بعدما جالت سفينة المهرجانات السينمائية على مدن عربية عدّة، ترسو بعد غد في دبي لافتتاح الدورة السابعة من مهرجانها، مختتمة بذلك احتفالات العالم العربي السينمائية لهذه السنة. فهل سيكون الختام مسكاً، أم أن رياحاً عاتية ستُعكر مسار الرحلة؟ ثمة من يقول إن توقيت المهرجان، يسمح لمنافسيه ب «سرقة» الكثير من العروض والنجوم العالميين، وأن مهرجان أبوظبي الشقيق بإمكاناته المادية الضخمة، أخذ الكثير من بريقه. كلام قد يبدو منطقياً، ولكن نظرة سريعة على البرنامج، تُوضح أن العمل جار على قدمٍ وساق للخروج بدورة استثنائية. بعد الأزمة المالية والاقتصادية التي مرّت بها دبي، تجد الإمارة نفسها أمام فرصة ذهبية لتلميع صورتها مجدداً والعودة الى طليعة المهرجانات. المنظمون في أقصى درجات الأهبة والاستعداد، وفرح وتفاؤل يسودان الأجواء. تقول المديرة التنفيذية للمهرجان شيفاني بانديا: «أؤكد وبكل ثقة، أن الدورة السابعة ستكون الأروع على الإطلاق، لسببين رئيسين، أولهما سوق دبي السينمائي الجديد الذي يوفر فرصاً استثنائية لصناع الأفلام من جهة، ومجموعة العروض التي أعددناها ليستمتع بها الجمهور. ولا شك في أن دورة عام 2010 ستمثل قفزة نوعية بالنسبة الينا». ويتميز المهرجان بحضور نخبة من كبار الشخصيات السينمائية العالمية، من مخرجين وممثلين، إضافة إلى مجموعة مميزة من الأفلام، تتوزع ضمن مختلف برامج المهرجان داخل المسابقة وخارجها. الافتتاح ملكي انكليزي ويفتتح «حديث الملك» لتوم هوبر المبني على القصة الحقيقية للملك جورج السادس ونضاله لقيادة بريطانيا في الفترة التي سبقت الحرب العالمية الثانية المهرجان. ويضم الفيلم الكثير من النجوم العالميين يتقدمهم جيفري راش وهيلينا بونهام كارتر وجنيفر إيهلي ومايكل جامبون، إضافة إلى كولين فيرث الذي رشح لجائزة الأوسكار. فيما يختتم فيلم الحركة والمغامرات «ترون: الإرث» الثلاثي الأبعاد لجوزيف كوزينسكي الموسم السينمائي العربي في 19 الجاري. وما بين الموعدين، يُكرّم المهرجان كلاً من الممثل والمخرج الأميركي شون بين والفنانة اللبنانية صباح والمخرج المالي سليمان سيسي. ويشارك في المهرجان 157 فيلماً من 57 دولة، وتشمل العروض نخبة من الأفلام العربية، ومجموعة من الأفلام التي تتنافس على جوائزه في مختلف الفئات والتي تصل قيمتها الى نحو 600 ألف دولار. وتعكس الأفلام المشاركة، الهويات الثقافية المتفردة للمجتمعات التي تمثلها، من أميركا الجنوبية إلى تايوان، ومن السويد إلى جنوب أفريقيا. ويستضيف الحدث 41 عرضاً عالمياً أول، بزيادة قدرها 30 في المئة مقارنة بالعام الماضي، و13 عرضاً دولياً أول، و58 فيلماً تعرض للمرة الأولى في الشرق الأوسط، و32 عرضاً أول على مستوى دول الخليج. واللافت أن نصف الأفلام المعروضة في المهرجان، هي أفلام عربية. وسيكون الممثل والمخرج شون بين في مقدم نجوم المهرجان، كما سيشهد الحدث حضور الممثل كولين فيرث، نجم فيلم الافتتاح وكولين فاريل وإد هاريس وجيم ستارغيس والمخرج بيتر وير لحضور عرض فيلمهم «طريق العودة»، وبو غاريت، نجمة فيلم الختام، والمخرج أندري كونشالوفسكي والممثلة جوليا فيسوتسكايا، اللذين سيعرض فيلمهما «كسار البندق بالأبعاد الثلاثة» ضمن برنامج «سينما الأطفال». للسجادة الحمراء وتضم الدورة السابعة الكثير من أفلام السجادة الحمراء، ومنها العرض العالمي