ما إن تهل الأيام العشرة الأوائل من شهر ذي الحجة حتى يستنفر المصريون تحضيراً لعيد الأضحى المبارك. وتستعد غالبية سكان القاهرة من غير أهاليها الأصليين، للسفر إلى قراهم ومدنهم، لزيارة الأهل والأقارب. وعلى رغم ذلك، يبقى مشهد الزحام في شوارع القاهرة مألوفاً خلال أيام بيع الملابس الجديدة وشرائها، على رغم ما يدعيه أصحاب المحال غالباً من ركود في الأسواق بسبب تفضيل البعض شراء اللحوم أو تسديد رسوم الدروس الخصوصية. ويفضل المصريون الاجتماع حول مائدة العائلة الكبيرة في البيوت، ومن ثم التنزّه. كما يعد العيد في مصر موعداً محبباً لإقامة الأعراس وحفلات الزواج، وتشهد الأرياف والمدن على حد سواء حفلات زواج لا تُحصى. وعلى رغم اتساع الهوة بين الفقراء والأغنياء في مصر في شكل لافت، فإن المصريين فقراء وأغنياء يتشابهون في طريقة احتفالهم بالأضحى. فبعد صلاة العيد، يتبادل المصريون التهاني ومن ثم تبدأ عملية ذبح الأضاحي حتى ساعات الليل المتأخرة، كل بحسب دوره لدى الجزّار. وتلتف الأسرة المصرية حول سفرة مؤلفة من الأطباق المصرية الشهيرة، والتي اعتادت، جيلاً تلو آخر، على أكلها كل عيد أضحى، ومنها: «الفتة» و «اللحم المشوي» و «الكوارع» و «الكرشة والمومبار». ويفضل البعض أكل تلك الأطباق في الأحياء الشعبية التاريخية في مناطق القاهرة المختلفة مثل «الحسين» و «السيدة زينب»، ومصر القديمة. كما يحرص المصريون على متابعة مناسك الحج أولاً بأول عبر التلفزيون حتى يعايشوا أجواء الحج وقلوبهم متلهفة لاقتناص مكان على الأرض المقدسة العام المقبل. والملاحظ هذا العام أن أسعار اللحوم البلدي ارتفعت في شكل جنوني منذ رمضان الفائت، لتصل ذروتها في عيد الأضحى، ما حضّ الحكومة المصرية على استيراد اللحوم الأثيوبية الرخيصة الثمن للتغلب على انفلات الأسعار الذي تشهده سوق اللحوم البلدي. ويرى فتحي حسين، أحد العاملين في «جزارة» في منطقة الدقي، أن الأسعار الحالية لم تعد في متناول الجميع كما كان سابقاً، وأن هناك موجة عزوف عن الشراء في الأيام الثمانية الأوائل من ذي الحجة، إلا أن المشتري يضطر إلى الشراء بداية من وقفة عرفات ترقباً لأي انخفاض قد تشهده الأسعار. لكنه أكد أن الأسعار مرشحة للارتفاع في الأيام المقبلة، وكلما ضاق الوقت واقترب العيد زادت الأسعار في شكل كبير. ويرى كثير من المصريين أن الأسعار مبالغ فيها جداً، ولم تعد في متناول أيديهم، وأنهم سيلجأون إلى شراء بعض الكيلوات من اللحم بدلاً من شراء الخروف الذي يتراوح سعره بين 1800 جنيه و2000 جنيه، فضلاً عن تسعيرة ذبحه وسلخه. كما تنشط مديريات الشؤون الصحية والطب البيطري والتموين خلال تلك الفترة لإحكام الرقابة على الأسواق ومراقبة الأغذية المعروضة فيها قبل عيد الأضحى المبارك، وخلال أيام العيد، وذلك عبر حملات مفاجئة على محال «الجزارة» وبرادات بيع اللحوم والدواجن المجمّدة وسحب عينات من الأسواق والتأكد من صلاحيتها للاستهلاك الآدمي حفاظاً على صحة المواطنين. وبينما تحصل غالبية القطاعات على إجازة تمتد إلى خمسة أيام، بدءاً من وقفة العيد، تظل هناك مهن لا تتذوق طعم الراحة ولا تشعر باحتفالات العيد وعلى رأسها عمال النظافة والشرطة والمطافئ والإعلام والمستشفيات. وبالتالي، جرى رفع درجة الاستعداد لاستقبال عيد الأضحى، بإلغاء الإجازات الأسبوعية للعاملين في هيئة النظافة، وكذلك إيقاف إجازات رؤساء أفرع النظافة في الأحياء ورؤساء ومراقبي وحدات الرصد حتى بعد انتهاء إجازة العيد. وكذلك الحال بالنسبة إلى القطاعات الأخرى، فيما يظل العاملون في الحقل الإعلامي، سواء صحافة أو اذاعة أو تلفزيوناً، على أهبة الاستعداد لتغطية أي حدث طارئ تشهده مصر المحروسة. نشاط المسارح الى ذلك، تشهد المسارح المصرية نشاطاً لافتاً خلال أيام العيد، إذ تقدم عروضاً عدة في محاولة لاستقطاب الجمهور إلى مقاعد المسارح مرة أخرى بعد فترة من الجفاء، سببها ضعف العروض واستئثار التلفزيون والسينما باهتمامات المصريين. يقدم «البيت الفني للمسرح» التابع لوزارة الثقافة المصرية 10 عروض بين كوميدية واجتماعية، بحيث يرفع الستار ثاني أيام العيد عن عرضين جديدين من إنتاج مسرح الطليعة هما «آخر حكايات الدنيا» تأليف وإخراج محمد الدرة، و «النجاة» عن نص للأديب الراحل نجيب محفوظ وإخراج جلال توفيق. وتعرض على المسرح العائم في القاهرة مسرحية «مولد سيدي المرعب» تأليف الراحل يوسف عوف وإخراج محمد أبو داوود وبطولة رئيس البيت الفني للمسرح الجديد رياض الخولي وانتصار ومحمد شرف، كما يعرض أيضاً «حباك عوضين تامر» على مسرح السلام، تأليف الدكتور سامح مهران وإخراج جلال عثمان وبطولة محمد رياض وليلى طاهر، و «دعاء الكروان» عن رواية الأديب الراحل طه حسين وإعداد رشا عبدالمنعم وإنتاج الفرقة القومية للعروض التراثية، و «صحراوية» تأليف وإخراج عفت يحيى، وإنتاج فرقة مسرح الشباب. ويعرض أيضاً «أحدب نوتردام» في رؤية جديدة للمخرج محمد علام. وللمسارح الخاصة نصيب عبر مسرحية «ترالم لم» للمؤلف أحمد عوض على مسرح «ليسيه الحرية» بطولة الفنان سمير غانم وتأليف أحمد عوض وإخراج هاني مطاوع، ومسرحية «سكر هانم» على مسرح الريحاني إخراج ورؤية جديدة أشرف زكي، وبطولة أحمد رزق وروجينا وعمر الحريري ولبنى عبدالعزيز. إلى ذلك، يعرض مسرح العرائس «سامر وسمر» تأليف منى سلام وإخراج ياسر عبدالمقصود، بينما يقدم المسرح القومي للطفل عرضين هما «كوخ الطيبين» و «الأم الخشبية». كما تعرض فرقة مسرح القاهرة للعرائس مسرحية «كنز الكنوز» تأليف ناجي عبدالله، وإخراج محمد عنتر.