صوّب أعضاء مجلس الشورى انتقاداتهم اللاذعة إلى مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، وأكدوا أنها تستهل مطالبة الدولة بزيادة مخصصاتها من دون أن تحقق شيئاً يوازي ما يخصص لها، مطالبين بمساءلة المدينة عن مدى نظامية ابتعاثها غير السعوديين بأعداد كبيرة إلى الخارج لدراسة الماجستير والدكتوراه. وقال العضو الدكتور سعيد الشيخ تضاعفت موازنة المدينة من 2.1 بليون ريال عام 2014 إلى 4.2 بليون ريال خلال 2015، ويصرف منها 90 في المئة على عقود صيانة والمشاريع الرأسمالية، والعجيب أن الكثير من مخرجاتها من الأرواق العلمية ذات الطابع الأكاديمي منشورة في مجلات دوريات غير مجدية، ولم تلتفت المدينة إلى المنتجات الصناعية التطبيقية ذات الاستثمار الاقتصادي للدولة. وأشار، في مداخلته خلال مناقشة تقرير الأداء السنوي للمدينة للعام 1436/1437ه، إلى أن عدد مخرجات العلوم والتقية والابتكار بلغ 21427 مخرجاً مثلت الأوراق العلمية المنشورة في المجلات العلمية منها 96.4 في المئة، بينما بلغت نسبة البراءات الصادرة عن مكاتب البراءات المحلية والعلمية 2.1 في المئة فقط، في حين لم تبلغ نسبة النماذج الصناعية الصادرة من مكاتب البراءات المحلية والعالمية سوى 1.47 في المئة. واستغرب الشيخ أن مهمات المدينة دعم مشاريع البحوث العلمية للأغراض التطبيقية، والعمل على تطوير آليات تحويل مخرجات البحث العلمي والتطوير التقني إلى منتجات صناعية، مشيراً إلى أن أبرز نتائج مشروع المسح الوطني لمؤشرات العلوم والتقنية الذي قامت بتنفيذه المدينة يوضح عكس ذلك. ولفت آل الشيخ إلى أن غالبية البحوث العلمية للمدينة ذات طابع أكاديمي بهدف النشر في الدوريات العلمية والمؤتمرات، مستغرباً لأن مخرجاتها البحثية والنماذج المخبرية قابلة للإنتاج، إلا أن غالبيتها لم تجد طريقها للاستثمار الصناعي، وهو ما يدعونا للقول إن على المدينة مراجعة مهماتها ومسارها البحثي، لأنه إذا كانت أبحاثها قابلة للاستثمار الصناعي ذات الجدوى الاقتصادية لوجدت طريقها إلى الاستثمار، أما إذا كانت من قبيل البحث العلمي في ظل وجود بدائل ذات جدوى اقتصادية فلن يكون هناك سبيل لمخرجاتها البحثية والنماذج المخبرية للاستثمار الصناعي. كما استغرب الشيخ قول مدينة العلوم والتقنية إن الدعم المالي للبحث والتطوير دون المستوى المأمول، وقال: «إننا نجد غرابة في ذلك، إذ إن موازنة المدينة تضاعفت خلال سنة واحدة من 2.1 بليون ريال في عام 2014 إلى 4.2 بليون في عام 2015، والمتأمل لهذه الموازنة يجد أن عقود الصيانة تشكل 26 في المئة منها والمشاريع الرأسمالية تمثل 64 في المئة، أي لهذين البندين ما يبلغ 90 في المئة من موازنة المدينة». وعبر عن اعتقاده بأن المدينة استسهلت الحصول على الدعم المالي من الدولة في حين لم يشجعها ذلك على تمويل نشاطها البحثي إلى عائد مالي، واقتصرت أعمالها مع الجهات الحكومية، بينما نشاطها مع القطاع الخاص محدود جداً، وكان على المدينة التركيز على تحقيق التعاون بينها وبين شركات القطاع الخاص، مؤكداً أن مراكز البحوث في الدول المتقدمة لا تعتمد على الدولة إلا بما يعادل 40 في المئة من موازنتها، وأن 60 في المئة يأتي من خلال نشاطاتها البحثية مع القطاع الخاص. بدوره، تساءل الدكتور محمد الخنيزي عن مدى نظامية ابتعاث المدينة غير السعوديين بأعداد كبيرة إلى الخارج لدراسة الماجستير والدكتوراه، وطالب بالاستفادة من العلماء السعوديين في الخارج من ذوي التخصصات المختلفة، والذين تميزوا في مجالات مختلفة، واستقطابهم للعمل في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية. كما طالب المدينة بالتركيز على بحوث علمية تتناول مواضيع مختلفة منها صناعة الطائرات، وإيجاد الحلول العلمية لشح المياه، والإسكان، والزراعة، والأمراض الوراثية، وغيرها من المواضيع التي تحتاجها المملكة في المستقبل، والتي لا نجد اهتماماً من المدينة بها إلا ما ندر. من ناحيتها، اقترحت الدكتورة سامية العمودي إنشاء وقف استثماري للصرف على البحوث العلمية أسوة بالجامعات العالمية ومراكز البحث الدولية المتقدمة، في حين طالب الدكتور منصور الكريديس بإنشاء صندوق تمويلي تشارك فيه الدولة مع القطاع الخاص، ما يساعد في دعم البرامج البحثية للمدينة. وفي المقابل، أشادت الدكتورة منى آل مشيط بجهود مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية في تصنيع وإنتاج طائرة شحن بالتعاون مع إحدى الشركات الأوكرانية المتخصصة، ودعت المدينة إلى الحفاظ على كوادرها المميزة وعدم تسربهم لجهات أخرى غير بحثية بسبب تدني الحافز المالي، مع استقطاب الكوادر التي تحتاج إليها لمواكبة المستقبل، وطالبت بمزيد من الدعم المالي للمدينة لتوطين المحتوى المحلي التقني. وطالبت لجنة التعليم والبحث العلمي، في توصياتها، مدينة الملك عبدالعزيز بإطلاع الجمهور وخصوصاً الباحثين والطلاب الموهوبين والمبدعين على مشاريعها ومنجزاتها، برفع مستوى وحجم حضورها التوعوي والإعلامي، وبمراجعة أهداف وبرامج الخطة الوطنية للعلوم والتقنية والابتكار(معرفة2)، ومواءمتها مع برنامج التحول الوطني 2020 ورؤية المملكة 2030، وطالبت بتنمية موارد المدينة وتنويع مصادر دخلها.