رفضت اللجنة العليا للانتخابات في تركيا أمس، طعوناً قدّمتها أحزاب المعارضة لإلغاء نتائج الاستفتاء الذي حوّل النظام رئاسياً، منددة بارتكاب مخالفات في التصويت. وتحدثت المعارضة عن «أزمة شرعية خطرة». وورد في بيان أصدرته لجنة الانتخابات بعد اجتماعها أمس: «نوقشت في شكل منفصل طعون أحزاب الشعب الجمهوري والشعوب الديموقراطي والوطني، في شأن استفتاء 16 نيسان (أبريل)، ونتيجة للتقويمات رُفضت الطعون بغالبية 10 أصوات في مقابل موافقة صوت واحد». وعلّق نائب رئيس «حزب الشعب الجمهوري» بولنت توزجان على قرار اللجنة قائلاً: «هذه أزمة شرعية خطرة. سنسلك كل السبل القانونية المتاحة. سنقوّم غداً (اليوم) إن كنا سنحيل الأمر على المحكمة الدستورية أم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان». لكن ممثل الحزب في لجنة الانتخابات محمد حديمي ياكوبوغلو قال إن الحزب سيحيل الأمر على المحكمة الدستورية، ثم على المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إذا اقتضت الضرورة. وكانت شبكة «سي أن أن ترك» نقلت عن ناطق باسم «حزب الشعب الجمهوري» أن الحزب قرر عدم الانسحاب من البرلمان، بعدما أعلنت ناطقة باسم الحزب أنه يدرس هذا الأمر، احتجاجاً على مخالفات في الاستفتاء، ودعت إلى إعادته، مؤكدة أن الحزب لا يعترف ب «النتيجة المشكوك في نزاهتها للاستفتاء». كما قدّم «حزب الشعوب الديموقراطي» الكردي طعناً أمام لجنة الانتخابات، لإبطال نتائج الاستفتاء، معتبراً أن قرارها في اللحظات الأخيرة للتصويت، باحتساب بطاقات اقتراع غير مختومة، منع احتساب النتائج بدقة. وعدّد نائب رئيس الحزب مدحت سانجار «انتهاكات» أخرى، لافتاً إلى أنها قوّضت الاستفتاء. وأضاف: «سيبقى هذا الاستفتاء مثيراً للجدل إلى الأبد. لا يمكن إحداث تغيير في النظام السياسي، استناداً إلى استفتاء مثير للجدل وغير عادل». في السياق ذاته، أعلنت نقابة المحامين في إسطنبول أنها قدّمت شكوى جنائية ضد رئيس لجنة الانتخابات سعدي غوفان، بسبب «سلوك خاطئ» و «تغيير نتيجة الانتخابات». وسيدرس المدّعي العام هل سيوجّه اتهامات لغوفان. في المقابل، اعتبر رئيس الوزراء بن علي يلدرم أن «سبيل البحث عن حقوق» يجب أن يقتصر على اعتراضات قانونية، مضيفاً: «دعوة الناس إلى الشارع خاطئة وخارج إطار الشرعية. نتوقّع أن يتحرّك زعيم حزب المعارضة الرئيس (كمال كيليجدارأوغلو) في شكل أكثر مسؤولية. امتناع الحزب عن الاعتراف بالنتائج أمر ليس مقبولاً». وأعلن أنه ينتظر قراراً رسمياً ونهائياً من لجنة الانتخابات، لدعوة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى الانضمام مجدداً إلى حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، الذي أسّسه عام 2001. لكنه نفى أي نية لتعجيل مؤتمر عام للحزب، من أجل تنصيب أردوغان زعيماً له، مشيراً إلى أن المؤتمر سيُعقد في موعده صيف العام المقبل. كما نفى أي نية لتنظيم انتخابات مبكرة. أما وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو فاتهم منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ب «الجهل النابع من تحيّز»، معتبراً أن تقريراً أعدّته، انتقد أخطاء في الاستفتاء، «يفتقر إلى الصدقية، لافتقار ملاحظات (المراقبين) إلى الموضوعية، وكانت متحيّزة جداً». ويواجه رئيس «حزب الشعب الجمهوري» كمال كيليجدارأوغلو موقفاً صعباً داخل حزبه، إذ تطالبه قواعد بالاستقالة، معتبرة أنه أبدى ضعفاً إزاء «تجاوزات الحكومة ولجنة الانتخابات في الاستفتاء»، وأنها كانت تتوقّع منه إطلاق تظاهرات احتجاج في كل المحافظات، للضغط على الحكومة. لكن قياديين في الحزب يرون أن الأسلوب الهادئ لكيليجدارأوغلو أنجح الحملة ضد مشروع النظام الرئاسي، وأضعف موقف الحكومة، محدثاً للمرة الأولى اختراقاً في صفوف حزب «العدالة والتنمية». وشددوا على وجوب التخلّي عن فكرة عزله «بعد هذا النجاح»، ولو لم تكن نتيجة الاستفتاء في مصلحة المعارضة. ويدعو هؤلاء إلى استنفاد كل أدوات الضغط السياسي على الحكومة، طالما أن خيار الحزب لن يكون التصعيد في الشارع. إلى ذلك، أعلن جاويش أوغلو أن أردوغان سيلتقي الرئيس الأميركي دونالد ترامب الشهر المقبل، قبل اجتماع للحلف الأطلسي.