تبنت الحكومة التونسية رسمياً خطةً للتسريح الطوعي لعدد من موظفي القطاع العام بهدف تخفيف الأعباء المالية على موازنة الدولة، على خلفية مطالبة المقرضين الدوليين السلطات العامة بتقليص كتلة الأجور وخفض النفقات وتوجيهها نحو الاستثمار. وصرح وزير الوظيفة العمومية التونسي عبيد البريكي إلى «الحياة»، بأن الحكومة «وضعت رسمياً خطة المغادرة الاختيارية لآلاف من موظفي القطاع العام وتم تحديد نهاية شهر أيار (مايو) المقبل موعد أخيراً لتلقي طلبات التسريح الاختياري». وأوضح البريكي في مناسبة الموتمر الوطني لتحديث الوظيفة العامة الذي افتتحه رئيس الوزراء يوسف الشاهد أول من أمس، أن حكومته «ستبدأ بالإحالة الاختيارية على التقاعد المبكر الذي يشمل من تتراوح أعمارهم بين 57 و59 سنة، وينطلق هذا البرنامج ابتداءً من تموز (يوليو) المقبل ويستمر حتى 30 حزيران- يونيو من العام المقبل». ويستهدف هذا الإجراء، الذي اتُخذ بضغط من المقرضين الدوليين، فئة الموظفين الذين اقتربوا من سن التقاعد (60 سنة) عبر تسريحهم اختيارياً مقابل منحهم امتيازات أخرى كالقروض الميسرة لإنشاء مشاريع استثمار خاصة وإمكان الالتحاق بالقطاع الخاص. ويعمل في القطاع العام في تونس أكثر من 800 ألف موظف حيث تشير الأرقام الرسمية إلى زيادة في عدد الموظفين بنسبة 50 في المئة ومضاعفة كتلة الأجور بنسبة 100 في المئة. وكانت بعثة صندوق النقد الدولي، التي زارت تونس أخيراً، اعتبرت أن نسبة كتلة الأجور بالنسبة إلى موظفي القطاع العام مرتفعة جداً مقارنةً بالناتج الداخلي الخام، وهي من بين أعلى النسب عالمياً، وسط دعوات من صندوق النقد إلى خفض الإنفاق وتقليص كتلة الأجور وتوجيه النفقات نحو الاستثمار. وارتفعت كتلة أجور موظفي القطاع العام في تونس من 2.8 بليون دولار أميركي إلى 5.9 بليون دولار، ما خلق عجزاً في الموازنة نسبته 6.5 في المئة من الناتج المحلي الخام وارتفاعاً في مديونية الدولة إلى 24.5 بليون دولار وفق إحصاءات رسمية. على صعيد آخر، حكمت محكمة تونسية بالسجن 10 سنوات على الرئيس السابق زين العابدي بن علي وزوجته بعد إدانتهما في قضايا فساد جديدة شملت مسؤولين آخرين في النظام السابق. وقال الناطق باسم النيابة العامة في تونس سفيان السليطي، إن المحكمة الابتدائية في العاصمة التونسية أصدرت حكماً غيابياً بسجن الرئيس السابق زين العابدين بن علي وزوجته ليلى الطرابلسي، وتتعلق القضية بتهم «جرائم فساد مالي وإداري في قطاع البيئة» وفق الناطق الرسمي. كما حكمت المحكمة في القضية ذاتها بالسجن لمدة 5 سنوات بحق آخر وزير للبيئة في عهد بن علي، نذير حمادة، إضافة إلى السجن لمدة 3 سنوات بحق مسؤول سابق في وزارة البيئة آنذاك، والحكم ذاته للمدعوة أسماء محجوب بسبب انتفاعها من امتيازات في الوزارة المذكورة بحكم صلة القرابة التي تربطها بليلى الطرابلسي. وكان القضاء التونسي أصدر منذ العام 2011 أحكاماً عدة بالسجن بحق بن علي ومقربين منه في قضايا تتعلق بالفساد واستغلال النفوذ والانتفاع من ممتلكات عامة من جانب عائلته وعائلة زوجته التي فر جزء منها إلى خارج البلاد بينما يقبع الجزء الآخر في السجن. ويعتبر مراقبون أن فساد عائلة بن علي وحاشيته كان أحد أبرز العوامل التي أثارت الانتفاضة الشعبية التي أنهت حكمه في كانون الثاني (يناير) 2011.