من بين مواطنيها الذين يشكلون 0.7 في المئة من سكان العالم، يعاني 17 في المئة من سكان جنوب افريقيا من فيروس نقص المناعة المكتسبة ومرض «الايدز»، أي ستة ملايين إنسان من أصل 50 مليوناً. وتوفي ثلاثة ملايين شخص، جُلُّهم في مرحلة النضج، بسبب المرض، فيما يموت ألف مريض يومياً، تاركين مئات الآلاف من الأيتام وسالبين الاقتصاد الأكثر تطوراً في أفريقيا كفاءاتٍ تحتاج البلاد إليها حاجة ماسة. وفي العقدين الماضيين، هبط المعدل الوسطي لعمر الافارقة السود، الذين وقع القسم الأكبر من إصابات المرض في صفوفهم، من ستين عاماً إلى 47 عاماً فقط. ولكن، بعد عقد من الإنكار أثناء حكم الرئيس السابق ثابو مبيكي، المتردد في الاعتراف بالصلة بين فيروس نقص المناعة المكتسبة وبين مرض الإيدز، تشن حكومة الرئيس جاكوب زوما هجوماً مضاداً. وتمتلك جنوب أفريقيا الآن أكبر برنامج علاج من فيروس الإيدز في العالم، يوفر الدواء لحوالى مليون مريض، اي ضعف عدد المرضى قبل ثلاثة أعوام. كما أطلقت الحملة الأكبر عالمياً لتشخيص الاصابة بالفيروس، ورمت إلى فحص خمسة عشر مليون إنسان. وفي العام الماضي، أنفقت الحكومة 17.6 بليون راند (2.1 بليون دولار) للسيطرة على الوباء، وأمَّن مانحون دوليون 30 في المئة من المال. ورغم ذلك، ما زالت جنوب أفريقيا تواجه صعوبات في السيطرة على الوباء. ورغم أن عدد الإصابات الجديدة تراجع بمعدل الثلث بين عامي 2002 و2008، إلا انه يسجل يومياً حوالى 1350 إصابة جديدة. واستناداً إلى البحث الأحدث، يكاد لا يُستخدم الواقي الذكري من بين الرجال النشطين جنسياً تحت سن الخامسة والثلاثين، سوى أربعة رجال من بين عشرة، وواحد من بين أربعة خضع لفحص الكشف عن الفيروس. ويفاقم من تفشي الوباء، المعدل المرتفع ارتفاعاً استثنائياً لجرائم الاغتصاب في جنوب أفريقيا. ووجد بحث أجراه مجلس الأبحاث الطبية أن 37 في المئة من الرجال في غاوتنغ، وهي المنطقة الأغنى، أقروا أنهم ارتكبوا جريمة اغتصاب لمرة واحدة على الأقل، ولم يبلَّغ إلى الشرطة من تلك الجرائم سوى الربع. ويُتهم الرئيس زوما، متعدد الزوجات والعشيقات، وأبو العديد من الأطفال الذين ولدوا خارج نطاق الزوجية، بتقديمه المثال السيئ في الصراع ضد الإيدز، وهو اتُّهِم مرة بالاغتصاب لكنه برِّئ من التهمة. ورغم ذلك، تقدم زوما أخيراً الصفوف في الكفاح ضد الشعور بالعار والخوف المرتبطين بالفيروس والمرض، وأجرى علناً فحصين (جاءت نتيجتيهما سلبية). كان سلفه مبيكي يرفض دائماً الخضوع لفحص مشابه. وثلثا المحتاجين إلى أدوية الإيدز يحصلون الآن عليها، مع أن الحكومة استبعدت النجاح في بلوغ هدفها القاضي بالوصول الى تغطية ثمانين في المئة من حاجة المرضى بحلول 2011، بسبب قلة عدد الطاقم الطبي على وجه التحديد. وتحيط الأخطار بالامدادات الطبية كذلك، منذ أن بدأت العصابات المسلحة تُغير على عيادات الإيدز وتسلب المرضى دواء «ستوكرين»، لاستخدامه في صناعة مخدر قاتل جديد يدعى «وونغا»، وذلك بإضافته الى الحشيش وسُمّ الجرذان وبعض المكونات الأخرى. وينتشر هذا المخدر الرخيص الجديد انتشار النار في الهشيم في بلدات السود الفقيرة، كما ويحكى عن مفعول قوي للوونغا. وكان للحملة الحكومية لفحص الإصابة بالإيدز، التي أطلقت في نيسان (أبريل) الماضي، الفضل في إخضاع العديد من المواطنين للفحوصات، رغم أن العدد جاء اقل من المليون انسان في الشهر، وهو العدد الذي خُطط له سابقاً. ويُجري المزيد من الرجال حالياً عمليات ختان، بعدما أظهرت أبحاث أنها تمنحهم حماية تصل الى الستين في المئة. ومن بين السكان السود، من جميع الفئات العمرية، أصيب 14 في المئة بالفيروس، مقارنة مع 1.7 في المئة من الملونين (الاشخاص من اعراق مختلطة)، وفقط 0.3 في المئة بين الهنود والبيض. وتذهب بعض الأبحاث الى تفسير هذا الفارق الشاسع في معدلات الإصابة بين الاعراق إلى أن الذكور السود في جنوب أفريقيا يميلون الى تعدد الشركاء في وقت واحد والى ترددهم حيال استخدام الواقي الذكري مقارنة مع المجموعات العرقية الأخرى. ومن دون تغيير السلوك هذا، من المستبعد أن تتغلب جنوب افريقيا على المرض قريباً. * عن «ذي إيكونوميست» البريطانية، 2/12/2010، إعداد حسام عيتاني