ما زال تيار الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد رقماً صعباً في انتخابات الرئاسة الإيرانية، قبل شهرين من اجرائها، على رغم أن المرشد علي خامنئي منعه من خوض السباق، لأسباب يرجّح أنها تتعلّق بالرغبة في تفادي مواجهات مع الغرب، بعد الاتفاق النووي المُبرم مع الدول الست. ويقابل الرغبة في تبريد الأجواء مع الخارج، حرص على إحماء «تنّور الانتخابات»، بما يكفي لإعطاء انطباع بحيوية الاقتراع، وسعي المواطنين إلى مشاركة واسعة فيه، ما يعكس دعماً للنظام وتأييداً له. لكن يبدو أن هذا «التنور» ما زال يحتاج إلى مَن يوقد ناراً فيه ويعطيه جرعة منشطات تجعله حامياً حتى موعد تنظيم الانتخابات في 19 أيار (مايو) المقبل. اعتاد المشهد الإيراني على نمطية الانتخابات، في حال ترشّح الرئيس لولاية ثانية، إذ يعتقد الجميع بأن هذا الرئيس يحتاج إلى ولاية ثانية لاستكمال برامجه. لكن انتخابات عام 2009 التي أتاحت لنجاد تجديد ولايته، بفوزه على منافسَيه الإصلاحيَين مير حسين موسوي ومهدي كروبي، أثارت انطباعاً بإمكان انتخاب رئيس جديد، ولو أن سلفه استكمل ولاية واحدة فقط من 4 سنوات. ويسيل لعاب الأصوليين لكرسي الرئاسة الذي فقدوه في انتخابات عام 2013، بعدما هزم حسن روحاني شخصيات أصولية، بينها سعيد جليلي ومحمد باقر قاليباف وغلام علي حداد عادل ومحسن رضائي. لذلك يحاول الأصوليون في هذه الانتخابات تقديم مرشّح مقبول لدى كل الاتجاهات والأجنحة، لكنهم لم ينجحوا بعد في الاتفاق على هذا المرشح، ما جعلهم يفكرون بجدية في دعوة سادن الروضة الرضوية إبراهيم رئيسي ليكون مرشحهم الذي يستطيع منازلة روحاني في سباق الرئاسة، وهذه أمنية لا يمكن أن تتحقق بهذه البساطة، لارتباطها بمسائل كثيرة مطروحة على الساحة الإيرانية. لكن اللاعب الأقوى في الساحة هو الجناح الذي يقوده نجاد، والذي يسعى إلى إثبات وجوده، إذ أصدر الرئيس السابق ثلاثة بيانات انتخابية، منتقداً الأداء الاقتصادي لحكومة روحاني. كما دفع بمرشح للانتخابات، هو مساعده السابق حميد بقائي، وسعى إلى إبراز دوره دولياً، بتوجيهه رسالة إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وهناك إجماع في الوسط السياسي على عدم تكرار حوادث عام 2009، لكن أنصار نجاد لا يشعرون بارتكابهم خطأً في ذاك العام، يجب تجنّبه، بل يريدون مواصلة ضرب الإقطاعيات السياسية والاقتصادية التي يعتبرون أنها «تتغذى على دماء الإيرانيين»، ويرون أن لكل طبقات الشعب الكادحة الحقّ في أن تشعر بدورها في إدارة شؤون الحياة. ويلوح عامل مهم في أفق الانتخابات، هو نشاط مواقع التواصل الاجتماعي التي تنمو بسرعة هائلة في إيران، لا سيّما مع ارتفاع نسبة الشباب، ما دفع نجاد إلى الاستعانة بتلك المواقع، بعدما سار الإصلاحيون وأنصار الحكومة خطوات متقدمة في هذا المجال، لتبدأ الدعاية الانتخابية غير الرسمية في شكل مبكّر. وكان لافتاً أن هذه المواقع تنشط في طرح آراءٍ وتشكيل رأي عام، من خلال طرح أسئلة للنقاش، مثل وسم (هاشتاغ) «إذا لم يكن روحاني رئيساً ماذا سيحدث؟» في موقع «تويتر». وكتبت بريسا أكبري أن الزعيم الإصلاحي محمد رضا عارف، زعيم كتلة «أميد» (الأمل) البرلمانية، سيُنتخب رئيساً للجمهورية وسيواجه المتشددين. وغرّد مهدي بأن وجود روحاني كشف النفاق، ليعدّل الشعب توجّهاته ويختار رئيساً مقتدراً. أما سعيد فكتب في «تويتر» أن روحاني لم يركّز على كمّ الأفواه، بمقدار ما حاول رفع حالة المشاركة الشعبية. لكن النائب السابق الياس نادران غرّد بأن عدم وجود روحاني يعني عدم وجود «رواتب فلكية»، في إشارة إلى فضيحة تقاضي موظفين بارزين رواتب مرتفعة، على حساب معيشة الإيرانيين.