خلص باحثون عراقيون في بابل إلى ان في العراق 14 الف مدمن على المخدرات، وانه اصبح مركزا لنقلها من مناطق «المثلّث الذهبي» (ايران وافغانستان وباكستان) الى دول الخليج وسورية ولبنان، بالاضافة الى بعض مزارعه في عدد من المدن. وتحدث رئيس قسم طب المجتمع في كلية الطب في بابل الدكتور حسن بيعي في ندوة عقدت أمس وخصصت للبحث في انتشار ظاهرة تعاطي وتجارة المخدرات في العراق، بمشاركة مختصين بتاريخها واصنافها وتأثيراتها وطرق الوقاية منها. واشار الى ان «المخدرات تدخل الى العراق عبر ايران وباكستان وافغانستان او ما يسمى بالمثلث الذهبي لتذهب الى دول مجاورة». وتابع أن «ثمة تجارا يروّجون الحبوب المخدرة بين شبابنا كما ان عمل الصيدليات من دون رقابة يساهم في تفشي ظاهرة تعاطيها». انعكاسات الحرب مع ايران واكد ان «مزارع للمخدرات ظهرت في بعض مناطق العراق»، مشيراً الى ان «نمط الادمان اتخذ اتجاهات معينة (...) في الثمانينات حيث ظهر نمط استخدام الادوية الموصوفة والمستنشقات بسبب الحرب العراقية الايرانية و التحاق اعداد كبيرة بالخدمة العسكرية. في التسعينات تعززت ظاهرة سوء استخدام الأدوية الموصوفة لأسباب عدة منها الحصار الاقتصادي وعدم تأهيل ضحايا الحرب وسهولة الحصول عليها». وأشار إلى أنه «بعد 2003 وفي ظل الانفلات الامني والتهريب وسرقة المستودعات الطبية، استمرت الظاهرة بالانتشار حتى شملت طلبة المدارس الاعدادية والمتوسطة وأطفال الشوارع». واوضح ان «عودة المهجرين العراقيين من ايران ادى الى انتشار الترياق و الكوكايين». وأوصى الدكتور بيعي ب «ضرورة التركيز على دور المرشد التربوي في المدارس والتنسيق مع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لتوفير فرص عمل للشباب». وشدد على «ضرورة تطوير القوانين وتعزيز دور الهيئة الوطنية لمكافحة المخدرات وتشكيل فروع لها في المحافظات خصوصاً حيث تنتشر ظاهرة الادمان». إلى ذلك، طالب عميد كلية الدراسات القرآنية عامر عمران الخفاجي بضرورة «ايجاد قنوات خاصة للشباب لاستثمار طاقاتهم». واكد أن سبل الوقاية من المخدرات، من وجهة نظر اسلامية تركز على «دور الاسرة في التربية ومراقبة سلوك الأبناء». وتحدث استاذ علم النفس في الجامعة علي محمود الجبوري عن الآثار النفسية للمخدرات، محذرا من الأعراض المرضية التي يواجهها المدمن، وقد «يؤدي بعضها الى الضياع والانتحار». واكد الباحث الاعلامي فارس عباس السماوي من جهته ان عديد المدمنين على المخدرات في العراق وصل الى اكثر من 14 الف شخص وفق احصاء عام 2007. وقال: «معظم الاسر العراقية لم يكن لديها تصور كامل عن هذه الظاهرة الاجتماعية»، مشيرا الى وجود «نبات الحشيشة و الخشخاش التي تستخرج منها مواد مخدرة في بعض الحدائق المنزلية». وروى السماوي حادثة حصلت لفتاة عراقية لا تتجاوز التاسعة انتابتها حالات من الغثيان المصحوب بالهلوسة وفقدان الذاكرة الوقتي وبعد اجراء الفحوصات الطبية تبيّن انها تناولت كميات من المخدرات وبعد التقصي والبحث اكتشف والدها وجود (زهرة جميلة) في حديقة منزله تقوم الطفلة بتناول اوراقها يوميا وهي زهرة الخشخاش وان الطفلة ادمنت عليها. مزرعة اليوسفية واكد السماوي انه في عام 2006 اكتشفت مزرعة كبيرة في اليوسفية لزراعة المخدرات تناقلت أنباءها وسائل الاعلام الغربية لكن وسائل الاعلام المحلية تجاهلتها وينطبق الحال كذلك باكتشاف مزرعة في ديالى بعد ثلاثة شهور ومزرعة اخرى في منطقة الكفل. ودعا السماوي الى ضرورة استدعاء ضباط مكافحة المخدرات في زمن النظام السابق للاستعانة بخبراتهم مؤكدا اهمية استخدام الكلاب البوليسية المدربة في كشف المخدرات ووضعها في المطارات ونقاط الدخول على الحدود. ودعا الى منح امتيازات للضباط الذين يلقون القبض على تجار المخدرات.