تسلط قمم حلف شمال الأطلسي «الناتو» الضوء على حال الحلف وعلاقاته بأهم الشركاء الخارجيين. والمقارنة مع القمة السابقة التي عقدت في ربيع 2008، في بورخارست، تظهر أن العلاقات الأوروبية – الروسية – الأميركية تغيرت. ولكن دفء العلاقات بين روسيا وحلف شمال الأطلسي قد يكون عابراً. فالعلاقات بين روسيا و «الناتو» مرتبطة بطبيعة العلاقات الروسية – الأميركية. والسياسة الأميركية الخارجية تتغير على وقع التغييرات الداخلية السياسية في أميركا. واصطدم حلف شمال الأطلسي، منذ أكثر من عامين في أفغانستان، بمشكلات يصعب تجاوزها. ولا تملك واشنطن تصوراً واضحاً لتجاوز المصاعب هذه وتحديد هدف واضح. ولذا، يبدو تعاون روسيا مع الولاياتالمتحدة ضرورياً، سواء أراد الأميركيون البقاء طويلاً في أفغانستان أو الخروج منها في المدى القريب. والحملة العسكرية في أفغانستان هي الحملة الأخيرة التي يستعين فيها الأميركيون على الحلفاء الأوروبيين الذين لن يرغبوا، بعد اليوم، في المشاركة في عمليات عسكرية خارج منطقة الحلف، خصوصاً في عهد تقليص الموازنات الدفاعية الأوروبية. وفي وسع روسيا أن تصبح شريكة الولاياتالمتحدة في حل أي مشكلة إقليمية تبرز في شرق أوروبا ووسط أورواسيا. ولكن التعاون هذا يفترض انتهاج نموذج علاقات جديد. وروسيا ما زالت خارج البنى الأوروبية الأساسية. والنأي هذا عن أوروبا يبعث ريبة متبادلة بين الجانبين، على رغم أن موسكو لا تهدد أوروبا على ما كان يفعل الاتحاد السوفياتي، وخطرها لا يدعو الأوروبيين الى التكاتف. والمسألة الروسية تبعث خلافات حادة داخل الحلف الأطلسي، على ما حصل في 2008. ورؤية حلف الأطلسي الاستراتيجية الجديدة لم تبدد التباس رسالته المستقبلية وتحدد مهمته الأساسية. فثمة خلاف بين دول «الناتو» على دور الحلف المستقبلي. ونجاح التداول حول الدرع الصاروخية الأوروبية هو رهن تفاهم غير معلن يقصر الاتفاق على الخطوط والأفكار العامة. فمناقشة التفاصيل تظهر خلافات كثيرة. ولكن الحق أن روسيا والناتو عاجزان عن النظر الى بعضهما ورؤية العالم حولهما بصورة مختلفة. *محلل سياسي، عن «غازيتارو» الروسية، 18/11/2010، إعداد علي ماجد