طعنت المعارضة بنتائج الاستفتاء الذي نُظم في تركيا الأحد، محولاً النظام رئاسياً، وطالبت بإلغائه بحجة ارتكاب «مخالفات»، أبرزها سماح اللجنة العليا للانتخابات باستخدام بطاقات اقتراع غير مختومة. ونبّهت نقابة المحامين في تركيا وبعثة مراقبة أوروبية إلى أن قرار اللجنة «ليس قانونياً»، وقد يكون أثّر في النتيجة. لكن الحكومة اعتبرت أن «الشعب عبّر عن إرادته بحرية»، وحضّت المعارضة على «احترام قراره». وتواصلت تظاهرات في إسطنبول وإزمير، احتجاجاً على موقف اللجنة العليا للانتخابات. وهتف بعضهم «لا للرئاسة» و «هذه مجرد بداية» و «سيستمر النضال». لكن تدخلاً قوياً لأجهزة الأمن، بفضل قانون الطوارئ، وتوقيفه محتجين، أدى إلى تراجع عدد التظاهرات وحدّتها. وأعلن نائب رئيس «حزب الشعب الجمهوري» المعارض بولنت تيزجان أن الحزب قدّم طلباً رسمياً أمام لجنة الانتخابات، ل «إلغاء (نتيجة) الاستفتاء»، بسبب «مخالفات». وأكد أن الحزب سيستخدم كل السبل القانونية، لتحقيق ذلك. وكان الحزب تعهد رفع الأمر إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، إذا كان ذلك ضرورياً. وعدّدت المعارضة سلسلة مخالفات، أبرزها قرار متأخر أصدرته لجنة الانتخابات، لقبول بطاقات اقتراع غير مختومة، كما ينصّ القانون التركي. ونبّه تيزجان إلى أن الأصوات المفقودة في الاستفتاء «تُعتبر سابقة»، وزاد: «القرار الوحيد الذي سينهي الجدل في شأن شرعية (التصويت) وتهدئة المخاوف القانونية للناس، هو أن تبطل لجنة الانتخابات» الاقتراع. واتهم رئيس الحزب كمال كيليجدارأوغلو اللجنة بأنها «لا تتلقّى سلطتها من الشعب أو القانون أو الدستور، بل من مركز محدد، هو سلطة سياسية محددة»، معتبراً أنها «غيّرت قواعد اللعبة في منتصف» المباراة. كما قدّم حزب «الوطن» طلباً رسمياً إلى لجنة الانتخابات لإلغاء الاستفتاء ونتيجته، بحجة أن الأصوات غير المختومة لا يمكن حصرها أو عدّها أو التأكد من الجهة التي استفادت منها. أما «حزب تحرير الشعب» اليساري فقدّم طلباً أمام المحكمة الدستورية لإلغاء نتيجة الاستفتاء. ولفت مراقبون من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا إلى أن قرار اللجنة قوّض ضمانات مهمة للانتخابات، فيما رجّحت أليف كورون، وهي نمسوية من الأعضاء ال47 في بعثة المراقبة التابعة لمجلس أوروبا، حدوث «تلاعب بنحو 2.5 مليون صوت» في الاستفتاء، مشددة على أن قرار لجنة الانتخابات في شأن بطاقات الاقتراع غير المختومة «يخالف القانون». ورأت نقابة المحامين الأتراك في قرار اللجنة انتهاكاً واضحاً للقانون، قد يكون أثّر في النتيجة، فيما دعت المفوضية الأوروبية أنقرة إلى إجراء «تحقيق شفاف في مخالفات مزعومة». في المقابل، انتقد وزير شؤون الاتحاد الأوروبي عمر جليك «تعليقات دافعها سياسي ضد قرار اللجنة»، فيما اعتبر الرئيس رجب طيب أردوغان أن المعارضة تشكّك دوماً في نتيجة أي انتخابات تخسرها. وندد رئيس الوزراء بن علي يلدرم ب «إشاعات عقيمة» عن مخالفات في الاستفتاء، مشدداً على أن «النتيجة تَعِد بصفحة جديدة وجميلة في التاريخ السياسي للبلاد». وتابع: «عبّر الشعب التركي عن إرادته بحرية، وعلى المعارضة احترام قراره». وأضاف أن حزب «العدالة والتنمية» الحاكم «سيوجّه دعوة» إلى أردوغان ل «العودة إليه، بعد إعلان نتيجة الاستفتاء رسمياً». وكان لافتاً أن أردوغان استقبل رئيس المحكمة الدستورية، والذي قد تُحال إليه لاحقاً، كل القضايا المرفوعة لإلغاء نتيجة الاستفتاء، من دون إعلان سبب هذه الزيارة المفاجئة. واندلعت فوراً أزمة بين أنصار الحزب الحاكم وحزب «الحركة القومية»، إذ حمّلت صحف موالية للحكومة القوميين مسؤولية تدنّي نتيجة قبول التعديلات الدستورية في الاستفتاء (51.4 في المئة)، معتبرة أن الوقت حان لعودة العلاقات مع الأكراد، إذ رأت أنهم أفضل حلفاء على الأرض. في برلين، طالب وزير الداخلية الألماني توماس دوميزيير أنقرة ب «توضيح» هل نُظم الاستفتاء ب «نزاهة وصدق»، فيما شدد وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل على أن إعادة تطبيق عقوبة الإعدام في تركيا «ستكون بمثابة نهاية لحلم» عضويتها في الاتحاد الأوروبي.