قليل من النواب العراقيين السُّنّة يؤيدون تشكيل اقليم فيديرالي في مناطقهم. لكن طرح الموضع أخذ زخماً كبيراً في الأسبوعين الماضيين، باعتباره نتيجة طبيعية لفشل «القائمة العراقية» في تحقيق وعودها لناخبيها وغالبيتهم من المدن السنية. وعلى تأكيد عدد من النواب أن الدعوة إلى اقليم للسنة خلفها «أجندات تقسيمية»، الا انهم يؤيدون تشكيل «أقاليم إدارية تمثل المحافظات»، ويخشون من نتائج تفاقم الإحباط في الأوساط الشعبية من عدم المشاركة الفاعلة في الحكومة. وقال النائب عن «العراقية» أحمد العلواني ان قائمته التي تمثل الناخبين في المحافظات السنية تعلم بوجود «مؤامرات وأجندات خارجية وشخصيات مرتبطة بدول اقليمية تروج لتقسيم العراق الى ثلاث دويلات، سنية وشيعية وكردية». ورفض التحليل الذي يقول ان فشل «العراقية» في تحقيق الوعود التي اطلقتها في المناطق السنية ستؤدي إلى إنشاء الإقليم. وأضاف العلواني في تصريح إلى «الحياة»، أن «من الأسباب الموضوعية لهذا الطرح معاناة سكان هذه المناطق من الحكومات السابقة، والإقصاء والتهميش اللذين تعرضوا له، خصوصاً في عهد الحكومة الأخيرة، وتعاطيها مع الملف الأمني في الأنبار وديالى. وهذا يستدعي وقفة حقيقية لمعالجة كل سلبيات المرحلة السابقة». وينظر سياسيون في المدن السنية بقلق كبير إلى تبعات أي فشل يصيب «العراقية» التي كانت خيارهم لتأكيد تمسكهم بعراق موحد. ويعتقد هؤلاء ان عدم تمكن الخيار الوطني العابر للطوائف الذي تعبر عنه العراقية من تكريس وجوده خلال السنوات الأربع المقبلة قد يقود الى بلورة فكرة الاقليم السني. وقال العلواني، وهو نائب عن محافظة الانبار: «لا نعارض تشكيل اقاليم، ولكن على اساس اداري وليس طائفي او عرقي، والأمر يعود الى رغبة المواطنين في تلك المناطق». وشدد على ان»العراقية» لم تفشل «في تحقيق برنامجها السياسي بعدما تخلت عن حقها في رئاسة الحكومة بسبب الظروف المعروفة، ومن شأن كتلتها الكبيرة في البرلمان والحكومة ورئاسة مجلس السياسيات الاستراتيجية تحقيق ذلك وتصحيح مسار العملية السياسية وباقي الاهداف المرسومة». وزاد «نتوقع ان تكون الدعوة إلى إنشاء اقليم سني زوبعة في فنجان ولا تمثل رأي الغالبية». وكانت انتقادات شعبية وعشائرية في المناطق السنية وُجهت اخيراً الى قادة «العراقية»، مع بروز الخلافات بين اقطابها حول المناصب. وافادت انباء القائمة أمس ان التنافس بين زعيم «جبهة الحوار» صالح المطلك وزعيم «حركة تجديد» طارق الهاشميعلى منصب نائب رئيس الجمهورية حُسمت لصالح الأخير. ولم تطرح بعد في البرلمان قضية «المجلس السياسي للإستراتيجيات» الذي يعده نواب الكتلة معياراً لمشاركتهم في الحكم، فيما تحتاج اجراءات رفع الاجتثاث عن عدد من زعماء القائمة إلى مزيد من الوقت بسبب التعقيدات القانونية والممانعة البرلمانية التي يتوقع ان تلاقيها طروحات إعادة النظر في قانون «المساءلة والعدالة» برمته. وينص الدستور الدائم على حق محافظة او أكثر بتشكيل إقليم، بناء على طلب لإجراء استفتاء يقدمه ثلث اعضاء مجلس كل محافظة تريد تكوين اقليم. وكان بعض الأوساط الشعبية والرسمية في محافظتي ديالى وصلاح الدين لوّح بخيار تشكيل الإقليم اذا لم تضمن مشاركة حقيقية في الحكومة التي تأخر تشكيلها. وأكد النائب عن القائمة «العراقية» عبد الكريم السامرائي، ان كتلته «ستشارك في الحكومة، في محاولة لإصلاح الكثير من الاشكالات»، وقال إن «البعض في محافظة صلاح الدين يفكر في تشكيل اقليم لكن هذا يتضمن مخاطر وقد يؤدي الى تقسيم العراق». وتابع انه «اذا لم تتحقق الاصلاحلات، فسيدفع الاحباط الناس الى التفكير بتشكيل اقاليم، وحينها لا اعتقد انه سيكون بامكاننا ان نعارض ذلك». وكانت «جبهة التوافق» السنية التي مثلت السنة في الدورة السابقة حصلت على 44 مقعداً من اصل 275، الا انها تراجعت وفازت ب 6 مقاعد فقط في البرلمان الحالي من اصل 325 مقعداً واستحوذت «العراقية» على معظم اصوات السنة. ورأى القيادي في الجبهة محمد اقبال ان «طريقة المفاوضات التي تضطلع بها العراقية اصابت ناخبيها بخيبة امل كبيرة، واعطتهم انطباعاً بأن ممثليهم لم يسعوا الى تحقيق ما وعدوا به، لذا تصدر دعوات من هنا وهناك لتشكيل اقليم سني نرفضه جملة وتفصيلاً». وأضاف: «اننا ندعو الى تشكيل اقاليم على اساس اداري، ونفضل ان تكون كل محافظة اقليماً، وعدا ذلك فان الاقاليم ستكون تمهيداً للانفصال وتقسيم البلاد».