فيما قررت المعارضة البرلمانية الكويتية أمس المضي قدماً في تقديم استجواب ضد رئيس الوزراء الشيخ ناصر محمد الأحمد على خلفية أعمال عنف شهدتها ندوة أقامها أحد نواب مجلس الأمة الأربعاء الماضي، قررت حكومة الكويت إغلاق مكتب قناة «الجزيرة» الفضائية القطرية وسحب تراخيص جميع العاملين فيها بسبب طريقة تغطيتها للحادث المذكور و «تدخلها في الشأن الداخلي» للبلاد. وأعلن مدير إدارة الإعلام المرئي والمسموع في وزارة الإعلام فيصل المتلقم أمس إغلاق الوزارة مكتب قناة الجزيرة بالكويت وسحب ترخيصها. وقال في تصريح الى «وكالة الأنباء الكويتية» (كونا) أن «سحب ترخيص قناة الجزيرة وإغلاق مكتبها جاء بقرار وزاري على اثر نقل القناة للأحداث الأخيرة في الكويت وتدخلها في الشأن الداخلي، على رغم تحذيرات سبق أن أرسلتها الوزارة الى جميع وسائل الإعلام بعدم نشر أو بث أي أخبار عن الأحداث الأخيرة وإثارة الموضوع، إلا أن القناة لم تلتزم بالتحذير». وأضاف المتلقم انه تم الاتصال بمدير مكتب قناة الجزيرة سعيد السعيدي وإبلاغه بقرار السحب ووقف أعمال المكتب لعدم التزامه بتعليمات الوزارة على رغم علمه بها. وكانت «الجزيرة» أرسلت طاقماً لتغطية الندوة التي أقامها النائب جمعان الحربش لبثها مباشرة، وتمكن طاقمها من تصوير الأحداث التي وقعت وتعرض عناصر الأمن لبعض النواب والشخصيات، وبثت هذه اللقطات في نشراتها الإخبارية على مدى أيام، ما أثار حفيظة الجهات الرسمية التي كانت لديها رواية مختلفة عن حقيقة ما جرى في الندوة. ثم أعلنت «الجزيرة» يوم الجمعة الماضي أنها ستستضيف قطب المعارضة النائب مسلم البراك ليعلق على أحداث الندوة التي كان حاضراً فيها. وبحسب مصادر فان مسؤولين إعلاميين كويتيين اتصلوا بالقناة القطرية طالبين عدم استضافة البراك، لكنها أجابت بأنها «ليست طرفاً في الخلافات السياسية في الكويت» وأنها ستبث اللقاء، وعرضت أن تقدم الحكومة الكويتية ممثلاً عنها ليكون في مواجهة البراك في الحوار. واستضافت «الجزيرة» فعلياً البراك ولكن على الهاتف إذ منعت وزارة الإعلام الشركة الخاصة بالبث التلفزيوني المباشر من تقديم هذه الخدمة لمكتب «الجزيرة» في الكويت، وكانت النتيجة أن تلقى مكتب «الجزيرة» أمس كتاباً من وزارة الإعلام يبلغه بقرار إغلاقه وسحب التراخيص. وكانت الحكومة الكويتية قدمت أول من أمس مشروع قانون لتعديل «قانون المرئي والمسموع» الى مجلس الأمة يتضمن مزيداً من القيود على عمل وسائل الإعلام، وخصوصاً غير الكويتية. وعلى صعيد الاستجواب البرلماني، تقدم النواب مسلم البراك (كتلة العمل الشعبي) وجمعان الحربش (كتلة الإصلاح والتنمية) وصالح الملا (كتلة العمل الوطني) باستجواب من محور واحد هو «انتهاك أحكام الدستور والتعدي على الحريات العامة». وجاء قرار المضي في الاستجواب على رغم تصريحات للأمير الشيخ صباح الأحمد أول من أمس أعلن فيها دعمه للإجراءات الأمنية التي أحاطت بأحداث الندوة، مبدياً أسفه لما حدث من إصابات، لكنه أكد استمرار قوى الأمن في منع أي تجمع خارج إطار الديوانيات. وهذا هو الاستجواب الثالث ضد الشيخ ناصر منذ بدء توليه رئاسة الحكومات الكويتية في 2006. وأدرج الطلب على جدول أعمال جلسة 28 كانون الأول (ديسمبر) الحالي لكنه لن يناقش قبل منتصف كانون الثاني (يناير) المقبل، إذا لم تقع تداعيات سياسية تعصف بمجلس الأمة (البرلمان) نفسه أو تؤدي الى استقالة الحكومة. وتحتاج المعارضة الى 25 صوتاً لحجب الثقة عن رئيس الوزراء. وكان 21 نائباً أعلنوا حتى أمس دعمهم الاستجواب. وتحدث طلب الاستجواب عن «انتهاك أحكام الدستور والتعدي على الحريات العامة» من قبل رئيس الوزراء لتعطيل الحكومة ثلاث جلسات أخيرة لمجلس الأمة بسبب مسعاها لرفع الحصانة عن النائب فيصل المسلم من دون إعطائه الحق في مناقشة الأمر. واعتبرت الصحيفة ذلك «سلوكاً حكومياً عابثاً بالضمانات الدستورية».