يعد المزاح وتبادل المقالب بين الشباب من الظواهر المنتشرة بكثرة في مختلف المجتمعات، وتطورت وسائلها أخيراً باستخدام التقنية. في هذا السياق سرد عدد من الشبان الذين التقتهم «الحياة» بعض القصص والمواقف الطريفة وأخرى الثقيلة. وذكر عبدالمجيد الحربي أنه تفاجأ العام الماضي بورود اتصالات عدة إلى هاتفه الجوال، تحمل استفسارات عن حملة حج مجانية، فيما أوضح المتصلون أن الهاتف الموضوع للاستفسار هو رقمه. ثم اتضح له أن ما حدث كان مقلباً من أحد أصدقائه قام بكتابة رسالة ونشرها في «واتسآب»، ما اضطره في نهاية الأمر إلى تغيير رقمه لصعوبة تصحيح الوضع بعد انتشار الرقم. وتروي حنان قصة أحد أبنائها في المرحلة الثانوية عاد من المدرسة ولم ينتبه إلى أنه لا يحمل حقيبته، ولم ينتبه أحد لذلك، لأنه كان في نهاية الأسبوع. وبعد عصر السبت طلب من شقيقته الصغرى إحضار الحقيبة، لكنها لم تجدها فحدثت مشادة بينهما. وبعدما تأكد بنفسه أن الحقيبة فعلاً غير موجودة. وبعد البحث ومراجعة المدرسة تبين أن أحد زملائه أخذها عند نهاية الدوام وألقاها لدى الحارس، من باب المزاح. لكن صاحبها لم ينتبه لعدم وجودها معه وحمله لها! وعلقت أمل المري في حديثها ل «الحياة» على شخصية من يمارسون المزح بكثرة، وخصوصاً الثقيل منه، بقولها: «إن حياتهم غالباً تكون فوضوية، وشخصيتهم تتسم باللامبالاة، فهم غالباً لا يهتمون بالوقت وبمشاعر الناس. وهم يستخدمون الكذب أو المقالب وسيلة للإضحاك ليلفتوا الانتباه». وتضيف: «بعض المزاح في الأصل مضر، لأنه قد يؤدي إلى الأذية. وهناك قصة أعرفها عن شخص ذهب لمناوبة ليلية، وقام زملاؤه بتكليف العامل الموجود بأن يلقي بعض الحجارة على الغرفة المسبقة الصنع (هنغار) بينما هم يتظاهرون بعدم سماع الصوت، فكان عندما يضرب العامل الغرفة يسألهم: هل تسمعون الصوت؟ فيقولون: لا. وتكرر الأمر حتى اصابته نوبة ذعر معتقداً إن في المكان جنّياً». وتقول سمر الشمراني (طالبة علم نفس): «المزاح الثقيل جداً يستفزني، وذات مرة أصابتني حالة من الخوف، وتنملت أطرافي وارتجفت، وظللت طوال اليوم في حال بكاء بسبب فصل لن أنساه طوال حياتي». وأضافت: «من المؤكد أن من يقومون بالمزاح الثقيل يعتبرونه أمراً عادياً ومضحكاً لكنهم لا يعلمون ظروف الناس الذين يمزحون معهم». وتوضح الإعلامية ريهام المستادي: «لا شك في أن الطرافة مطلوبة بين الأصدقاء المقربين، لكن بحدود، وعلينا قبل إلقاء نكتة أو عمل مقلب معرفة الشخص الذي سيتلقى ذلك، هل هو من النوع المتقبل أو ذو شخصية جادة لا تتقبل المزاح، كي لا نخسره. فكم من أصدقاء خسروا بعضهم بسبب مزاح ثقيل». وهذا ما تؤكده مي في حديثها: «الناس أطباع، هناك من يحب المزاح وهناك من لا يحب ذلك، وأنا من الذين لا يحبون المزاح الثقيل، لأنه أحياناً يسبب الألم». وترى زينب القحطاني أن من يمارس هذا النوع من المزاح جاهل وتنقصه الثقافة بوضع مجتمعه، وأنه يبحث عن الشهرة على حساب مزحه الثقيل، وتقول: «شاهدت شاباً يمر من أمام بعض العمال الذين يعملون في مجال البناء، وهم على ارتفاع دور أو دورين من البناء، فقام بإزاحة السلم من تحتهم وهرب مسرعاً وهو يضحك. فما ذنب العامل مثلاً؟ وماذا استفاد صاحب المقلب؟ هنا أتساءل عن مدى شعوره بالفراغ». وعلقت حنان منصوري (أخصائية تمريض) على موضوع المقالب والمزاح من العيار الثقيل، واعتماد ذلك أسلوباً دائماً بقولها: «إن مثل هذه التصرفات غير مقبولة أبداً، فالمزاح له وقت كما الجد، ومن غير الممكن أن يكون الوقت كله مزاحاً. ثانياً، الذين يتفننون بالمزاح من العيار الثقيل هم غالباً عديمو الإحساس بالآخرين، ومن أصحاب الشخصيات العدوانية». بدورها أوضحت عضو هيئة التدريس بقسم علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتورة فتحية القرشي ل «الحياة» أن الترفيه يعتبر نشاطاً مثل غيره من الأنشطة، يتأثر بالمحيط الثقافي والاجتماعي، وأن المزاح نوع من التواصل، فهو يتأثر بانتشار ممارسات العنف، وقد يستخدم وسيلة للتعبير عن غضب أو تنفيس توتر أو انتقام، ولذلك فإن التجاوزات في استخدام المزاح قد تؤدي إلى نزاعات كما قد تؤدي إلى التعرض للأخطار