الأول لفيلم «678» في افتتاح البرنامج العربي، والفيلم البولندي «غداً سيكون أفضل» لدوروثي كيدزييرزاوسكا ضمن برنامج «سينما العالم»، والفيلم المصري المثير للجدل «الخروج» الذي يعرض في برنامج الجسر الثقافي، والفيلم القصير «الفيلسوف» المشارك في مسابقة المهر الإماراتي الأولى، وفيلم الفنون القتالية الصيني «عهد القتلة» ضمن برنامج «سينما آسيا وإفريقيا». وسيحضر أيضاً الممثل الفرنسي جان رينو، إضافة إلى مجموعة من النجوم العرب منهم خالد أبو النجا وبشرى ونيلي كريم وصبا مبارك وأيمن زيدان وسمر سامي ورغدة. ويتنافس العمل اللبناني «رصاصة طايشة» لجورج هاشم، مع 12 فيلماً روائياً طويلاً من العراق والمغرب وسورية والأردن ومصر على جوائز مسابقة «المهر العربي». ويوضح مدير البرامج العربية في المهرجان عرفان رشيد، «أن ما ميّز اختيارات هذه السنة، وجود عدد كبير من المخرجين الشباب إلى جانب مخضرمين سجّلوا حضورهم في السينما العربية منذ سبعينات القرن الماضي وثمانياته». ويضيف: «على رغم تنوّع اللغات والمفردات السينمائية وتباين أدوات تنفيذ الأعمال، فإن ثمة انسجاماً، بين اختيارات الشباب والمخضرمين للموضوعات والقصص التي تناولوها في أعمالهم، حتى بدا هاجس الآصرة مع ما يحدث في العالم العربي اليوم، بمثابة خيط رابط بين غالبية الأعمال». وتشارك في المهرجان سبعة أفلام روائية ووثائقية وقصيرة تمثل مختلف أنحاء القارة الإفريقية، ومنها «الحياة أولاً» للمخرج الجنوب إفريقي أوليفر شميتز، وهو المرشح الرسمي لجنوب إفريقيا في سباق الأوسكار 2011. وثمة 14 فيلماً إماراتياً رشحت لجوائز مسابقة «المهر الإماراتي» لإطلاع جماهير المنطقة والعالم، للمرة الأولى، على إبداعات المواهب الإماراتية الشابة، وباقة من الأفلام الخليجية القصيرة من الكويت والبحرين وعمان والمملكة العربية السعودية حول مفاهيم الشرف والمسؤولية والحرب والكوميديا والدراما العائلية والحب. اضافة الى 13 عملاً تتنافس على مسابقة المهر العربي للأفلام الوثائقية ومنها «الأئمة يذهبون إلى المدرسة» لكوثر بن هنية و «بيروت عالموس» لزينة صفير. وتزامناً مع الذكرى المئوية لاستقلال المكسيك، يستضيف المهرجان مجموعة من أهم الأفلام المكسيكية ضمن فعاليات برنامج «في دائرة الضوء»، ويقدم أفضل إنتاجاتها لجمهور المنطقة، ويتيح الفرصة للتعرف على الأفلام والمواهب السينمائية ذات الإرث الحافل بالتميز. ويعرض المهرجان ضمن قسم «فوضى منتصف الليل»، إحدى الإضافات الجديدة إلى البرنامج الخاص بالدورة السابعة، مجموعة من أفلام الرعب والتشويق، تقدم قصصاً حافلة بالمشاهد المرعبة التي تتنوع بين الهلوسات المخيفة، وأشباح الماضي الأليم، وتأثير الخوف في حالة الدماغ. وللأطفال حصة أيضاً في الحدث، اذ ستعرض مجموعة من الأفلام التي تتناول مواضيع مختلفة تتنوع بين حياة سرية لألعاب منسية، وشجرة سحرية، ومحاولة استرجاع الفضة التي تحوّل النهار إلى ليل، والحكاية الكلاسيكية لكسارة البندق في عيد الميلاد. وتناقش أفلام «سينما العالم» طيفاً من المواضيع والقضايا، من السير الذاتية، إلى الرعب والمغامرة والدراما والكوميديا، ومن بينها «127 ساعة» للمخرج البريطاني الفائز بجائزة الأوسكار داني بويل. إذاً، كل شيء بات جاهزاً للاحتفال، فهل ستجد العروض من يشاهدها، أم أن الشاشات ستقدم أعمالاً مميزة، لمقاعد فارغة؟