قلته، لأن العربية، من قبل والآن وستظل، هي المحطة الأشهر في كل بيت سعودي. العربية في زمن قياسي وصلت إلى المشاهد دون ضجيج. هي محطة فاعلة، حتى مع من يختلفون معها، وإلا لكان الريموت كنترول في أيدي من لا تعجبهم. تصنف قناة العربية على أنها ضمن الأجندة المعتدلة في الإعلام العربي، في رأيك من أوجد هذه الأجندات، وما الفائدة منها؟ - الواقع، المشاهد، الحال السياسي القائم. باختصار شديد المشاهد ذكي. لا يريد صخباً ولا فرقعات أو دعايات. هو يريد فقط أن يستمتع ويستفيد. العربية تشكل إضافة للمشاهد وتحترمه كثيراً. هل تحمل قناة العربية أجندة سياسية؟ - العربية لا تحمل أي أجندة سياسية، العربية قناة إخبارية، وليست حزبية، العربية لديها مفاهيم تصحيحية على مستوى المهنية، والصياغة، وعلى مستوى الأداء الاحترافي في الطرح الإعلامي. لكن كثيرين يرون أنها تحمل صوت «السنة» في المنطقة، في مواجهة قنوات أخرى تحمل أجندات سياسية أو حزبية معينة؟ - في المقابل هناك كثيرون يرونها أيضاً غير ذلك. لماذا تحظى الوجوه النسائية بحضور لافت على شاشة العربية، في حين تغيب الوجوه الذكورية؟ - من قال ذلك؟ وماذا تصنف مكتب السعودية في جدة والرياض مثلاً وكل مراسلي المكتب يظهرون على شاشة العربية، ألم تروهم ذكوراً؟! كثير من وسائل الإعلام العربية وقعت أخيراً في فخ الطائفية، كيف تنجو «العربية» من الوقوع في هذا الفخ؟ وما الآلية التي تتبعونها في تحرير وإذاعة الخبر، خصوصاً من ناحية المصداقية؟ - هذه من سياسة المحطة في دبي. نحن في مكتب السعودية، ليس لدينا أي نوع من التحيز، نحن معنيون بتغطية الحدث في أي مكان بغض النظر عن أطرافه ماذا يكونون وماذا يمثلون. لماذا يغيب حتى الآن تقنين العمل الإعلامي العربي بدلاً من أن نفاجأ بين فترة وأخرى بوقف بث قناة أو إفلاس أخرى أو اتهام ثالثة بأنها تحمل أجندات خارجية؟ - العمل الإعلامي الآن صناعة تشبه إلى حد كبير أي صناعة ضخمة. الاختلاف يكمن في الإبداع. وأيضاً الرأس المخطط إن كان متطوراً لن يسقط المنتج... لا يمكن تقنين العمل الإعلامي، هناك ثوابت وأسس في أي عمل وتحكم أي مجتمع. في رأيك، هل الإعلام العربي يتيم لا مرجعية موحدة له، أم كما يصفه البعض بأنه إعلام غير شرعي في كثير من الأحيان؟ - ليس صحيحاً ما تقول. الإعلام العربي حاضر حتى في الغرب، وكبار القنوات الغربية والصحف الغربية ووكالات الأنباء العالمية ترجع إلى بعض مواد الإعلام العربي وتستشهد بها في موضوعات عدة. استقالة عبدالرحمن الراشد واكبتها انتفاضة من أعمدة القناة الرئيسية أمام الشاشة، ما سبب هذه الانتفاضة، ومتى سيتخلص الإعلامي العربي من ثقافة التبعية؟ - اسأل عبدالرحمن الراشد من باب «ولا ينبئك مثلُ خبير»! نلاحظ كثيراً من التجارب لوسائل إعلام أجنبية تصدر بالعربية، مثل الحرة - العالم - بي بي سي... وغيرها) في المقابل هناك غياب لوسائل الإعلام العربية الناطقة بلغات أجنبية، لماذا يغب هذا الجانب؟ - دعنا نكسب المشاهد والسياسي العربي أولاً، ثم نصل للآخر. هل هي رسالة أننا كعرب ندور في دائرة مفرغة ولا نسعى للخروج منها؟ - لا، بل إننا ظاهرة صوتية جدلية. الخلل هنا - إن كان السؤال صحيحاً- أين يكمن؟ - الخلل يكمن في العقليات وقانون السوق الذي أضحى يسيطر على معظم المؤسسات الإعلامية والثقافية، إذ العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة، ولكن ذلك إلى حين. نعم إلى حين! ما تقويمكم لأداء هيئة الصحفيين السعوديين، وما مدى أهمية تفعيل هذا الأداء؟ - اشتركت بها في مرحلة التأسيس، وانتهت فترة اشتراكي، ولم يسألوا عني ولم أهتم بهم. هل سبب وجود إشكاليات داخل الهيئة (هيئة الصحافيين) سببه يعود إلى الهيئة أم إلى الصحافيين غير القادرين على التواصل بشكل جيد معها؟ - قلت لك صدقاً، لا أعلم عنها شيئاً. اسألوا الهيئة، واجهوها، حاصروا أعضاءها بالأسئلة وقولوا لهم: نحن في عصر الويكي، عصر الشفافية. انتقالكم من الصحافة الورقية إلى المرئية كيف تم ومن كان وراء اتخاذكم هذا القرار؟ - رحل الأستاذ قينان الغامدي، ورحل الدكتور فهد العرابي، ولم يبق أحد من الحرس القديم، فامتطيت تجربة العربية منذ بدايتها 2003، كانت مغامرة لكنها جاءت صحيحة. إنه عصر الصورة والمستقبل لها أيضاً.